بعد فشلها في أوربا.. أمريكا تضع الشرق الأوسط على حافة الهاوية

كتب رئيس التحرير:

تطويع روسيا أصبح مستحيلاً، وأوربا (الناتو) بدأت بالبحث عن شروط للأمن الأوربي بعيداً عن الإملاءات الأمريكية، فاستمرار التصعيد يؤدّي إلى مشهد واحد: حرب مجنونة ليس للأوربيين فيها ناقة ولا جمل!

أما طغمة المال والسلاح في أمريكا، فقد استعجلت مآلات الحرب في أوكرانيا، وعادت إلى النغمة القديمة الجديدة. (الشرق الأوسط) الذي لم تغب عنه، ولن تكتفي بالنفوذ، بل هي تسعى إلى السيطرة المباشرة لتأمين الموارد اللازمة لاستمرار هيمنة القطب الأوحد، خاصة بعد أن دعت التجمعات السياسية والاقتصادية العالمية إلى عالم متعدد الأقطاب.

الأمريكيون اليوم سيسعّرون نيران الأزمات في جميع بقاع الأرض، فهم في أمريكا الجنوبية واللاتينية لمنع التحول الديمقراطي بعيداً عن التبعية الأمريكية، وهم في إفريقيا لمنع تسوية سياسية في السودان وإثيوبيا ودول جنوب الصحراء، وهم في آسيا وبحر الصين لتوتير الأوضاع مع الصين الشعبية.

المسعى الأمريكي اليوم يذهب باتجاه منع أي محاولة لردع الكيان الصهيوني، ولتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير، وباتجاه إبقاء الأوضاع، التي فرضتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، في العراق الذي حوّلته إلى فرق وطوائف، وتأبيد الأزمة السورية، ومنع أي تسوية سياسية تنهي معاناة المواطنين السوريين، والتسويف في حل الأزمة اللبنانية عن طريق دعم الطائفية السياسية وأمراء الحرب، وفي النهاية تفويض الدركي الصهيوني باستباحة المنطقة بأسرها، والانتقال بعدها إلى بؤرة أخرى؟ أي بكلمة أخرى كبح كلّ تطلع لدى شعوب العالم إلى فضاء عالمي لا تتحكم فيه مصانع السلاح والمصارف الأمريكية.

الإدارة الأمريكية، وعلى النقيض من بعض التقارير العالمية، تهدف اليوم لا إلى الانسحاب من منطقتنا، بل إلى السيطرة الشاملة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً على القرار العربي، ويساعدها في ذلك جوقة الحلفاء والمطبّعين، خاصة بعد أن ارتعدت أوصالهم إثر صحوة المقاومة الفلسطينية ومآثرها في غزة وبقية الأرض الفلسطينية.

إن هزيمة المشروع الأمريكي في المنطقة العربية هي الاستحقاق الأبرز اليوم أمام الشعوب العربية وقواها الوطنية والتقدمية، ودول المقاومة للمشروع الصهيوني، وهي تتطلب تأمين مستلزمات المواجهة والصمود، ودعم الشعب الفلسطيني المقاوم، وتخليص الفئات الشعبية، التي كانت وستبقى الداعم الرئيسي للصمود والمقاومة، من همومها المعيشية.

فلسطين والمنطقة العربية اليوم مفتاح السلام العالمي، وأي هزيمة لقوى الهيمنة والعدوان والاستباحة فيها، تعني بجميع المقاييس نصراً لقوى الحرية والسلام والعدل في العالم.

العدد 1104 - 24/4/2024