عيد الأمهات السوريات تحتَ وطأة الفقد والحنين

ياسمين تيسير أبو ترابي:

يحتفل السوريون بعيد الأم في الحادي والعشرين من شهر آذار من كل عام، لكن معظم الأمهات ومنذ أكثر من عشر سنوات يقضين عيدهن في ظلّ الفقد والنزوح والتهجير والبعد عن الأبناء، إذ لم تستطع كثيرات الاحتفال بعيدهن وسط ركام المنازل المهدمة بسبب الحرب أو الزلزال وكآبة العيش وسط مخيّمات النزوح والإيواء التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة. لقد فجعهنَّ القدر فجعَهن بأبنائهن، فالأم السورية يكتوي قلبها بلوعة الفراق والأسى حيث خطف الموت فلذة كبدها أو جعله مهجّراً في مختلف أصقاع العالم، وهذا ما جعل اليوم عصيباً وحزيناً على غالبية الأمهات.

أمّا الأم التي تتفجّر من شدّة الحزن على ابنها المعتقل خلف القضبان، تاركاً خلفه دموع أمّ معجونة بالقهر والشوق، فيغدو عيد الأم بالنسبة لغالبية أولئك الأمهات مناسبة ليتذكرن أبناءهن الذين سُرقت حريتهم دون معرفة أخبارهم، والعيش فقط على ومضة نور تجمع شملهم عن قريب.

وما زال هناك الكثير من الأمهات السوريات الغارقات في مآسي النزوح والتهجير، ويمر هذا اليوم عليهن في خيام متهالكة. وهكذا نجد الأم السورية النازحة في خيام مزّقتها رائحة الفقر والغلاء وشحِّ فرص العمل والأمل بالعودة إلى منازلهن مناجيات ربهن الخلاص من حياة التشرد والشتات.

تعتبر الأمهات هنّ الخاسر الأكبر في الحرب السورية وما تلاها من تبعات وزلزال زعزع بعض الأمان، تكتوي قلوبهن بألم فراق الأبناء والخوف على من تبقى، ويتحملن الشوق والحسرات والدموع وسط محاولات دائمة لأداء دورهن ولمّ شمل عوائلهن، وتوفير ملاذ آمن في أصعب الظروف، ليمرَّ العيد حزيناً لا يحمل سوى غصة وحرقة قلب.

واليوم تخليداً لهذه لذكرى، باسمي وباسم كل مواطن سوري أقدم لك هذه الكلمات:

نحيي الأم السورية العطوفة، والأم السورية النازحة، كما نحيي فيك الأم المناضلة أمّ الشهيد التي كفّنت فلذة كبدها بيديها وأودعته تحت التراب. نحيي الأم السورية الصبورة في سبيل قضية النجاة من مرارة العيش، فلأولئك الأمهات الأيقونات الماجدات والصابرات الشامخات كل التقدير وقبلة لأيديهن وجباههن في يوم عيدهن.

++++

  • الأمهات هنّ الخاسر الأكبر في الحرب السورية وما تلاها من تبعات وزلزال
  • لأولئك الأمهات الأيقونات الماجدات والصابرات الشامخات كلّ التقدير
العدد 1107 - 22/5/2024