المنهاج المدرسي ومستلزمات تنفيذه

 يتفق علماء التربية ومفكروها، على أن أفضل طريقة لتحسين التعليم هي تطوير المنهاج الدراسي. ويعتقد كثيرون من غير المختصين أن المنهاج هو الكتاب المدرسي فقط، وفي الواقع فإن المنهاج هو كل نشاط أو سلوك يمارسه المتعلم داخل المدرسة او خارجها تحت إشراف المؤسسة التربوية، والكتاب المدرسي هو أهم جزء في المنهاج وليس كله، فالألعاب الرياضية، والرحلات العلمية، وارتياد المسارح وأعمال النظافة داخل المدرسة، والاهتمام بأثاثها، والامتحانات التي تُجرى بإشراف المؤسسة التربوية وتوجيهها، هي كلها من مكونات المنهاج. ولكن يبقى الكتاب المدرسي هو الهيكل العظمي والحامل الرئيسي للمنهاج، إذ يقوم المعلمون والمشرفون على العملية التربوية بإكسائه لحماً وجلداً وضخ الدم فيه ومنحه روحاً، فيغدو بالصورة الجميلة التي نريدها.

إن الغاية الرئيسية من العملية التربوية برمّتها هي الوصول إلى النموذج الإنساني الذي نريد لشبابنا أن يكونوا عليه، وتنفيذ المنهاج يحتاج إلى كتاب يؤلّف داخل غرفة الصف، بإشراف مدرسين يتمتعون بالخبرة العلمية والتربوية، ويحملون شهادات أكاديمية بتلك الاختصاصات، ولديهم فكرة جيدة عن فلسفة التربية، وثقافة المجتمع، وسوق العمل، وماهية المخرج التربوي الذي يطمح إليه المجتمع، وملمّين بتجارب الدول التي لها بصمة مميزة في العملية التعليمية والتربوية، ولا يكفي إذاً أن يقوم بذلك لجان في غرف مغلقة، معزولة عن واقع المجتمع، بعيدة عن حاجات الشرائح المستهدفة بالمنهاج وحاجات سوق العمل.

إن تنفيذ المنهاج يحتاج إلى معلمين ومشرفين أكاديميين يتمتعون بروح القيادة والإقدام والشعور بالمسؤولية، ويحملون ثقافة الانتماء إلى المؤسسة التربوية الوطنية، لا إلى موظفين دفعتهم الحاجة إلى العمل في المؤسسة التربوية. يُضاف إلى ذلك: توفير البنى التحتية اللازمة التي تساعد على تنفيذ هذا المنهاج، دون معوقات مادية، كي لا يفقد المنهاج روحه ومضمونه، فيحول دون الوصول إلى الهدف النهائي للعملية التربوية. كما يحتاج أيضاً إلى نظام امتحاني مرن قابل للتنفيذ يواكب العملية التربوية خطوة بخطوة، ويقيس مدى تطور الشخصية المستهدفة من العملية التربوية ونموها، والعمل على إنتاج أفكار تربوية إبداعية تساعد على تطبيق المنهاج في البيئات المختلفة وفي الظروف المتاحة أو الطارئة، بما يجعل المدرسة أفضل مكان يقضي فيه الطالب وقته. عندئذٍ يمكننا القول بأن المنهاج سوف ينفّذ، وعندئذٍ ستكون مخرجات العملية التربوية شخصيات متزنة مبدعة تتمتع بالتفكير العلمي المنطقي، وقادرة على بناء الوطن.

سوف نتعرض لجميع مكونات المنهاج من حيث بنيتها ومعوقات تنفيذها في أعداد قادمة.

العدد 1105 - 01/5/2024