أساس المجتمع

وعد حسون نصر:

المرأة شريك الرجل في بناء مجتمع متقدم، فلا تقتصر مكانتها على المنزل، أمام الطباخ لطهي الطعام فقط، أو أمام حوض الغسيل لغسل الصحون والملابس والأثاث، هي الأم، نعم، من واجبها ومن حق أبنائها عليها رعايتهم في أخلاقهم ومظهرهم وطعامهم وتعليمهم، كذلك هي الابنة ومن حق أبويها رعايتهم والوقوف إلى جانبهم وخاصةً في عجزهم، وهي الأخت، وهي الزوجة. لكنها لم تُخلَق لتكون مستعبدة أو لتكون تحت وصاية رجل، ففي الكثير من المناطق وخاصةً في العائلات التي مازالت تحت رحمة تفسير متخلّف لمقولة (الرجال قوّامون على النساء)، نلاحظ أن المرأة هي عبارة عن شخص ناقص ويحق حتى للأخ الأصغر، أو الابن أن يكون (قوّاماً) عليها ومسيطراً على سلوكياتها. كذلك نلاحظ في الكثير من المناطق أن المرأة تعمل أكثر من الرجل في المنزل وخارج المنزل، في الأرض في الزراعة والعناية بالنبات وأيضاً بالمواشي، كذلك في الذهاب للمدن وبيع منتجاتها في حين يبقى الرجل بالمنزل ويمارس السيطرة والتحكّم والتهكّم مع العلم أن المرأة هنا متفوقة عليه بالعطاء والعمل وأداء الواجب داخل المنزل وخارجه وما هو فوق طاقتها.

ندرك قبل كل شيء أن المرأة في الدرجة الأولى إنسان كامل داخل المجتمع، ومن حقه أن يعامل معاملة المواطن الكامل، فهي لا تقل عن أي رجل، والكثيرات والكثيرات من السيدات لمعت أسماؤهن في الأدب والشعر والعلوم والأبحاث العلمية والطب والزراعة والكثير الكثير من الإنجازات نرى صنّاعها من النساء، فالكثيرات منهن أيضاً دخلن في ميدان السياسة وكنَّ قادرات على إدارة منظمة ودولة وتنسيق علاقات دبلوماسية وسياسية بكل رجاحة عقل، فهي لم تكن يوماً ناقصة عقل ودين، هي امرأة.. هي الحياة هي العطاء، لذلك فكرة حصر عمل المرأة ببعض القطاعات فكرة مغلوطة جداً وغاية في الأنانية والتمييز بين مواطني المجتمع، إذ شاركت الكثير من النساء في اكتشاف الفضاء، كما شاركت الكثيرات منهن في اختراعات عادت على العالم بالنفع وباتت نظريات موثّقة تدرس للأجيال، فمن قال إن العلم والتعليم والاكتشاف والاختراع هي من اختصاص الرجل فقط، ومن قال إن المرأة ما خلقت إلاّ لتكون سيدة على منزلها فقط؟ الرجل والمرأة جسد واحد هو يزرع وهي تنتج، هو يبحث وهي توثّق.. كلاهما واحد، وينهض المجتمع بهما معاً، فإذا كان الرجل اليد اليمنى فالمرأة هي اليسرى وهاتان اليدان تحملان المجتمع للأعلى بالمساواة والعلم والبحث، والدليل أن الكثيرات منّا كانت اليدين معاً في نهضة أسرهن وبلدهن معاً وفي أحسن عطاء، فما زلنا نرى الكثيرات يرفضن فكرة الزواج مرة أخرى بعد وفاة أزوجهن أو طلاقهن ويتفرّغن ليربّين أبنائهن، كذلك الكثيرات اعتبرن أن عطاءهن في العلم والإنجاز والتفوق أكبر نجاح لهن، فالمرأة مواطن قبل أن تكون أنثى، المنطلق الذي يميّز بينها وبين الرجل ويُجسد عطاءها ضمن مجال واحد فقط.

العدد 1105 - 01/5/2024