بمناسبة الذكرى السنوية لميلاد الحزب الشيوعي.. سعدية اليوسف إحدى بطلات هذا الحزب

يونس صالح:

مئة سنة مرت على ولادة الحزب الشيوعي في سورية ولبنان، ولقد سالت مياه كثيرة خلال هذه المدة الطويلة نسبياً من الزمن، وجرت أحداث وتغيرات كان من الصعب التنبؤ بها.. فمن النضال ضد الاستعمار الفرنسي، إلى الجلاء، إلى ما بعد الاستقلال مباشرة، إلى نكسة فلسطين، إلى الانقلابات العسكرية، إلى المرحلة الديمقراطية ثم إلى الوحدة والانفصال والانقلاب الذي جرى عام 1963 الذي قامت به عدة قوى قومية، إلى استلام حزب البعث الحكم، إلى التحولات التي جرت داخله والحركة التصحيحية، ثم المرحلة التي تلت وفاة الرئيس حافظ الأسد.

لقد تعرضت سياسة الحزب الشيوعي أيضاً خلال هذه المدة هي الأخرى لتحولات ومنعطفات كثيرة، إلا أن السؤال المطروح هو: هل يمكن لمؤرخ موضوعي أن يتجاهل نضالات هذا الحزب، وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على الحياة السياسية في البلاد؟! هل يمكن إلا أن يعترف بأن نضال الحزب الشيوعي السوري – اللبناني، ثم فيما بعد الحزب الشيوعي السوري هو جزء لا يتجزأ من التراث الكفاحي للشعب السوري من أجل التحرر والتطور والديمقراطية والاستقلال الحقيقي.. وأنه في سبيل هذه الأهداف العظيمة، ناضلت أجيال عديدة من الشيوعيين منذ التأسيس لأجل تحقيقها، وقدمت التضحيات الجسام؟!

إن هذه الأجيال هي من صنع هذا التاريخ الحافل بالمآثر.

كثير من الشيوعيين خلال هذه المسيرة الطويلة ناضل بشجاعة من أجل مستقبل مشرق لسورية، وتعرض الكثير منهم للسجون والمعتقلات والتعذيب في عهود الاستعمار والديكتاتوريات والإقطاع، وقدموا الشهداء، ناضلوا بصمت وإنكار ذات دون ضجيج، ولم يهتموا لا بالشهرة ولا بالمكافأة، كانوا يؤدون واجبهم ببساطة تجاه الشعب.. إلى هؤلاء الشيوعيين والشيوعيات تنتمي سعدية اليوسف، ابنة القنيطرة، والمتحدرة من عائلة شيوعية مجيدة، فأخواها وابن أختها والكثير من أقاربها وهبوا حياتهم لقضية شعب سورية الكادح ولازدهار الشعب.. عرفتها جيداً في العهد السري أثناء الوحدة، فقد أُجبر الحزب دون إرادة منه على العمل في الخفاء.

سعدية يوسف مناضلة ربطت حياتها كلها بالحركة العمالية في البلاد.. كانت تنفذ كل المهمات التي تكلف بها بتواضع وبساطة وبسالة، كم ساعدتنا آنذاك بإيصال الطعام، وإقامة الصلات وجمع المساعدات.. لقد فقدت منظمتنا آنذاك صلتها بالحزب، من دون تردد استطاعت أن تذهب إلى لبنان من أجل تأمين هذا الصلة.. كم من الشجاعة والأمل كانت تبثّهما في قلوب الرفاق، مما عزّز لديهم الثقة بصحة موقف الحزب آنذاك.

لا أستطيع تعداد مآثر هذه المناضلة، التي لا يعرفها معظم الجيل الحالي من الشيوعيين الشباب، إلا أن ما قامت به يجب أن يدخل في سِفر نضالات مئات وآلاف الشيوعيين من أجل الوطن..
ويجب أن تبقى في الذاكرة.

العدد 1105 - 01/5/2024