إشكالية

محمد إنجيلة:

قال برتراند راسل: العلماء مملوءون بالشك، بينما يمتلئ الحمقى باليقين!

إشكالية العلاقة مع التراث والفقه المتوارث هي علاقة معقدة وتأخذ أبعاداً كثيرة. هناك من ينقل منهُ ولا يقبل الحوار. هناك من يدّرك ضعفه في مسائل الحداثة لكنه يصمت وينافق له. وربما يدافع عنه بشراسة. وفئة أخرى تعتمد العقل والمنطق والمواءمة مع الواقع والتجرد مقياساً عملياً في قبول بعضه ورفض بعضه.

وأحيانا تضيع الحقيقة من كثرة التأويلات لما أنتجه أجدادنا في مجالات الفقه والمتوارث وعلم الكلام والسير وغيرها في الماضي واعتباره أمراً مقدساً لا يناله الباطل، وكل جديد بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أما عن النفاق له فيتجلى في قوة الحضور وأسلوب التسليم به وقدسيته. فالفكرة ثابتة ساكنة وأنت تدور حولها. وتسقطها على واقعنا وتحاول تبريرها، وهنا تأتي عملية التمرير بسبب حجم قدسية النص الفقهي المتوارث.

أما من يحاول أن يخرج عن هذا المسار الساكن فإنه يلقى الويل والثبور وعظائم الأمور. ولا تكون معطيات العلم بنظرهم إلا إثباتاً لجوهر هذا النص. وهذا ما يجب عليك فعله وتمريره وإلا فإن قاموس اللعنات والقدح والذم جاهز. وما ثقافة القطيع إلا الحامل الاجتماعي لذلك. لذلك لا يمكن النهوض بالمجتمع إلا بترسيخ ثقافة علمية نقدية، تعتمد البناء التدريجي بعيداً عن الأوهام، وعبر استراتيجية وطنية. فالمستقبل للأجيال القادمة، والثقافة والمعلومات والعلوم وإعمال العقل، هي الاستثمار الحقيقي للمستقبل. وإلا خرجنا من التاريخ نهائياً، وبقينا شعوباً مستهلكة لـ(حدّوتات) الماضي نجترّها صبح مساء، ومستهلكين لِفتاتِ الثورة الرقمية الغربية. هذه أفكار أولية لا ندّعي اكتمالها؟

العدد 1107 - 22/5/2024