الشباب والعمل التطوعي

يقاس وعي الناس وترابطهم، بمقدار إحساسهم بالمسؤولية اتجاه مجتمعاتهم التي يعيشون فيها، وقد أثبت الكثير من شباب بلادنا وعيهم بضرورة تقديم يد العون للمتضررين بهذه الحرب، عبر إنشائهم لفرق تطوعية، تهدف إلى مساعدة الآخرين في كل وقت. وبالرغم من أن فكرة العمل التطوعي كانت موجودة، غير أنها لم تكن فاعلة قبل الحرب، ولكنها في السبع السنوات الماضية ظهرت بقوة وزاد انتشارها، واستطاعت كسب ثقة الناس الذين لاحظوا شغف المتطوعين، وصدقهم في مساعدة كل من يحتاجهم.

فقد تجاوزت أعداد الفرق التطوعية العشرات، وضمت المئات، كما شملت أعمالهم شتى المجالات، من جمع قرطاسية للمواسم الدراسية، إلى تجهيز ملابس للشتاء، وتوزيعها لمن يحتاجها، ومبادرات لا تنتهي كإفطار صائمين، وتوزيع سلل غذائية، وإفراح الأيتام ودعم المرضى نفسياً، بزيارة المشافي وبشكل محدد المخصصة للأطفال، إضافة إلى تنظيم (بازارات) يعود ريعها للفقراء.

كل هذه الأعمال جعلت من التطوع، لدى هؤلاء المتطوعين، حالة تمثل أسمى أشكال الإخاء والإنسانية بين البشر، لم تمنعهم شمس حارقة، ولا برد قارس، فهم من ذلّل الصعاب في سبيل رسم ابتسامة فرح على وجه محتاج ومريض وطفل صغير.

أعمال هذه الفرق التي تفخر أنه مر على إنشائها أكثر من خمس سنوات، ومنها من تجاوز العام بقليل، لا يمكن تقديرها باحتساب سنوات عملهم، بل بحجم إنجازاتهم،  ومساعداتهم التي لم تتوقف لأبناء بلدهم، ويؤكدون عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أنهم مستمرون في العطاء كما يظهرون من خلالها أعمالهم، فقد نشر فريق عمّرها التطوعي على صفحة الفيسبوك الخاصة به، بمناسبة مرور سنة على تشكيل الفريق، وقالوا أنها: (سنة كانت حافلة بالمبادرات والنشاطات، على كل المستويات، وتكللت بالنجاح رغم كل الصعوبات والتحديات و العوائق اللي وقفت بطريقنا، بس ما خلتنا نستسلم أو نتراجع عن الحلم و الواجب اللي عم تفرضوا علينا ظروف الحرب اللي عم نعيشها و نتائجها المدمرة للبشر قبل الحجر، مستمرين بفعل الخير، بدعم كل أهل الخير لحتى نضل إيد وحدة و واقفين حد بعض بالمحبة والإنسانية، هالبلد مسؤوليتنا، وانشالله نكون قدّ المسؤولية).

وغيرهم الكثير مثل فريق كنّا وستبقى، بصمة شباب سورية، شآم، سند، مسار….

وتبعاً لأهمية العمل التطوعي، ودوره الكبير والفعال في بناء الإنسان والمجتمع، علينا أن نعمل على نشر ثقافة التطوع، وتأكيد أهميته في هذه الفترة وفي المستقبل، وتشجيع المواطنين وخصوصاً الشباب، للاستفادة من أوقات فراغهم، وطاقاتهم في مساعدة الآخرين، وبرأيي أنه على الحكومة العمل على توعية المجتمع أكثر، بأهمية الأعمال التطوعية، لما سيكون لهم دور أكثر وضوحاً، بعد انحسار هذه الأزمة، والتنسيق مع هذه الفرق في سبيل تنظيم الجهود، وتوسيع نطاق الأماكن التي يجب الوصول إليها، ومساعدتها في شتى المجالات.

 

العدد 1105 - 01/5/2024