شجرة الميلاد في السويداء حزينة والاكتفاء بالصلوات

السويداء_ معين حمد العماطوري:

اقتصرت شجرة الميلاد هذا العام على المغارة التي تضمّ طفلها مع السيدة مريم العذراء دون أي مظهر من مظاهر الفرح والبهجة، بل أحيطت بالحجارة المكسرة المبعثرة التي تحمل دلالة أن الحزن يكتنف واقعنا لهذا العام، وفعلياً يجري الاكتفاء بالابتهالات والصلوات.

الأب فادي إلياس زيادة (الراهب الكبوشي من رهبان مار فرنسيس، ورئيس دير وكنيسة يسوع الملك للآباء الكبوشيين) أوضح أن الشعائر الدينية في استقبال عيد الميلاد المجيد، أعاده الله على الجميع بالمحبة والوئام، اقتصرت هذا العام ضمن الطقوس المتبعة بالصلوات والابتهالات والأدعية فقط دون ممارسة أي طقس من طقوس الفرح أو السرور، بل اتخذنا من شجرة الميلاد المجيد عنواناً لما نشعر به من حزن وألم على واقع صعب وشهداء كثر وأطفال يقتلون في غزة الجريحة بدماء باردة والعالم بصمت مطبق عن جرائم الإنسانية، ومن سفك دم يسوع الحقّ لا ضرر ولا ضرار لديه أن يسفك دم الإنسانية جمعاء.

ويسوع الحق يؤكد لنا في ميلاده بقوله: (هذا هو عيدي أن اراكم مجتمعين.. صلاتكم وإيمانكم واتحاد قلوبكم، ومحبتكم عيدي، لأن فرح أطفالنا بداية البداية، وبياض ثلجنا الناصع هو محبة وسلام).. فغايتنا نشر التكافل الاجتماعي والعمل التطوعي وبناء الأسرة الواحدة والتربية الواعية الصالحة الحاملة الانتماء.

وأضاف الأب فادي زيادة: هذا ما نادت به رسالة يسوع الحق القائل (سلامي أعطيكم)، وفي عليائه يناشدكم (سأنشئ ملكي وسلامي فأعطيكم قلبي لامتلك قلوبكم)، أن معاناة الحياة وضنك العيش، جعل أطفالنا ينتظرون هداياهم طويلاً، وأجراس النداء الحاملة ترنيمة الملائكة في ميلاده المقدس (المجد لله في العلى، وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة) باتت مسكونة في خلجات الفؤاد المكلوم.

وأكد الأب فادي: اقتصرت شعائرنا هذا العام على الصلوات فقط.. وذلك لأن أطفال غزة يعانون الألم والجوع والعوز الإنساني والاجتماعي والغذائي، وعلينا أن نسهم معهم بطاقة المحبة والأدعية للتخلص مما يعانون من ظلم أعداء الخير والسلام.. إضافة إلى ما مر به بلدنا من شهداء الكلية الحربية وكوارث الزلزال وغيرها.

لقد عملت الكنيسة بفريقها التطوعي من الأطباء خلال العام على تفعيل العمل الصحي الإنساني الاجتماعي من خلال إحداث عيادة أبونا يعقوب الخيرية التي تضم اختصاصات متنوعة من الأطباء، فقد انبرى أكثر من عشرين طبيباً للقيام بالفحص المجاني ووصلت الخدمات الصحية شهرياً إلى ما ينوف على ١٢٠٠ خدمة صحية مع تقديم الدواء بأسعار رمزية.. وفي الآونة الأخيرة وبعد ارتفاع أسعار الأدوية زاد عدد المراجعين أكثر بكثير.

كذلك جرى إحداث المطبخ الخيري الذي يستهدف أكثر من ثلاثمئة أسرة يتم تقديم الطعام لهم، يقينا أن المشاركة بالقول والفعل الوجداني التفاعلي.

ولن يغيب من ذاكرتنا التعاون الذي أقيم مع جمعية الرعاية الاجتماعية (بيت اليتيم) بالسويداء، وكذلك المركز الصحي في مقام عين الزمان، برعاية كريمة من سماحة الشيخ يوسف جربوع شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز.

ولعل التوافق الأجمل بالتعاون مع الأطياف الدينية جميعاً بالسويداء للوقوف خلال العام الماضي مع إخوتنا المتضررين بأحداث الزلزال الذي ألمّ ببلدنا، فشكلنا وحدة التنوع السوري الحقيقي بين الهلال المسلم والصليب المسيحي والخلوة التوحيدية.

وهذا العام يكتنفنا الحزن بفقد العديد من شهداء الكلية الحربية، إضافة ما مر من كوارث طبيعية والام اهلنا في غزة المقاومة، لذلك آثرنا اقتصار طقوس عيد الميلاد على الصلوات فقط.. إيماناً أن الإنسانية لا تتجزأ وان الله محبة، فقد اتخذ هذا القرار والاكتفاء بالابتهال والأدعية للتخلص مما يعاني أصحاب الآلام من مرضى ومن صراخ الأطفال المشردين الذين يتعرضون لدمار إنسانية الإنسان على أيدي أعداء الله والسلام.. لنكون وإياهم على درب الخلاص…آملين أن يكون العام القادم حاملاً المحبة والسلام على العالم أجمع.

العدد 1105 - 01/5/2024