«اشترٍ من الإنترنت! »… هل يتقبّل التجار فكرة انخفاض الأسعار؟

بعد الغلاء الكبير الذي شهدته سورية خلال سبع سنين من الحرب، هل يتقبّل التجار فكرة انخفاض الأسعار؟

وهل المسؤولية ستكون على عاتقهم فقط إزاء قرارات وزارة التجارة الداخلية أم أن ثمة واجبات على الجميع؟!

لقد أثارت تصريحات مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية استهجان كثير من أصحاب الفعاليات التجارية، بعد أن أكد أمام وسائل الإعلام أن عناصر حماية المستهلك في المحافظات يعملون على تشديد الرقابة على الأسواق ومعرفة مدى تقيد التجار بالأسعار الجديدة التي وضعتها الوزارة. ولعل استهجانهم هذا كان لعدم معرفتهم أصلاً بالأسعار الجديدة التي وضعتها الوزارة، والسبب بحسب ما أشاروا إليه أن القرار لم يصلهم وأنهم لم يروا مراقباً تموينياً واحداً يبلغهم القرار.

 وأكّد صاحب بقالية أن هذه القرارات لم يسمع بها سوى على شبكات التواصل متسائلاً: ما الأساس الذي اعتمدته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في وضع تلك الأسعار؟ موضحاً أن مادة المتة مثلاً تصله من التاجر بسعر 512 ليرة للباكيت الواحد، فكيف سيقـوم ببيعها حسب تسعيرة الوزارة؟

 أما (أ.ك) وهو صاحب محل معجنات، فلم تكن دهشته من سؤالنا عن تخفيض الأسعار بأقل من دهشة جاره مستغرباً أن تقوم الوزارة بتحديد أسعار للمعجنات وهي عاجزة عن ضبط أسعار المواد والسلع في الأسواق، مطالباً الوزارة أن تضبط أسعار الجبنة واللحوم والمرتديلا وو.. إلخ حتى يستطيع جميع أصحاب الحرفة من تخفيض أسعارهم، وإلا فإن معيار الحساب الذي اتبعته الوزارة يبقى خارج نطاق المنطق!!

 والتاجر (خالد. ش) أكد أن على دائرة حماية المستهلك، إن أرادت أن تحاسب بشكل صحيح، أن تحـدد الأسعار بشكل صحيح (سعّر صح وحاسب صح) وإلا فإن أي مخالفة تقوم بضبطها لن تكون محقّة!

وبالتواصل مع بعض الجهات المعنية في المحافظة بتنفيذ القرارات تبين أن تعليمات الوزارة وقرارات تخفيض الأسعار لم تصل بالفعل إلى معظم المناطق، طبعاً مع التأكيد أنه في حال وصولها سيتم تنفيذها بشكل فوري.

وهذا يدفعنا إلى ضرورة توضيح واقع الحال لمدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية بأن عناصر حماية المستهلك في المحافظات ربما يعملون على تشديد الرقابة على الأسواق، ولكن في حال إبلاغهم قرارات الوزارة!

أما إذا ذهبنا قليلاً إلى وجبات الطعام السريعة فلن نهمل الضجة التي أثارتها قرارات تخفيض سعر الشاورما على ألسنة العامّة، وهذا بالطبع يعود إلى تخفيض سعر(الفرّوج النيّئ).

إلا أنّ السؤال: هل هذا التخفيض له مكانٌ في الواقع أم أنه كما قيل فقط على مواقع التواصل؟؟!

وصل عبد إلى المحل الذي كان يلقي التحية على سيخ الشاورما الخاص به كل يوم، دون أن يتمكن من مجرد التفكير أن يقترب لمصافحته خوفاً من الأسعار الكاوية وتأكد من صحة الخبر، ثم قال: (نعم الخبر صحيح لقد أصبح سعر سندويشة الشاورما 275 ليرة فقط، لكن ليس سعرها وحده  الذي (كشّ) إنما حجمها أيضاً).

وأكد أحمد أن بعض المحلات الأخرى التي خرج يبحث فيها عن سندويشة شاورما بحجم مقبول وبالسعر الجديد، أصبحت تنتقم من المواطن على خلفية السعر الجديد، إذ يلجأ أحد المحال الشهيرة جداً إلى لف السندويشة دون وضع كريم الثوم عليها، بينما يقدمها محل آخر لا يقل شهرة دون تسخينها ولا يضع المخلل داخلها، وإعطائها للزبائن بضربة منّية كبيرة.

والغالبية العظمى يسدّون عليك الحديث بجملتهم الفريدة: (عجَبَك…عجبك، ما عجبك تصطفل!).

وإذا واجهتهم بأن التسعيرات موجودة على مواقع التواصل فيردّ بكل برودة: (روح اشتري من النت!!).

هذا هو وضع السوق الراهن للأسف في ظلّ التخبّط بالأسعار، فالأزمة السورية أصبحت أزمة نفوس وعقائد فكرية نتنة تدفع البعض للتشبث باستمرار الأزمة الاقتصادية والاحتكار ليبقى الربح فــــــــــائضاً… ويفضل هــــــــــؤلاء مصلحتهم على الجميع غير آبهين بالمواطن ولا بالقرارات!

العدد 1105 - 01/5/2024