القلب والعقل.. صورة الحب المفقود!

لم يعد القلب رمزاً للحب!

هذه المقولة هي آخر ما استجد على الحوار الذي يجري في كواليس الأزمات المتتالية التي نعيشها، ونحن من الذين مازلنا نبحث في جذر الأشياء عن أمل دون ملل.

أخافتني هذه الحقيقة، فالقلب بالنسبة لي هو مركز الحب ورمزه. أخافتني هذه الفكرة، على الأقل لأنني أكتب زاوية منذ نحو عشر سنوات بعنوان: من القلب إلى القلب. أقصد منها أن تعبر كل وجهات نظري من قلبي إلى قلوب الناس عامرة بالمحبة. وكانت أول زاوية منها أشبه برد على صديق لي كان يود كسر حدة مقولة التواصل هذه بمقولة أخرى تقول: من القلب إلى العين! لأن التلفزيون هو الصورة، والزاوية موجودة في أرشيف الصحافة السورية!

لماذا لم يعد القلب رمزاً للحب؟

بماذا يفكر أصحاب هذه المقولة المباغتة؟!

جاءني الجواب ليخيفني أكثر: لأن كثيرين يحاولون تحويل القلب إلى رمز للضغينة والكراهية، يا ألله.. هؤلاء الكثيرون لهم رأيهم ولي رأيي، وبين الرأيين اللذين أتحدث عنهما مسافة طويلة هي المسافة بين نقيضين. المسافة بين المحبة والكراهية، بين الحياة والموت، فهل يعقل أن يكون القلب مكاناً للكراهية والموت، وبالتالي رمزاً لها؟!

سأطرح السؤال على نحو آخر: هل تغيرت طِباع الناس لتكتشف في لحظة ما أن المفاهيم تغيرت! هل تغيرت الدنيا على نحو هزلي، وصار العاشق يهز رأسه كبندول الساعة أو كجهاز خليوي يعمل على (الرجاج) بدلاً من أن يخفق قلبه؟ أو ربما يصبح السؤال على صيغة المجاهيل: ذاك الذي يحب/ وذاك الذي يكره يحتاج كل منهما إلى تحديد لمكان المشاعر!

لا..

مازال القلب رمزاً للمحبة. وعندما يُعبّر العقل عن مشاعر الحب سيكون القلب وعاء تلك المشاعر. هذه ليست حقائق فيزيولوجية، هذه حقائق اجتماعية مثبتة في التاريخ والأركيولوجيا، يراد تحطيمها للبناء على أنقاضها بصيغة التدمير الذي لا يريده أحد!

في سورية لن تتغير المفاهيم، والسوريون يعرفون أين تتجه مشاعرهم. تتجه تلقائياً ليكون الحب في القلب والعقل معاً. لايمكن للسوريين إلا أن تخفق قلوبهم بمحبة بعضهم بعضاً، فالأرض الطيبة التي عمرت حضارات لاتحصى لايمكن أن تنبت إلا قمحاً وشجراً وزيتوناً… لايمكن لهذه الأرض إلا أن تنبت خيراً مستمراً كما فعلت في كل أحقاب التاريخ الطويل،  ثم من قال لكم: إن الأرض السورية انهزمت أمام الكراهية والعدوان على مر التاريخ؟

سيظل القلب السوري رمزاً للحب، مادامت أزهار شقائق النعمان تنبت على أرض السوريين!

العدد 1104 - 24/4/2024