الرئيس الأسد: كل ما يرتبط بمصير ومستقبل سورية هو موضوع سوري مئة بالمئة

الرئيس الأسد: كل ما يرتبط بمصير ومستقبل سورية هو موضوع سوري مئة بالمئة ووحدة الأراضي السورية من البديهيات غير القابلة للحديث أو النقاش

أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن التوجهات المستقبلية للسياسة السورية تقوم على الاستمرار في مكافحة الإرهابيين وسحقهم في كل مكان، والمصالحات الوطنية التي أثبتت فاعليتها بأشكالها المختلفة، وزيادة التواصل الخارجي والتسويق للاقتصاد الذي دخل في مرحلة التعافي.

وأوضح الرئيس الأسد، في كلمة له خلال افتتاح مؤتمر وزارة الخارجية والمغتربين يوم الأحد 20/7/2017، أن الأسس التي تبنى عليها السياسة السورية في هذه المرحلة أن كل ما يرتبط بمصير سورية ومستقبلها هو موضوع سوري مئة بالمئة، وأن وحدة الأراضي السورية هي من البديهيات غير القابلة للنقاش، وأننا لن نسمح للأعداء أو للإرهابيين بأن يحققوا بالسياسة ما عجزوا عن تحقيقه بالميدان وعبر الإرهاب، مبيناً أن الدول التي تريد إقامة تعاون أمني مع سورية أو فتح السفارات عليها قطع علاقتها مع الإرهاب والإرهابيين.

(النور) تنشر هنا فقرات مما جاء في هذه الكلمة:

قال الرئيس الأسد:

محصلة هذا الصراع حالياً هو قوّتان: الأولى، تعمل لصالح النخب الحاكمة ولو أدى ذلك لخرق كل القوانين الدولية والأعراف وميثاق الأمم المتحدة وغيرها، ومقتل الملايين من الأشخاص في أي مكان من العالم.  والقوة الثانية في المقابل تعمل من أجل الحفاظ على سيادة الدول والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وترى في ذلك مصلحة لها واستقراراً للعالم.

وتابع الرئيس الأسد: هذه هي محصلة القوى الحالية، ولو أردنا أن نتحدث عن الوضع العربي في ظل محصلة هذه القوى فنقول إن الوزن العربي هو صفر وبالتالي هو صفر في محصلة هذه القوى، لذلك لا أرى من الضرورة أن نتحدث عن الوضع العربي على الإطلاق لأنه غير موجود على الساحة السياسية الدولية. بغض النظر عن محصلة القوى والتوازنات الموجودة ومن يربح ومن يخسر، دائماً الدول الصغرى أو الأصغر هي التي تدفع ثمن هذا النوع من الصراعات. وفي سورية دفعنا ثمناً غالياً في هذه الحرب ولكن مقابل إفشال المشروع الغربي في سورية والعالم.

وقال الرئيس الأسد: وطبعاً عندما نقول مشروع غربي فجوهر المشروع الغربي، بالنسبة لنا له أوجه عديدة ولكن بالنسبة لمنطقتنا العربية والشرق الأوسط كان جوهر هذا المشروع هو أن يحكم الإخوان المسلمون هذه المنطقة باعتبار أنهم يمثلون الدين، وبالتالي يستطيعون أن يسيطروا على مجتمع وشارع متدينٍ من خلال الغطاء الديني ويقودون هذا الشارع باتجاه المصالح الغربية، وهذا هو دور الإخوان التاريخي. ولكن عندما أتحدث في هذه النقطة عن إفشال المشروع الغربي لا يعني أننا انتصرنا، كي نتحدث دائماً في الإطار الواقعي ولا نبالغ، هم فشلوا ولكن المعركة مستمرة.

وتابع الرئيس الأسد: أين نصل لاحقاً؟ متى نتحدث عن الانتصار؟ هذا موضوع آخر؛ لذلك يجب أن نكون دقيقين؛ هم فشلوا حتى هذه اللحظة ونحن لم ننتصر أيضاً حتى هذه اللحظة. ولو أن بوادر الانتصار موجودة ولكن البوادر شيء والانتصار شيء آخر. قد يقول البعض لكنهم حققوا هدفهم فقد دمروا سورية، وأنا أقول بكل بساطة إن تدمير سورية لم يكن هدفهم، كان المطلوب أن يستحوذوا على سورية سليمة معافاة؛ ولكن خاضعة وتابعة، وهنا يكون الجواب لمن يفكر في حسابات الربح والخسارة، أن سورية الخاضعة والتابعة أو الخانعة لا يمكن أن تستمر وسوف تتحلل وتتفتت وتذوب. لذلك في حسابات الربح والخسارة، أكرر ما قلته في عام 2005 منذ حوالي 12 عاماً، بأن ثمن المقاومة هو أقل بكثير من ثمن الاستسلام.

وأضاف الرئيس الأسد: كانوا يتحدثون في ذلك الوقت عن الشجرة والعاصفة، يعني أن الشجرة تنحني إذا كان هنالك عاصفة وعندما تمر العاصفة تعود الشجرة للانتصاب. وكان جوابي في ذلك الوقت لكن عندما تكون القضية ليست عاصفة، بل جرافة تنزل تحت الأرض وتضرب الجذور فلا قيمة عندها للانحناء. الحل الوحيد هو في أن تكون الجذور صلبة لكي تحطم الجرافة. مع كل أسف هناك من يتحدث باللغة نفسها بعد 12 عاماً ولم يتعلم الدروس، مع أن هذه التي يسمونها عاصفة – وهي ليست كذلك- لم تبدأ بحرب العراق، بدأت في حرب العراق وإيران عام 1980 ولاحقاً في دخول الكويت، وبعدها غزو العراق 2003، والآن نرى استمرارها في منطقتنا وفي سورية. فإذاً ما يحصل لا عاصفة ولا شجرة ولا جرافة، الحقيقة ما يحصل هو مقصلة موضوعة على رؤوس الجميع في هذه المنطقة، وبدأت المقصلة بالقطع وحصدت أرواح الملايين، والانحناء لا يفيد في هذه الحالة، إما أن تسحب الرؤوس من تحتها أو أن تُدمَّر المقاصل، لا يوجد حل آخر.

