الشراكة.. لا الابتلاع..

كتب المحرر الاقتصادي:

الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي شكل من أشكال التعددية الاقتصادية، ويمكننا أن نعدها ركناً رئيسياً من أركان التنمية في البلدان النامية، وهي مظهر من مظاهر مشاركة الرأسمال الوطني في الخطة الاقتصادية للدولة.

لقد تسببت الأزمة.. وغزو الإرهاب بأضرار بالغة لقطاعات الإنتاج.. والرساميل.. والمصارف.. والاستثمارات.. والاستهلاك.. والادخار، أي بكلمة واحدة تراجعت جميع المؤشرات الاقتصادية، وخاصة في ظل الحصار الاقتصادي الجائر الذي فرضته الإمبريالية الأمريكية وحلفاؤها على سورية.، لذلك نعتقد أن جوهر مبدأ التشاركية في الوقت الراهن عليه أن يتسع لمضامين أوسع، تأخذ بالحسبان لا المشاركة بين الدولة والقطاع الخاص المنتج في هذا المصنع أو ذاك.. أو تطوير حقل نفطي أو غازي في هذه المحافظة أو تلك، بل يتسع ليشمل شراكة حقيقية من أجل إعادة إنهاض الاقتصاد السوري وقطاعاته المنتجة، وخاصة الصناعة والزراعة وبنيتهما التحتية.

في العقد الماضي تبين بشكل جليّ أن ملكية الدولة، وإدارتها للقطاع العام الاقتصادي والمرافق الحيوية كالكهرباء والمياه والموانئ والمطارات والطرق، كانت محط أنظار بعض مهندسي الاقتصاد السوري، وبعض النخب الثرية(البازغة) الذين يعتقدون أن هذه الملكية، وتلك الإدارة تقف عائقاً أمام سيادة السوق. ولم يقتصر الأمر في التصويب على ملكية الدولة على الجانب المحلي، بل قدمت المؤسسات والهيئات الدولية نصائحها بضرورة تفكيك هذه الملكية، فقد صرح ممثل الاتحاد الأوربي في سورية عام 2008 بأن : (الاتحاد الأوربي يؤمن بأن عملية الإصلاح التي تبنتها سورية مهمة وفي الاتجاه الصحيح، وكفيلة بفتح الأبواب أمام اندماج سورية الكامل في الاقتصاد العالمي. وغني عن القول أن الخصخصة وتفكيك الاحتكارات العامة هما أحد متطلبات هذا الاندماج).

التشاركية بين الدولة والقطاع الخاص المنتج لتنفيذ خطط الحكومة في إعادة الإعمار ضرورة تمليها الظروف السورية… أما التشاركية بهدف الخصخصة.. وابتلاع القطاع العام والمرافق الحكومية، فنراها انسياقاً وراء المخططات التي رُسمت في الماضي، وترسم اليوم للتوجه نحو الاقتصاد النيوليبرالي.. المتوحش،الذي تسيّره آليات السوق الحرة من القيود الاجتماعية والإنسانية.. وحرمان الفئات الفقيرة والمتوسطة من السند الحقيقي في مواجهتهم لتغوّل السوق..

انتبهوا يا سادة.. القطاع العام أداة الحكومة في تنفيذ الخطط الاقتصادية والاجتماعية،فلا تضحّوا به على مذبح (التشاركية).

العدد 1104 - 24/4/2024