حديث العام الجديد

د. عامر خربوطلي:

كثيرة هي الأحاديث والنشرات والتقارير التي تربط مستقبل الاقتصاد السوري بسعر صرف القطع الأجنبي، وهذه التقارير تقع في تناقض كبير عندما توحي بحدوث انهيارات اقتصادية نتيجة ذلك، ومع ذلك تعتبر أن ارتفاع سعر الصرف للوضع الأكثر ملاءمة للسوق الحقيقية هو أمر إيجابي لإعادة التوازن لجميع التداعيات.

إنها مفارقة عجيبة فعلاً؛ فهل أصبح سعر الصرف هو حامل الاقتصاد السوري؟ ومنذ متى كان ذلك؟

سعر الصرف يعبّر دائماً عن سعر العرض والطلب على القطع عند استخدام هذا القطع في مجالاته الأهمّ، وهي تسديد المدفوعات الخارجية. وهو ليس مؤشراً لقوة الاقتصاد أو ضعفه، ولا يمكن أصلاً أن يكون ذلك.

المهمّ دوماً، عند الحديث عن التوقعات الاقتصادية لعام 2024 التركيز على مواطن القوة والضعف للاقتصاد السوري، وكيف ستتحول على مدى شهور هذا العام إلى فرص مهمة وعوائد كبيرة أو إلى تهديدات وخسائر مؤسفة.

الاقتصاد السوري قوي بإمكانياته غير المستغلة بالشكل الأمثل زراعياً وصناعياً وتجارياً وخدمياً وسياحياً والقائمة تطول.. فلو تخيّلنا أن حصل هذا الاستغلال الكامل وبالطاقة القصوى عند توفر حوامل الطاقة، فهناك توقع بزيادة في الناتج المحلي بنسبة 80% على الأقل.

إعادة تموضع السياسات الاقتصادية والنقدية والمالية والمصرفية والتجارية باتجاه المزيد من خلق مناخات عمل جاذبة ومريحة ومشجعة هي المحدد لنهوض الاقتصاد السوري بجناحه الأهم وهو القطاع الخاص.

رغم أن عام 2024 مازال يحمل في حقيبته مشاكل وصعوبات أكثر من اثني عشر عاماً من عمر الأزمة التي مرّت بها سورية، إلا أن أغلب هذه الصعوبات قد بدأت تتلاشى مع مرور الزمن ومع ولادة مشاريع جديدة غير التي لحقها الضرر وهي تنمو سريعاً في بيئة جديدة يمكن أن تكون الرائد الأساسي لاقتصاد سوري جديد.

نقاط الضعف مازالت موجودة، وفي مقدمتها البنية التحتية المتضررة وغير المحدثة والشريان المالي عبر الاقتراض غير المكتمل، إضافة إلى نقص الكوادر البشرية المؤهلة بفعل الهجرة والسفر، وهي تسهم في حدوث تهديدات على الاقتصاد السوري إذا لم تُعالج وحتى ولو كان ذلك على فترات وباستخدام البدائل مهما كانت لتخفيف هذه الآثار.

الاقتصاد السوري اقتصاد متعدد الموارد وهذا مركز ثقله الأساسي ونقطة قوته ولو لم يكن ذلك لحدث فيه تراجعات حادة أكثر مما جرى حتى الآن.

المهم عدم النظر إلى الوراء وعدم استلهام المستقبل من الماضي بل المستقبل من المستقبل نفسه بما يحويه من تحديات وقدرات وإمكانيات.

العدد 1104 - 24/4/2024