مرحلة جديدة تتطلب وحدة السوريين

التضحيات الكبيرة التي قدمها شعبنا وجيشنا في مواجهة غزو الإرهابيين المدعومين من تحالف دولي تقوده الامبريالية الأمريكية وآل سعود، كانا وراء النجاح النسبي لجميع جهود التسوية السياسية للأزمة السورية، فلولا هذه التضحيات التي اتسمت بنكران الذات من أجل الوطن، لما جاء الاعتراف الدولي عامة، والأمريكي خاصة، بوحدة سورية وسيادتها، وحقوق شعبها السياسية.

هذا ما أظهرته مفردات جهود التسوية.. وهذا ما حرصت عليه السياسة السورية التي اتسمت منذ البداية بالصلابة.. والواقعية، فالسلاح والردع والصمود في موجهة الغزاة، والذهاب في الوقت ذاته إلى ملاقاة الجهود السلمية لحل الأزمة السورية على قاعدة مكافحة الإرهاب، والحفاظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً.

وهذا ما أكدته الوثيقة الصادرة عن اجتماع الرئيسين بوتين وترامب، على هامش قمة (آبيك) في فيتنام، هذه الوثيقة التي أقرت بوحدة سورية.. وسيادتها، والحرص على إنجاح التسوية السياسية للأزمة بعد القضاء على الإرهابيين، وتمكين المواطنين السوريين من ممارسة حقوقهم السياسية والدستورية واختيار مستقبلهم ونظامهم السياسي وقادتهم دون تدخل من الخارج.

الاعتراف الأمريكي بوحدة سورية وسيادتها وسلامة أراضيها، الذي جاء اليوم في سياق تفاهم بين الرئيس بوتين وترامب، يغذي تفاؤل شعبنا الحذر، منذ بداية انخراط الأمريكيين في جهود التسوية السياسة للأزمة السورية.

صحيح أن إنجازات جيشنا الباسل في ملاحقة الإرهابيين في كل شبر من الأرض السورية، فرضت إيقاعاً جديداً على الجهود السلمية، وجعلتها أكثر قرباً من طموحات الشعب السوري، لكن الصحيح أيضاً أنا خبرنا خلال السنوات الماضية مناورات الأمريكيين وازدواجية معاييرهم، وانسحابهم في كثير من الأحيان من تنفيذ التزاماتهم تجاه العملية السلمية.

لذلك مع أهمية التركيز على ما تضمنته وثيقة اجتماع الرئيسين، نرى ضرورة توحيد كلمة السوريين في حوار سوري- سوري يضم جميع المكونات السياسية والاجتماعية والإثنية في البلاد، من أجل تحديد الملامح الأساسية للمستقبل السوري، الذي يريده شعبنا ديمقراطياً، علمانياً، والاتفاق على الخطوات التنفيذية لمرحلة مابعد الغزو الإرهابي لبلادنا، والتي تضمن وحدة سورية، وسلامة أراضيها، ومنع تقسيمها تحت أي مسمى أو شعار، وتمكين شعبنا من ممارسة حقوقه.

الاتفاق الروسي الأمريكي، في حال ثبات الأمريكيين على مواقفهم سيعطي دفعاً للعملية السلمية، أمّا صمود شعبنا ووحدة كلمته.. وبسالة جيشنا فستفرض إيقاعها في تفاصيل هذه العملية السلمية.

العدد 1105 - 01/5/2024