اليوم العالمي للسلام.. والواقع المضطرب اليوم

د. عبادة دعدوش:

يُعرف السلام على أنه حالة من الأمان والسكينة ومنافٍ للحرب والنزاعات، وقد تسعى العديد من الشخصيات إلى نشر السلام في جميع أنحاء العالم من أجل التخلّص من الخلافات وتسوية النزاعات التي تقف في وجه تحقيقه.

نحن اليوم بحاجة إلى السلام أكثر من أي وقت مضى، لما نعيشه من صراع ودمار وفقر وجوع وتشرّد يعانيها عشرات الملايين من الناس، إضافة إلى الفوضى المنتشرة في كل مكان آملين أن نصل إلى أهداف التنمية المستدامة بإرساء مجتمعات أكثر سلاماً وعدلاً وشمولاً لا خوف فيها ولا عنف. ولا شكَّ بأنّ التغييرات التي تحدث في عالمنا الآن تحمل بين طيّاتها نتائج قد تؤدي إلى المزيد من النزاعات ما لم يتحقق العمل على ترسيخ السلام عملاً وليس كلاماً.

لذلك فإن اليوم العالمي للسلام في 21 أيلول الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوماً مُكرّساً لتعزيز مُثل السلام وقيمه في أوساط الأمم والشعوب وفيما بينها، قد يحتاج إلى توضيح أو تعريف.

ما هو السلام الذي تشير إليه الأمم المتحدة؟

يشير مفهوم السلام ضمن منظومة الأمم المتحدة إلى الجهود المبذولة لمساعدة البلدان والمناطق في الانتقال من مرحلة الحرب إلى مرحلة السلام والحدِّ من مخاطر عودة أي بلد إلى الصراع من خلال تعزيز القدرات الوطنية لإدارة الصراع وإرساء أسس السلام والتنمية المستدامة، مُتّبعة بذلك وسائل حفظ السلام المنصوص عليها في الميثاق كموافقة الأطراف وعدم التحيّز وعدم استخدام القوة باستثناء حالات الدفاع عن النفس والدفاع عن الولاية، ولعلَّ أهم ما يراودنا من أسئلة، على ماذا يقوم بناء السلام؟!

يقوم بناء السلام بشكل أساسي عل التعامل مع الأسباب الكامنة وراء صراعات الناس فيما بينهم في المقام الأول، إلى جانب دعم المجتمعات لإدارة خلافاتها ونزاعاتها دون اللجوء إلى العنف، وهو يهدف إلى منع اندلاع العنف الذي يمكن أن يبرز قبل النزاعات وأثناءها وبعدها وتصاعده واستمراره وتكراره.

 

ومن هنا يأتي دور المجتمع الدولي مُمثلا ًبالمنظمات والهيئات التي تُعنى بإشاعة السلام بين الشعوب ليكون في المقام الأول. بتحقيق الأمن والسلام في ظلِّ تحديات وصراعات داخلية وخارجية مُتعدّدة، وبعد أن كان يسعى لمهامه ودوره، بات اليوم المجتمع الدولي في حالة انهيار وبات السلام بعيداً عن أولويات الدول التي تخضع لتهديدات شرسة بغرض الهيمنة عليها وفرض السيطرة واستعمار أمنها ليصبح المجتمع مُفكّكاً تزداد فيه حالات القلق والفقر والمعاناة والاستبداد.

أهمية السلام على الصعيد الاجتماعي والشخصي والعالمي:

التوازن النفسي: عند العيش في بيئة سليمة وخالية من الصراعات يكون لدينا القدرة على التفكير بوضوح والتركيز على تحقيق أهدافنا.

العلاقات الإنسانية: يساهم السلام في تعزيز العلاقات الإنسانية الصحية والمثمرة.

التنمية الاجتماعية والاقتصادية: يُعدُّ السلام أساساً للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ليتمَّ توجيه الجهود نحو التعليم والاستثمار والتوظيف.

الحل السلمي للنزاعات: يعتبر السلام أساساً لحلِّ النزاعات بشكل سلمي وغير عنيف.

السلام العالمي: يساهم السلام في تحقيق الاستقرار والتعاون الدولي.

يبقى للسلام المعنى الآمن والبعيد عن الواقع المضطرب الذي يعيش التصعيد لكل خلاف ونزاع يودي بالعالم إلى المزيد من الاضطرابات والحروب، آملين أن ترسو بعد ذلك قافلة السلام في ميناء كان فيما مضى ميناءنا.

العدد 1107 - 22/5/2024