تحذير أممي من (تدمير كامل) للسودان و(كارثة إنسانية)

حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، مارتن غريفيث، يوم الجمعة 25/8/2023، من أن الحرب والجوع يهددان بـ(تدمير) السودان بالكامل، ويدفعان المنطقة بأسرها إلى (كارثة إنسانية) تتمثل في اضطرار ما لا يقل عن مليوني طفل إلى ترك منازلهم منذ بدء النزاع بين القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات (الدعم السريع) بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب (حميدتي)، وذلك وفقاً لأحدث تقديرات من صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).

وأدت الحرب التي بدأت في 15 نيسان (أبريل) الماضي إلى مقتل نحو خمسة آلاف شخص، وفقاً لمنظمة (أكليد) غير الحكومية. لكن الحصيلة الحقيقية أعلى من ذلك على الأرجح، لأن العديد من مناطق البلاد معزولة تماماً عن العالم، كما يرفض الجانبان الإبلاغ عن خسائرهما. ولم تفلح محاولات دبلوماسية للوساطة بين البرهان ودقلو، لاعتقاد كل منهما أن في وسعه حسم الحرب لصالحه.

 

أبعاد هائلة

وأفاد غريفيث في بيان من نيويورك، بأن (الحرب في السودان تثير وضعاً إنسانياً طارئاً ذا أبعاد هائلة). وأوضح أن (النزاع الذي يتسع، مع ما يخلفه من جوع وأمراض ونزوح سكاني، بات يهدد بإغراق البلاد بكاملها)، منبهاً إلى أنه (كلما طال أمد القتال، صار تأثيره أكثر تدميراً). وأشار إلى أن (بعض المناطق لم يتبقَّ فيها أي طعام، ويعاني مئات آلاف الأطفال سوء التغذية الحاد، ويواجهون خطر الموت الوشيك إذا لم يحصلوا على العلاج).

 

هروب جماعي من الخرطوم مع استمرار القتال

وعبر غريفيث عن خشيته لأن المعارك الضارية التي اجتاحت العاصمة الخرطوم ودارفور امتدت إلى كردفان. وقال إنه (في كادوقلي، عاصمة جنوب كردفان، استُنفدت الإمدادات الغذائية بالكامل، في حين أن الاشتباكات وحواجز الطرق تمنع عمال الإغاثة من الوصول إلى السكان الذين يعانون الجوع)، فضلاً عن تعرض مكاتب منظمات الإغاثة للسرقة والنهب في الفولة، عاصمة غرب كردفان. وأضاف أنه (قلق للغاية) على سلامة المدنيين في ولاية الجزيرة، مع (اقتراب النزاع من سلة الغذاء السودانية).

 

كذلك، لفت كبير المسؤولين الأمميين في المجال الإنساني إلى أن الأمراض، مثل الحصبة والملاريا والسعال الديكي وحمى الضنك وغيرها (تنتشر في كل أنحاء البلاد ولا يحصل معظم الناس على العلاج الطبي)، بعدما (تسببت الحرب في تدمير القطاع الصحي، وخرجت معظم المستشفيات عن الخدمة).

 

المنطقة بأسرها

وفي إشارته إلى تقرير (اليونيسيف) الذي يفيد بأن نحو مليون شخص لجؤوا من السودان إلى بلدان مجاورة بسبب الحرب، حذر غريفيث من أن (طول أمد النزاع في السودان يمكن أن يدفع المنطقة بأسرها إلى كارثة إنسانية)، مضيفاً أنه (آن الأوان لكي يضع جميع المنخرطين في هذا النزاع مصلحة الشعب السوداني فوق السعي إلى الاستحواذ على السلطة أو الموارد). وحض المجتمع الدولي على (الاستجابة بشكل عاجل بما يتناسب مع هذه الأزمة).

 

مئات الآلاف من أطفال السودان باتوا من النازحين (اليونيسيف)

في غضون ذلك، أفادت (اليونيسيف) بأن (ما لا يقل عن مليوني طفل أُجبروا على ترك منازلهم منذ بدء النزاع في السودان قبل أربعة أشهر)، أي بمعدل أكثر من 700 طفل نازح جديد كل ساعة. وأضافت أنه مع استمرار أعمال العنف، تشير التقديرات إلى أن أكثر من 1.7 مليون طفل يتنقلون داخل حدود السودان، وأكثر من 470 ألف طفل عبروا إلى البلدان المجاورة. وأوضحت (اليونيسيف) أنه (في الوقت الراهن، هناك نحو 14 مليون طفل بحاجة ماسة إلى الدعم الإنساني، ويواجه العديد منهم تهديدات متعددة وتجارب مرعبة بشكل يومي)، لافتة إلى أنه (إضافة إلى بؤر النزاع الساخنة مثل دارفور والخرطوم، انتشر القتال الضاري الآن إلى مناطق أخرى مأهولة بالسكان، بما في ذلك جنوب وغرب كردفان).

 

انعدام الأمن الغذائي

وقالت المنظمة إنه استناداً الى أحدث تقرير للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي في السودان، فإن (20.3 مليون شخص سيعانون انعدام الأمن الغذائي بين تموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر) 2023، ومن المتوقع أن تتفاقم الحالة الصحية والغذائية لنحو عشرة ملايين طفل). وأكدت أن (العنف لا يزال يعيق تقديم الخدمات الصحية والغذائية، ما يعرض ملايين الأطفال للخطر)، بما في ذلك في الخرطوم ودارفور وكردفان، حيث (يعمل أقل من ثلث المرافق الصحية بكامل طاقته). وأوضحت أنه (في المناطق التي تشهد نزوحاً داخلياً مرتفعاً ونظماً صحية مجهدة، مثل ولايتي النيل الأزرق والأبيض، فإن تفشي الأمراض، بما في ذلك الحصبة، يعود إلى الظهور، مع تقارير تفيد بوفيات مرتبطة به).

وأضافت المنظمة أن (المزيج المميت من الحصبة وسوء التغذية يعرض حياة الأطفال لخطر كبير للغاية إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة). وقالت إنه (مع استمرار النزاع في تدمير البلاد، فإن حوالي 700 ألف طفل ممن يعانون سوء التغذية الحاد الشديد معرضون بشدة لخطر الموت من دون علاج، ويواجه 1.7 مليون طفل خطر تفويت اللقاحات الأساسية المنقذة للحياة، ومن المرجح أن يفوت جيل كامل من الأطفال التعليم).

العدد 1107 - 22/5/2024