noitcejbO أوبجكشن!

هطلت المصطلحات على العرب بدل المطر، إلى درجة ازداد التصحر من حولنا في الأرض والشجر، وأيضاً في النفوس، وأزهرت في مجتمعاتنا تلك المصطلحات المرعبة!

هل هو العصر؟ أم ضياع الهوية؟!

تراجعت همة العمل والتضحية عند الناس. صارت حقوق العمال تهمة.. صار الحرص على الوطن دسيسة. لم يعد الوفاء قيمة اجتماعية. صارت الشجاعة جنوناً. صار الالتزام بالقانون جبناً. صارت الرشوة إكرامية.

صار الشرف مكاناً في الجسد، وعندما تتعمق في إعادة قراءة المفاهيم تخاف، فهناك منظومة تبرير تنشأ وتنتشر ويتم تبنيها اجتماعياً باستسلام كامل!

نعم تخاف، وكأن الغاية من الحياة أصبحت الأكل والانتفاخ والغريزة، وكأن القيم التي نشأت عبر آلاف السنين اختفت بسنة أو سنتين، وأخطر مافي ذلك: الاختلاف على مفهوم الوطن والمواطنة، أي ببساطة معنى الوجود الحضاري الذي نعتز به.

  شيء غريب فعلاً!

يكفي أن تسأل مواطناً عربياً عاش نحو خمسين سنة فما فوق ليحكي لك عن تغيّر خطير في منطق الحياة وقيمها ومعاييرها… كيف؟ ما الذي يحصل؟ لماذا حصل هذا؟

  هذه الأسئلة لابد أن تطرح. لابد أن نجد لها إجابات قبل أن تأخذنا الريح وتلتهمنا النيران، ونضيع في صحراء علمتنا أن ننشئ أمة، ونفتح العالم، ونقدم لهذا العالم منظومة قيم على غاية التحضر. وعند الامتحان عادت ذاكرة الحقد والمؤامرة والخسة، فالعربي يتآمر على العربي، والغني يدفع المال لسحق الفقير، والقوي يتلهى بالضعيف وهو يلفظ الأنفاس بين يديه!

  آخر المصطلحات: noitcejbO أوبجكشن!، وعندما تسأل عنه تستغرب، فهو مسألة بديهية في كل المجتمعات، وفي معناه: نقرأ أنه يعني: دحض، تفنيد، رفض، معارضة، اعتراض. أي أنه موجود في اللغة، واللغة هي الحياة، إذاً هو موجود في الحياة، فلماذا يرتدي هذا اللبوس من الدم واللحم والموت؟!

 لماذا تغص الشوارع العربية بالnoitcejbO أوبجكشن!.. لماذا تغص بالمصطلحات، وكلها تدفع بنا إلى الهاوية، وفي جوهر حياتنا أجمل مصطلح بنى الحضارات من الإهرامات إلى بابل وآشور وسومر وأكاد والسد العالي وسد الفرات؟!

  ذلك المصلح هو الانتماء. نعم الانتماء لأمة ووطن!

العدد 1105 - 01/5/2024