من جنيف1 إلى فيينا1

 ثلاث سنوات بين جنيف1عام 2012 وفيينا1عام ،2015 وما يزال الحل السياسي عصيّاً على الوصول إليه، ولم تتح الفرصة بعد للتوافق بين جبهتين (إقليمية ودولية) ساهمتا في تصعيد الأزمة وزيادة عقدها، ووضع العصي في دواليب التوافق على حل سياسي، من جهة، ومن جهة ثانية الجبهة المتمثلة في سورية وروسيا وإيران والمقاومة اللبنانية، التي تكثّف العمليات الميدانية في الجو والبر ضد الجماعات التكفيرية المسلحة، وتحقق هزيمة للتكفيريين في عدة جبهات تمتد من حلب شمالاً إلى درعا والقنيطرة وجبل العرب في الجنوب السوري.

يبدو الطريق الواصل بين جنيف وفيينا، رغم قصره الظاهري، طويلاً جداً، وتكثر فيه العثرات والحفر والمطبات والانحناءات.. ولم يحقق الاجتماعان المعقودان في النصف الثاني من تشرين الأول، إلاَّ توافقاً على بنود أعلن عنها في البيان الختامي متشابهة إلى حدّ ما مع بيان جنيف1. ومن أبرز الإضافات على الاجتماع الثاني إشراك دول أخرى من المنطقة في (حفلة التشاور)، وبلغ عددها اثنتي عشرة دولة.

هناك من اعتمد في رأيه على ما قاله السيد كيري عن نتائج الاجتماع الأول في جنيف بأنه كان مثمراً.. ويرى آخرون أنه كان اجتماعاً لترتيب الأفكار وتوظيف بعضها في عملية التهدئة لا غير.. وهي في الحقيقة كانت خطوة من التقارب بين الدول والجلوس على طاولة واحدة، خاصة اشتراك مصر وإيران بالدرجة الأولى في الجولة الثانية.

لقد نجح اللقاء الأول الذي جرى الاتفاق فيه على أن تكون سورية دولة ديمقراطية، وأن يكون بيان جنيف1 الأساس في إيجاد الحل المناسب للأزمة السورية. وجرى التركيز على سلامة الأراضي السورية ووحدتها، وأن تكون خالية من الإرهاب.

ومن باب المقارنة بين البيان الختامي لـ جنيف،1 والبيان الصادر بعد لقاء اثنتي عشرة دولة في الاجتماع الثاني في فيينا، عدا سورية التي يجب أن تكون في قلب المباحثات والرئيسة فيها، أرى أن هناك تشابهات إن كان من حيث وقف دائم للعنف المسلح، ووحدة الأراضي السورية، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، والتأكيد على بيان جنيف1 عام 2012 وقرار مجلس الأمن ،2118 دعا المشاركون الأمم المتحدة لإحضار ممثلي الحكومة والمعارضة السورية من أجل عملية سياسية تفضي لحكومة ذات صدقية كاملة الصلاحيات، ويلحق بها تعديل بالدستور وإجراء انتخابات، تُدار بواسطة مراقبين من الأمم المتحدة.. وأن تكون العملية السياسية بقيادة سورية والسوريون هم من يحدد مستقبل سورية.

ماذا عن مواقف الدول المشاركة في وضع خريطة طريق لحل الأزمة السورية؟

هناك من يرى أن الاجتماعين (الرباعي والموسع) فشلا في تحقيق أي تقارب بين المواقف المتعارضة، خاصة في الموقف من مشاركة الرئيس بشار الأسد. فالجميع متمسكون بمواقفهم وبدورهم (الإيجابي)في تحقيق الحل السياسي.. وأرى أن اللقاء الموسع نجح في مشاركة إيران وجلوسها على طاولة واحدة مع السعودية، يمكن أن تخفف بعض التوترات. وأن ما يجري من سباق زمني بين السياسة والميدان، يظهر أن العمليات الهجومية التي ينفذها الجيش العربي السوري والطيران الحربي الروسي – السوري المشترك سيحقق نتائج إيجابية واجتياز الكثير من القضايا المربكة ببسالة، لأن التحدّي الكبير، كما يرى حسنين هيكل، في المنطقة بالنسبة إلى السياسة الأمريكية هو إيران.. وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد حسَّنت(سلوكها) وبهَّرت مواقفها بالبهارات الهندية فهي تكذب وتراوغ، وذلك حسب ما يجري في الواقع من تناقضات وتعدد التصريحات للمسؤولين الأمريكيين التي تتناقض بين ساعة وأخرى.. وليس جديداً إذا استعدنا ما قاله الرئيس بوتين للرئيس بشار الأسد عندما زار موسكو عام 2005 وشرح له الموقف العربي فقال بوتين:

(ما دمت أنا رئيساً للاتحاد الروسي، أنت رئيس للجمهورية السورية).

العدد 1104 - 24/4/2024