القمة العربية في مرحلة انعطافية

كتب بشار المنيّر:

في التاريخ العربي المعاصر المليء بالتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لم يكن لاجتماعات القمة العربية أثر حاسم في حلّ أيّ معضلة عربية أو إقليمية، واكتفت، غالباً، بالتعبير الشكلي عن تقارب الأطراف العربية في هذه المسألة أو تلك، ولم تلعب فعلياً أي دور باتجاه تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان العربية، بل مارست القمة في كثير من الأحيان ضغوطاً مباشرة أو غير مباشرة على هذه الدولة أو تلك.

لكن العالم اليوم يمر بمرحلة انعطافية، يتحول فيها من عالم أحادي القطب تقوده الولايات المتحدة لتحقيق سيطرتها على السياسة والاقتصاد العالميين، إلى عالم متعدد الأقطاب، ينبذ هيمنة قطب واحد، ويعمل على ضمان التطورالمستقل لكل دول العالم دون تدخل الكبار، وهذه المرحلة الانعطافية تتطلب اليوم وعياً عربياً مختلفاً، يجمع بين ضمان مصالح الشعوب العربية، وتأسيس قطب عربي وإقليمي يساهم، بما يمتلكه من مقدرات مادية ومعنوية، في حيوية وفاعلية العالم الجديد الذي سيقوم على أسس جديدة، في لحظة تاريخية جديدة تراجعت فيها مفاهيم، وتقدمت فيها مفاهيم أخرى.

إن القمة العربية القادمة مطالبة بضمان مكان للدول وللشعوب العربية في العالم الجديد، تتناسب مع مكانتها وموقعها وثرواتها، وتسهم من جانب آخر في إرساء قواعد الأمن والسلام العالميين، وتعمل على نقل الشعوب العربية إلى تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية تتناغم مع عالم جديد، بعيداً عن الحروب والبؤر التي كانت تصطنعها الإمبريالية الأمريكية وحلفاؤها.

كما تقف أمام محاولات الكيان الصهيوني لاجتياح المنطقة العربية برمتها، وتعمل على ضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير.

إن المواطنين السوريين يرون في القمة العربية في هذه المرحلة، وبعد عودة سورية إليها، عاملاً هاماً في إنجاح الجهود السلمية لحل الأزمة السورية عبر الطرق السياسية، وكسر الحصار المفروض على سورية وشعبها، وإعادة اﻻعمار.

 

العدد 1105 - 01/5/2024