المشكلة ليست في القرار 2254

آراء

 

 

وحيد سيريس:

في القانون الدولي.. يُمنع التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة التي تملك عضوية كاملة في هيئة الأمم المتحدة.

الولايات المتحدة هي وحلفاؤها من دول الناتو.. هم زعماء التدخل في شؤون الدول الأخرى: تدخل عسكري.. احتلال دول.. عقوبات اقتصادية.. دعم انقلابات عسكرية أو تنفيذها.. ثورات ملونة ضد أنظمة دول.. منظمات إنسانية غير حكومية (مرتع لمنظمات تشرف عليها استخباراتها) داخل تلك الدول (المستهدفة).. تصنيع ودعم تنظيمات إرهابية محلية او متعددة الجنسيات.. وهي تستعمل كل المؤسسات الدولية.. كوسائل تدخلية لتحقيق أهدافها، وجميع تلك المؤسسات مهيمن عليها (الطاقة الدولية.. محكمة لاهاي الدولية.. منظمة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل مثل السلاح الكيماوي …إلخ) كلها مهيمن عليها من الإمبريالية الأمريكية وحلفائها في الغرب.

كل وسائل التدخل العدواني كلها تماماً استخدمت في العدوان الخارجي على سورية.. هذا هو أساس المسألة السورية.. التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية.. تلك الدول المجرمة.. قبلت بعد فشلها في إسقاط النظام السوري بقرار دولي برقم ٢٢٥٤، في نهاية ٢٠١٥.. وفي جعبتها الكثير من الخطط لإسقاط النظام وتفكيك سورية وإيذاء الشعب السوري.. وللآن فشلت في إسقاطه.. وهي فعلاً (أمريكا وحلفاؤها في الغرب ومعهم إسرائيل) يتراجع نفوذهم يوماً بعد آخر نتيجة صعود قوى دولية (روسيا والصين ودول البريكس) تأخذ مكانة ونفوذاً أوسع في العالم ونجحت في بناء قوة اقتصادية وعسكرية وبناء تحالفات وشراكات اقتصادية وتشبيكات عسكرية وسياسية وأمنية في مناطق واسعة في العالم.. تجعل الخطر جدياً على استمرار هيمنة القطب الأوحد عسكرياً واقتصادياً على العالم.. وما سيعكسه في المستقبل على تركيبة الهيئات الدولية (الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمؤسسات التخصصية الأخرى) أي نشوء عالم جديد بتوازنات جديدة… يحترم استقلال الدول وسيادتها دون تدخل خارجي في شؤونها الداخلية.. وقد شكل صمود سورية بشعبها وجيشها وقيادتها، دوراً مهمّاً في تعزيز النضال لظهور عالم جديد.. وجاءت المؤازرة الروسية وقبلها حزب الله وإيران لسورية.. كداعم حاسم لبقاء الدولة السورية موحدة.. وبالتالي توسع نفوذ روسيا وإيران في المنطقة.. وسيشكل الحضور الصيني اقتصادياً في سورية وزناً هاماً لشركاء سورية في الدعم الاقتصادي ودعم أي حل سياسي يضمن وحدة سورية واستقرارها. وبعد كل ما جرى ويجري في سورية.. هل على الشعب السوري وجيشه وقيادته.. وبعد كل ما قدمه من شهداء وتضحيات.. أن يفتح طريقاً ممهداً لكل الدول التي اعتدت على بلادنا وتدخلت بشكل سافر وإجرامي.. لتشارك في تنفيذ قرار دولي وهل وصل مستوى تراجع نفوذ وتأثير الدول المعتدية على سورية بحيث تلتزم بالقانون الدولي.. وبروح بنود القرار ٢٢٥٤. اذاً.. فلتبدأ انسحابها منذ الآن من الأراضي السورية التي تحتلها.. لتقدم دليلاً لشعبنا بأنها ستلتزم اعتباراً من الآن بالقانون الدولي.. وترفع كل قرارات العقوبات الاقتصادية على شعبنا.. وتترك الأمر لأصحاب الشأن.. وإذا كان لابد من وسطاء لتسهيل مجريات وتفاصيل الحل السياسي ولو كان وفقاً للقرار الدولي ٢٢٥٤… فليكن الوسطاء من الدول التي ساهمت مع سورية بدحر الإرهاب.. والدول التي لم تشارك في العدوان او التدخل في سورية (مثل دولة الهند والبرازيل…) بحيث نثق كشعب سوري بأن محصلة تنفيذ الحل السياسي سيكون آمناً باتجاه أن تبقى سورية دولة موحدة ومستقرة وبنظام سياسي يمنع التدخل الأجنبي ويكون مستقلاً في خياراته السياسية والاقتصادية

وأخيراً.. المشكلة ليست في بنود ٢٢٥٤ بل بموازين القوى الحالية لضمان تنفيذه وفق مصالح الشعب السوري.

العدد 1104 - 24/4/2024