دور الأحزاب السياسية وواقعها الراهن

فؤاد الضاهر:

لا يكفي أن ينحصر دور الأحزاب والقوى السياسية في البلاد في الحديث عن الأخطاء ونقدها دون تقديم المقترحات والحلول اللازمة لمعالجة مشاكل المجتمع وقضاياه· كما لم تعد تجدي شيئاً لهجة العويل والندب على واقع المجتمع وتوزيع الاتهامات في من هم وراء تدهور الأوضاع دون تبنّي هذه الأحزاب والتنظيمات السياسية انتشال المجتمع من واقعه، والبحث عن حلول ناجعة تقدمها لحل مشاكل المجتمع الذي يعيش حالة العطالة السياسية نتيجة لأن الأحزاب السياسية القائمة في وادٍ والمجتمع في وادٍ آخر، وهي مصابة بداء الخمول السياسي وتنتج سياسة بصياغتها ومواقفها تؤشر إلى الظواهر والأحداث بالسلب والإيجاب دون تقديم الحلول، فرغم دعوتها للديمقراطية والتعددية والدفاع عن مصالح المواطنين، تظل محكومة بحكم الداعية لا بعقل المفكر والمنفذ، وبذلك تنتج سياسة بلا ملامح.. سياسة ساكنة رتيبة تخاطب بخجل واقعاً ساكناً مسكوناً بالتوتر والترقب، ومشحوناً بالخوف على لقمة العيش والكرامة والخوف على المستقبل. لذلك على هذه الأحزاب العمل الجاد لإنتاج سياسة جديدة من بطن الوطن والشعب دون أي ارتهان أو تبعية أو إلحاق إلا للمجتمع والشعب، واعتماد الأشكال الديمقراطية التي تتيح التفاعل الحر بين الأفكار، وإطلاق المبادرات، والعلنية والمصارحة مع الوسط الشعبي والجماهيري، وإعتاق العقل من القيود الجامدة والبحث الجاد عن البدائل لتحديث أدائها السياسي بحيث تخلق لها قواعد جماهيرية تتجاوز بها ما تعانيه من أوجه قصور ونقص. فلا يكفي أن تتضمن برامج تلك الأحزاب مطالب معينة للإصلاح، ولا يكفي أن تكون لوائحها وأنظمتها الأساسية متسقة مع هذه المطالب، وإنما لا بد من عمل جاد ومقنع لتحقيق ما تؤمن به من أفكار ورؤى، فالأفكار العظيمة على مدى التاريخ لم تتحقق من تلقاء ذاتها وبمجرد طرحها، وإنما بعد عمل جاد قام به القائمون عليها ضد قوى تقف دائماً ضد ما قد يهدد مكانها ومكانتها.

 

العدد 1104 - 24/4/2024