وأوضح الرئيس الأسد: عندما أخذنا موقفاً من حرب العراق في عام 2002 لم يكن فقط مجرد موقف مبدئي ضد الغزو، هذا كان أحد الجوانب؛ ولكن الجانب الأخطر هو ما كان يحضّر للعراق في ذلك الوقت من طروحات طائفية وفدرالية نراها اليوم نفسها في سورية، فكنا نرى في ذلك الوقت أن ما يحصل في العراق ليس مجرد غزو، ليس عاصفة، العاصفة تأتي وتذهب، أما مخطّط يستمر لثلاثة عقود على الأقل والآن اقترب من العقد الرابع، فهذا ليس عاصفة، هذا مخطّط، الموضوع مختلف.

وقال الرئيس الأسد: إذا كانت الإنجازات الميدانية قد تحققت بعزيمة أبطال القوات المسلحة والجيش والقوات الرديفة، فإن دعم أصدقائنا المباشر لنا، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، جعل إمكانية التقدم الميداني أكبر وخسائر وأعباء الحرب أقل وبالتالي فهم اليوم شركاؤنا الفعليون في تلك الإنجازات نحو دحر الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار لسورية. وإذ يكتب الشعب العربي السوري ومعه القوات المسلحة اليوم، تاريخاً جديداً لسورية وللمنطقة بشكل عام، فهناك فصولٌ ستكتب عن أصدقائنا، عن إيران والإمام خامنئي، وعن روسيا والرئيس بوتين، عن حزب الله والسيد حسن نصر الله، ستُكتب هذه الفصول عن تمسكهم بمبادئهم، عن أخلاقهم، عن مناقبيتهم لتقرأها الأجيال المقبلة.

وأضاف الرئيس الأسد: ماهي التوجهات المستقبلية للسياسة السورية؟

نبدأ من القاعدة التقليدية والكلاسيكية التي كررناها منذ الأيام الأولى للحرب والتي ترتكز على نقطتين، الأولى، هي الاستمرار في مكافحة وسحق الإرهابيين في كل مكان بالتعاون مع القوات الرديفة وبالتعاون مع الأصدقاءـ أما النقطة الثانية، فهي الاستمرار بالمصالحات الوطنية في كل مكان، حيث أثبتت فعاليتها بأشكالها المختلفة وهي بالنسبة لنا فرصة لحقن الدماء ولإعادة البناء. الامر الثاني هو زيادة التواصل الخارجي.

الأمر الثالث هو التسويق للاقتصاد، ومؤتمركم هذا يتزامن مع معرض دمشق الدولي الذي يعطي إشارة كبيرة في هذا الاتجاه. التسويق للفرص الاقتصادية التي أصبحت متاحة مؤخراً أو التي من الممكن أن تكون متاحة في المستقبل القريب، دعوني أقول إن الاقتصاد السوري دخل في مرحلة التعافي، ولو بشكل بطيء جداً، ولكن بشكل ثابت بالرغم من أننا محاصرون، إن لم نقل بشكل كامل فهو شبه كامل، وهذا ايضاً من مهام الدبلوماسية السورية.

الأمر الرابع وهي نقطة هامة، علينا أن نتوجّه سياسياً واقتصادياً وثقافياً، شرقاً، وهنا كلمة شرقاً بالمعنى السياسي، والجغرافي في جزء منها. هذا الشرق اليوم، من دون تحديد الدول، وأنتم تعرفونها كدبلوماسيين، يمتلك كل مقومات التطور، لم يعد الشرق كما كان يعتبر في الماضي عالماً ثانياً، أصبح عالماً أول بكل ما للكلمة من معنى، على الأقل بالنسبة لاحتياجاتنا كدول نامية.

وقال الرئيس الأسد: ماهي الأسس التي تبنى عليها السياسة السورية، خاصة في هذه المرحلة، مرحلة الحرب:

أولاً_ كل ما يرتبط بمصير سورية ومستقبل سورية، هو موضوع سوري مئة بالمئة، وليس 99 بالمئة، بل مئة بالمئة، حتى الأصدقاء يقولون هذا الكلام بشكل واضح، النصائح نقبلها من أي طرف، ولكن عندما نأتي إلى القرار فلن يكون إلا قراراً سورياً.

ثانياً_ وحدة الأراضي السورية هي من البديهيات غير القابلة للنقاش على الإطلاق.

ثالثاً_ هوية سورية، الهوية الوطنية موجودة، ولكن جوهر هذه الهوية السورية هو العروبة بمعناها الحضاري الجامع لكل أبناء الوطن ولكل أطياف المجتمع.

النقطة الرابعة: لن نسمح للأعداء والخصوم أو للإرهابيين، عبر أي إجراء بأن يحققوا بالسياسة ما عجزوا عن تحقيقه بالميدان وعبر الإرهاب.

النقطة الأخيرة: الحرب لن تغير شيئاً من مبادئنا، ما زالت قضية فلسطين جوهرية بالنسبة لنا، ما زالت إسرائيل عدواً يحتل أراضينا، وما زلنا داعمين لكل مقاومة في المنطقة طالما أن هذه المقاومة حقيقية وليست مزيفة كما هو حال بعض المقاومات.

 

العدد 1105 - 01/5/2024