لمصلحة من هذا القرار الجائر بحقّ الفلاح؟

ملول الحسين:

أصدرت رئاسة مجلس الوزراء، في الأسبوع الماضي، قراراً حدّدت بموجبه سعر شراء المحصول الاستراتيجي (القمح والشعير) لموسم 2023 على الشكل التالي:

القمح 2300 ل. س للكغ الواحد.. الشعير 2000 ل. س للكغ الواحد.

نتساءل: على ماذا استندت بقرارها؟ ألم يكن من الأجدر قبل كل شيء العودة لمنظمة اتحاد الفلاحين واحتساب التكلفة الفعلية، ثم إضافة هامش ربح للفلاح بحدود 25% أو 30%، ليستطيع العيش بكرامة والاستمرار في الإنتاج للمواسم القادمة؟

ألم نتعلّم من أخطاء الماضي، حين حدّدنا سعراً منخفضاً وكانت النتيجة خسارتنا للمحصول، فاضطرت الدولة إلى الاستيراد وبالعملة الصعبة بدلاً من وضع سعر مقبول ومجزي للفلاح يساعد على انتعاش الريف السوري وربط الفلاح بالأرض، فهل لدى الحكومة فائض من العملة الصعبة!؟

يبدو أن الحكومة احتسبت التكلفة على أساس الأسعار الرسمية المحددة من قبلها للسماد والمازوت ومواد المكافحة .. إلخ، وهنا أساس الخطأ، يجب أن تحسب التكلفة على أساس أسعار مستلزمات الإنتاج في السوق فعلاً، لأنه يبدو أن الحكومة عاجزة عملياً، بل هي عجزت فعلاً عن توفيرها للفلاحين بالسعر الرسمي، ولذلك كان يجب أن تحسب التكلفة على أساس (السعر الحر) الذي دفعه الفلاح مضطراً.

إن استمرار الحكومة بهذا السعر سوف تدفع الفلاحين إلى هجرة الأرض والزراعة، وبذلك تكون الدولة قد ابتعدت عن شعارها: الاعتماد على الذات وضمان الأمن الغذائي بآنٍ واحد. ولذلك نتساءل: لمصلحة من هذا القرار؟

إننا نناشد الحكومة العودة عن قرارها، وأن تحدّد سعراً جديداً لهذين المحصولين يكون مجزياً للفلاح، وألّا يقل عن 3250 ليرة لكيلو القمح، و2500 ليرة لكيلو الشعير، وبذلك تضمن أولاً أن يتسابق الفلاحون لتسليم محصولهم إلى مؤسسة الحبوب، وثانياً تقطع الطريق على من ينتهزون فرصة من هذا النوع، فيشترون اليوم ثم يفرضون شروطهم وأسعارهم غداً، وقد حصل مثل ذلك في الماضي القريب، وثالثاً تعزّز ارتباط المنتجين بالأرض واستمرارهم في الإنتاج على المدى القريب والبعيد.

ومهما كان السعر، برأي البعض، عالياً فهو لصالح الفلاح، ولصالح الإنتاج والمنتجين، ولصالح الاقتصاد الوطني، وبالتالي لصالح الدولة والشعب، وما يردّده البعض أن أسعار الاستيراد أرخص، نعم، قد يكون ذلك صحيحاً، لكن نتذكر الموقف الذي اتخذه الرئيس الراحل حافظ الأسد حين قالوا له مثل ذلك، أجابهم: سأشتري من الفلاح وبسعر أعلى، لينتعش ريفنا وشعبنا ونعزز انتماءه لوطنه وتمسّكه بأرضه.

 

العدد 1104 - 24/4/2024