كريستين لاغارد.. دعينا من نصائحك!

 في كلمتها أمام منتدى المالية العامة في الدول العربية الذي عقد في دبي منذ أيام، طالبت السيدة (كريستين لاغارد)- مديرة صندوق النقد الدولي- الدول العربية بخفض رواتب القطاع العام، وتقليص الدعم الحكومي بهدف تحقيق النمو.. وخلق الوظائف!!

والحقيقة أن السيدة لاغارد لم تخرج عن السياسات التي يطالب صندوق النقد الدولي جميع الدول باعتمادها، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في عام ،1991 وتراجع الأوضاع الاقتصادية في دول أوربا الشرقية.

لقد طرح ممثلو الصندوق نصائحهم خلال اجتماعاتهم مع مسؤولي الاقتصاد في سورية قبل بداية الأزمة، فيما عرف وقتذاك بمباحثات المادة الرابعة، وفيها أكد خبراء الصندوق ضرورة خفض الإنفاق العام الهادف إلى دعم الفئات الفقيرة، وتخفيض رواتب العاملين في الدولة، وإطلاق يد القطاع الخاص، والتخلص من ملكية الدولة للمرافق العامة، وخصخصتها، كما جاءت الشروط المجحفة التي وضعت للشراكة الأوربية السورية آنذاك، لتصب في الاتجاه نفسه.

ورغم نفي مسؤولي الاقتصاد آنذاك اتباع هذه النصائح، لكن ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية واستياء الجماهير الشعبية من تهميش مصالحها، أكدت أنهم طبقوا هذه النصائح، إذ تراجع الدعم الحكومي وخاصة لأسعار المشتقات النفطية، وجرى تهميش قطاع الدولة الصناعي، وبذريعة التشاركية، سوّق هؤلاء المسؤولون خصخصة قطاع الدولة.

هذه السياسات- كما قلنا وقال غيرنا آنذاك_ أدت إلى تنامي غضب الفئات الفقيرة والمتوسطة، وهذا ما أظهرته احتجاجات هؤلاء في بداية الأزمة السورية.

لا ننكر اليوم أن وصفات صندوق النقد الدولي تجد من يؤيدها بين مسؤولي الاقتصاد السوري.. ولا ينقص هؤلاء إلا تأكيدات لاغارد الأخيرة.

لا تنصتوا إلى نصائح لاغارد وصندوقها، فقد كانت هذه النصائح سبباً مباشراً في تفجر الغضب الشعبي في شوارع المدن العربية.

كل الدعم للفئات الفقيرة والمتوسطة.. المواجهة الشاملة للفساد الكبير والصغير.. إشراك القطاع الخاص المنتج في خطة إعادة الإعمار.. تشجيع القطاعات المنتجة ودعمها بجميع الوسائل.. تفعيل الاستثمار وفق مبدأ الأولويات، هذه الخطوات_ حسب اعتقادنا_ تشكل الإطار العريض للسياسات الاقتصادية التي نراها مجدية في هذه المرحلة.

العدد 1105 - 01/5/2024