اختلافنا بالرأي لا يجعلك عدوي

وعد حسون نصر:

انقسم الشارع خلال سنوات الأزمة عموماً إلى نصفين، والسبب الأكبر كان اختلاف الرأي، لدرجة أن الأهل داخل المنزل باتوا أشبه بالأعداء، والسبب اختلافات في وجهات النظر، حتى على صعيد الأصدقاء فالكثير منهم باتوا كأنهم غرباء بسبب الاختلاف برؤية المواضيع.

لم يقتصر الأمر على الاختلاف بالرأي وما ينجم عنه من خصام على الجانب السياسي فحسب، إنما في الجانب الثقافي كذلك وحتى في سماع الأغنيات، وفي الرياضة وتشجيع هذا الفريق أو ذاك، وهذا ما نلاحظه خلال المونديال، فالكثير من الأهل والأصدقاء نشبت خلافات فيما بينهم بسبب لعبة كرة القدم، وتطورت إلى العراك بالأيدي بسبب خسارة فريق أحدهم مقابل فريق الصديق أو الأخ. وهناك خلاف في الرأي على حب نوع معين من الطعام وخاصةً بين الإخوة والأزواج، وهذا الخلاف أحياناً كثيرة يتطور إلى مشكلة. أنا أعرف حالات نشب الخلاف فيها بسبب الطعام، فقد وضعت الزوجة مكوّناً في الطعام لا يحبه الزوج، وتفاقم الخلاف حتى انتهى بالطلاق!

للأسف، إن الذي يجهله كثيرون أن الاختلاف لا يعني عداوة إنما تنوّع وتطور، بل وقد يخلق تنافساً إيجابياً فيما بيننا، فما ضرّ لو كنت أنت من مشجعي فريق وأنا من مشجعي الآخر؟ لماذا لا نجعل من هذا الخلاف دعابة وفكاهة بيننا، ماضرّنا إذا تقبّلنا اختلافنا مع الآخر سياسياً وفكرياً وجعلنا من هذا الاختلاف حلاً لأزمتنا لا خلافاً ولا سبباً للانقسام؟

لذلك نرى أن الشعوب التي تقدّمت علينا كان أحد عوامل تقدمها احترامها لرأي الآخر ولحرية الآخر، وبسبب تعزيزها لفكرة تنتهي حريتي عندما تبدأ حرية الآخرين. وللأسف هذا الشيء مازالت بلادنا تفتقده، نحن لسنا لا نحترم فقط الآراء فيما بيننا، بل نحن لا نحترم خصوصية غيرنا، لا نحترم حتى منازل الآخرين وخاصةً داخل الأبنية السكنية التي تحوي سكاناً تجمعهم قرابة ومعرفة. لذلك علينا أن نخرج من عداوة التشبّث بالرأي، علينا احترام رأي الآخر، كذلك إيصال أفكارنا إلى الآخر بطريقة محترمة، وعدم التخوين، والابتعاد عن السخرية من أفكار الآخرين، فحرية الفكر هي رقي للبلاد وسبب في تطورها، والاختلاف يعني تنوعاً لا خلافاً، فاختلافي معك بالرأي لا يجعلنا أعداء، بل يجب أن يجعلنا بناة لتنوع وتطور ينجم عنه أفكار جديدة تسهم في تطور المجتمع ابتداءً من الرأي وينتهي في حرية الفكر وخصوصيته.

العدد 1105 - 01/5/2024