أزاهير عدرا العمالية تزهر …

أزاهير عدرا العمالية تزهر بالأمل.. وتغني (سورية الأم) في ثقافي العدوي
#العدد823 #بقلم_مادلين_الجليس #جريدة_النور

بآلتي قانون… وثلاثين حنجرة، ودون أية إمكانات أو دعم، بدأت من قلب عدرا العمالية، ومن قلب الحصار، تتفتح براعم (جوقة عدرا العمالية).
في مساء الخميس ١٩ تموز، اعتلى أطفال عدرا العمالية خشبة المركز الثقافي بالعدوي، وقدموا لوحة غنائية تراثية بعنوان (لوحة سورية الأم) لم يستطع المتابع لها إلا أن يستمع بقلبه قبل أذنه، ويصفق لأطفال في عمر الزهور استطاعوا بفترة قياسية أن يقفوا على خشبة المسرح ليقدموا أصواتهم، متحدّين بها سنوات الأسر والحصار تحت وطأة الإرهاب.
انطلقت جوقة عدرا العمالية، كما يروي المايسترو يوسف الجادر المشرف على الجوقة، من قلب الحصار، فقد حاول الجادر أن يجمع الأطفال ليرسم بأصواتهم عوالم أخرى ينطلق منها هؤلاء الأطفال إلى أرواحهم البريئة يقول: (انطلقت الفكرة أثناء الحصار بعدرا العمالية، فقد كنت أجمع الأطفال علّي أخرجهم من بؤس الجوع والحرمان، بأن أخلق لهم ألعاباً غنائية، فكنا نغني بأصوات منخفضة خوفاً من أن يسمع المسلحون أصواتنا).
وحين حصلت المدينة على حريتها، كان لابد من مساحة حرية أخرى تتجه إليها هذه الأصوات العذبة، فكان تأسيس الجوقة، وقد أقام يوسف الجادر في المنطقة ليبدأ التمرينات مع أطفال الحارة.
جاءت فكرة إعادة افتتاح المركز الثقافي بعدرا العمالية في الأول من آب الماضي، يقول الجادر: (بدأنا نتمرن لنشارك باحتفالية إعادة الافتتاح، وقد شاركت في الافتتاح مديرة ثقافة ريف دمشق ليلى صعب، التي فوجئت بالعمل الكبير المقدم على الرغم الإمكانيات المتواضعة، وبعدئذٍ وافقت مديرية الثقافة على تأسيس جوقة مجاناً، على أن تؤمن لنا مكان التمرين فقط، وبدأنا نتمرن كل يوم ثلاثاء إلى أن شاركنا بالحفلة الأولى في الثالث من آذار الماضي بإحدى الفعاليات، وحققنا نجاحاً مميزاً.
ولكن الموضوع لم يقف عند ذلك الحد، فقد بدأت المطالبات بحفلات خارج المدينة تبرز الأطفال أكثر، وهذا ما ألح على مشرف الجوقة بضرورة تقديم أصوات تقترب من الاحترافية.
يقول الجادر : (وضعت برنامج (كورس) مكثف، وتمارين فصل حواس وحركة إيقاعية للأصوات، ونجحت في خلق حالة الاختلاف بالأصوات، وبدأ التركيز على امتدادات الصوت وحركته في العمل الجماعي، وشيئاً فشيئاً بدأ الأطفال يفاجئونني بسرعة تلقيهم، لأن المكان الوحيد الذي يظهر مواهبهم هو الجوقة، كما أن تعطّشهم للحياة والفرح جعلهم أكثر التزاماً).
أما عن سبب تسمية اللوحة بـ(لوحة سورية الأم) فلأنها تعبر بشكل صريح وواضح عن مدينة عدرا العمالية التي يجمعها التنوع السوري ثقافياً وتراثاً، كما يصفها الجادر حيث يقول: (بدأت بلوحة الشرق التي هي أكثر اللوحات صعوبة في فهم اللكنة واللهجة (الرقة ـ دير الزور ـ القامشلي).
ثم اتضحت الفكرة أكثر بأن أجمع اللوحة بمجموعة لوحات تعبر عن سورية الأم (لوحة للشمال ـ لوحة للجنوب ـ ولوحة للغرب) وحاولت في كل لوحة أن أظهر اللكنة في أداء اللهجة، ومما جعلني أكثر حرية في التعاطي مع الجمل الغنائية كون الأغنيات هي تراثية وموجودة أصلاً في ذاكرة الناس.
ويتابع الجادر: (في حفلة العدوي مؤخراً والتي تحمل عنوان سورية الأم قدمنا مجموعة من اللوحات والقطع الموسيقية التي تعبر عن الحالة).
يذكر أن جوقة أطفال عدرا العمالية تأسست العام الماضي على يد الموسيقي والإعلامي الزميل يوسف الجادر، وشاركت بعدة حفلات في ريف دمشق، وكانت هذه هي الحفلة الأولى بدمشق على مسرح المركز الثقافي العربي بالعدوي.
تتكون الجوقة من أطفال بين الخامسة والثالثة عشرة، هم من بيئات غنائية مختلفة، عكست التنوع الغنائي في سورية.
ولكن الأهم في ذلك أن هذه الجوقة تأسس دون أن تحظى بالرعاية والدعم الكافي، أو بالأصح، دون أن تتلقى أي دعم من الجهات المعنية، وخاصة الدعم المادي.

العدد 1105 - 01/5/2024