امرأة من حديد

هناء علي يوسف:

كان مقلقاً للغاية، في الفترة الأخيرة، العنف الكبير الذي تعرضت له المرأة إن كان هذا العنف فردياً أو من قبل فئات محدودة من المجتمع، ولم يقتصر ذلك على العنف الجسدي كالضرب والإيذاء، بل تعداه إلى الإهانة النفسية والمعنوية، وصل بعد ذلك إلى الإجرام والقتل عن سابق إصرار.

كل الأديان السماوية ترفض قتل النفس البشرية وتحرض على الأخلاق وحسن التعامل والصبر، فما هو الذنب الذي ترتكبه امرأة أو فتاة في مقتبل العمر حتى تضرب أو تعنف أو تنهى حياتها من قبل شخص، صديق أو حبيب أو زوج أو أب.

ماهي الأسباب الحقيقة وراء كل جريمة.. ولماذا القتل؟

كثرت قصص التعنيف في الآونة الأخيرة بحق (الإناث) فما هو السبب الحقيقي وراء استضعاف الأنثى؟

هل هو سكوتها عن الأخطاء ومسامحتها للطرف المعنف أم هي العاطفة أو هو الحب الذي تقع ضحيته أي فتاة؟

نعم الأنثى تكابر وتسكت وتفكر بالمستقبل والأولاد والعائلة، وتحسب حساباً للمجتمع، وماذا سيحصل في حال تمردت وإذا قالت لا للعنف ولا للضرب، من سيقف إلى جانبها، تفكر في أي خطوة ستقوم بها حتى لا تقع في مصيدة كلام الناس والأقاويل وخراب الأسرة، فتكون في غالب الأحيان مجبرة على السكوت عن أي إساءة بحقها.

الأسباب عديدة وشائكة سببها التربية منذ الصغر والمجتمع الذي يؤطر الفرد بأفكار محددة، ففكرة التمييز بين الأنثى والذكر موجودة في أغلب المجتمعات.

ربما تكون الأفكار المغلوطة التي تلقن من قبل أفراد في المجتمع هي أحد أهم تلك الأسباب، فتلقين بعض الأفكار في المدرسة والبيت هو عامل كبير ومؤثر على سلوك الافراد والتفكير الجمعي لها، فمن يضرب ويسبب أذى جسدياً أو نفسياً فهو مريض نفسياً وإنسان غير سوي بحاجة إلى معالجة، وهذا ليس عيباً مثله مثل باقي الأمراض التي يتعرض لها الإنسان إذا أمكن معالجتها فهذا يعود بالنفع عليه وعلى الأسرة والمجتمع ليعود إلى فطرته وهي الخير والمحبة.

حالات العنف كثيرة ومتعددة وموجودة بكثرة، فهل الحلول هي العقاب فقط بعد أن تكون الضحية قد وصلت إلى أذية نفسية وجسدية معاً، وفي غالب الأحيان الضحية تبقى ضحية ولا تستطيع الحصول على حقها الطبيعي بسبب التهديدات والضغوط التي تتعرض لها؟!

الأنثى منذ القدم كانت رمزاً للقوة والخصوبة والحب، فبأيّ حقّ يريد البعض تغير هذه الفكرة العظيمة، وبأي قانون يريدون إلغاء تلك الروح التي ترعى أجيالاً وتبني عقولاً غيّرت وجه العالم.

ما أجملك يا امرأة! من أي قوة جبلت وأي قدرة جعلت منك صافية كماء النبع، وقوية كحجر الصوان، معجونة بالحب ومطحونة بالألم، ما هذا التكوين العجيب؟!

ندعو المجتمعات المدنية والأهلية والفعاليات الثقافية إلى تسليط الضوء على العنف الجسدي والنفسي الواقع على المرأة، والعمل لتهيئة البيئة التشريعية والثقافية والمجتمعية للجمه، فالمرأة هي الكون بأسره.

العدد 1104 - 24/4/2024