أجور النقل ترهق المواطن السوري

في السنوات السبع الماضية، كان المواطن السوري، الذي ينتمي للفئات الفقيرة والمتوسطة، يتحمل سوء الأوضاع المعيشية، وقسوة تداعيتها، وهو من يدفع الضريبة الأغلى. فصعوبة المعاناة اليومية، التي يمر بها هذا المواطن، تبدأ وتنتهي دائماً، بأزمة المواصلات التي تفاقمت جداً في الآونة الأخيرة، كما أنها تستوعب بداخلها إشكاليات متعددة، ويكون المتأثر الوحيد بها المواطن.

أجور المواصلات سببت أزمة لشريحة واسعة من أصحاب الدخل المحدود، وخصوصاً الموظفين والطلاب، فالموظف السوري ينفق ما يفوق ٣٠٠٠ ليرة كل شهر، إن لم يضطر كغيره، لاستخدام وسيلة نقل ثانية للوصول إلى المكان الذي يقصده، وبالتالي زيادة تكاليف النقل المترتبة عليه، وتصل إلى ما يفوق ٥٠٠٠ ليرة للفرد الواحد، وإن كان في الأسرة شخصان يستخدمان وسائل النقل العام، ( ربّ الأسرة وطالب)، سيصرف من راتب الموظف، من ٦٠٠٠-١٠٠٠ آلاف ليرة في كل شهر، أي ما يقارب ربع الأجر الشهري، وطبعاً سينفق أكثر من ذلك بكثير، إذا استخدم سيارات الأجرة، التي باتت لا تلتزم بقانون، ولا بعداد أجرة، بل وفق ما يرغب السائق، ويوافق عليه الراكب، وكل واحد حسب هواه، قد ينتهي الاتفاق إلى دفع ٥٠٠-٧٠٠ ليرة لمسافة قد لا تتعدى ٤كم، وقد يطلب السائق ١٠٠٠-١٥٠٠ ليرة لمسافة أطول بقليل، كل هذه المبالغ لا تتناسب مع دخل الطبقات المستنزفة، وخصوصاً أنها تعاني الأمرّين، من الازدحام الخانق، ونقص بأعداد الباصات، ما جعل المواطن يضطر لقطع مسافات طويلة سيراً، لتجاوز هذه العقبات، أو الصعود إلى باصات النقل الجماعي، وتحمل الوقوف بداخلها،على طول المسافة المقطوعة.

تشتكي طالبة جامعية، من أسرة محدودة الدخل، أن مصروفها يذهب جلّه في المواصلات، وأنها لا تستطيع تحمل تكلفة الذهاب يومياً إلى جامعتها، لهذا أصبحت تختار يومين فقط في كل أسبوع، لحضور محاضراتها المقررة عليها، وتقول إن التنقل بالمواصلات أصبح عبئاً على بعض الأسر، لذلك غالباً باتوا يقللون من تنقلاتهم، وتحركاتهم، ويحاولون الاستعاضة عنها بالسير على الأقدام، أو استخدام الدراجة الهوائية.

أما من يقطن في المناطق المحيطة بمدينة دمشق، مثل القطيفة والضمير والناصرية وجيرود ومنطقة القلمون، كل هذه المناطق تخضع لاستغلال أصحاب الحافلات، وخاصة في أوقات الازدحام الشديد، فعلى سبيل المثال منطقة الرحيبة، تعاني من قلة عدد حافلات النقل المخصصة لها، مما يدفع بعض ضعاف النفوس، لمحاولة التحكم بالناس، وطلب زيادة على تعرفة الركوب البالغة ٣٥٠ ليرة، ومنهم من يطلب مضاعفتها، بلا أي إحساس بحجم معاناتهم، فتكلفة التوجه من هذه المناطق إلى مدينة دمشق، والعودة إليها قد تصل إلى ١٠٠٠ليرة في كل مرة.

ربما قد يعتبر البعض، أن المبالغ التي نتحدث عنها قليلة، ولكن في عائلة يعمل بها فرد واحد، أو حتى اثنان، بأعمال لا تؤمن سوى دخل يسد نصف مستلزماتهم، فهم لا يستطيعون تحمل مجموع النفقات الثابتة، التي تواجههم في كل شهر، من إيجار مسكن، وفواتير ماء وكهرباء ومواصلات، فهم يعتبرون كل تجاوز لتعرفة الركوب، مخالفة يجري إهمالها من قبل الجهات الرسمية، التي من واجبها الوقوف في وجه مثل هذه الممارسات، التي تصدر من قبل أصحاب سيارات الأجرة، والحافلات، والحد من طمع بعضهم.

لذلك نطلب من الحكومة السورية تطبيق القوانين والقرارات التي تحدّد تعرفة الركوب، وتعديلها لتصبح مقبولة للمواطن، وفرض غرامات على كل من يخالف هذه التعرفة، أو يستغل حاجة الناس إلى التنقل، ومراقبة مالكي سيارات الأجرة، وإلزامهم بتطبيق التعرفة، وأن تحفظ للمواطن السوري، عدم استغلاله بقطاع النقل، والاهتمام بمتابعة شكاوي المواطنين، وعدم إهمالها، فكم استُغِل الناس، بالكثير من مستلزماتهم الأساسية، واحتياجاتهم اليومية، فالمواطن السوري بات يجد أي مبلغ مادي إضافي عبئاً، وأي استغلال لحاجاته ظلم، يجب محاربته ومنعه من التفاقم.

العدد 1105 - 01/5/2024