كي لا ننسى: إسماعيل طرودي..ابن مدينة حماة..مناضل لا يُنسى

 إسماعيل طرودي، ابن مدينة حماة، المناضل الشيوعي الذي ترك بصماته الواضحة على مسيرة شيوعيي هذه المحافظة لفترة طويلة.

هو ابن عائلة كادحة، انتسب إلى الحزب الشيوعي في أربعينيات القرن العشرين، وهو شابّ بعد، وانخرط في نضال الحزب الوطني والاجتماعي، رابطاً مصيره بمصير الحزب ومصير كادحي البلاد.

إن نشاطه الذي لا يكل، أهّله تدريجياً للارتقاء إلى المواقع القيادية في المنطقة، وقد لعب دوراً هاماً في توسيع صفوف الحزب في حماة وريفها، مع رفاقه وزملائه في الحزب: عدنان مازوني، ومحمد مازوني، ومحمد الحبال.. وغيرهم.

لقد شارك هذا المناضل في جميع الفعاليات النضالية التي كان يقوم بها الحزب، من المظاهرات إلى الاحتجاجات إلى توقيع العرائض، إلى زيارات مواقع عمل الكادحين، إلى النشاطات الاجتماعية المختلفة وتقديم المساعدات إلى المحتاجين.

لا يمكن تعداد المجالات التي ساهم فيها هذا المناضل، وقد اكتسب، لكل ذلك، الاحترام والحب من رفاقه، ومن كادحي المحافظة، وأصبح معروفاً لديهم. وعندما بدأت سلسلة الانقلابات في سورية بدءاً من حسني الزعيم إلى الشيشكلي،
في محاولة لإيقاف التطور الديمقراطي في البلاد وحرفها عن مسارها الوطني، وضمها إلى الأحلاف الاستعمارية، تعرضت القوى الوطنية في البلاد لحملات من الاضطهاد والتنكيل، وزج مئات المناضلين في السجون المختلفة، وتعريضهم للتعذيب.

يُعتقل اسماعيل طرودي في عهد الشيشكلي، ويُزجّ به في سجن تدمر، مع الكثير من الشيوعيين والوطنيين الآخرين، ويلقى التعذيب، بيد أنه لم يتراجع عن مواقفه وبقي ثابتاً باعتزاز، واثقاً بنفسه، وبعدالة القضية التي دخل من أجلها السجن.

في عام 1953 ونتيجة شعور الشيشكلي بعزلته الداخلية، وخصوصاً أنه كان ينوي إجراء انتخابات عامة في البلاد، يلجأ لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين من السجون، ويستدعي وفداً من الشيوعيين المعتقلين في سجن تدمر، لمقابلته في مقر الأركان العامة، في محاولة منه لمهادنة الشيوعيين.

كان الوفد مؤلفاً من إبراهيم بكري، ودانيال نعمة، وإسماعيل طرودي، وبدر مرجان، وانضم إليهم عبد الكريم طيارة. وكان موقف الوفد شجاعاً لدرجة أن عبد الكريم طيارة قال له مباشرة: (أما أنك عميل للأمريكان، فهذا صحيح، وأما نحن فأصدقاء الاتحاد السوفييتي).

كانت جرأة هؤلاء الشيوعيين مدعاة احترام جميع الوطنيين في سورية، ولقد أدى نضال الشيوعيين مع غيرهم من الوطنيين الآخرين إلى تمهيد المناخ الشعبي والوطني، لسقوط ديكتاتورية الشيشكلي، وقيام الحكم الوطني، الذي ترك بصمات إيجابية كبيرة على البلاد لا تزال آثارها باقية إلى وقتنا الحاضر.

إن التراث الغني لهذا المناضل الذي ربط مصيره بمصير كادحي بلده، وبقي مخلصاً لهم حتى نهاية حياته، يستحق أن يحيا دائماً في ذاكرة الأجيال الجديدة الشابة، من المناضلين الذين يواصلون درب آبائهم وأجدادهم، لأجل السيادة الوطنية والديمقراطية والعدالة.

 

العدد 1105 - 01/5/2024