إيطاليا تعود إلى الفاشية!

د. صياح فرحان عزام:

ما جرى في إيطاليا مؤخراً يلفت النظر، إذ عادت، كما أشار محللون سياسيون، مئة عام إلى الوراء عندما احتضنت الحزب الفاشي الذي أسسه بينيتو موسوليني من عام 1922 إلى عام 1943، فقد اختار الإيطاليون في انتخابات يوم الأحد 25/9/2022 حزب فواتيلمي وتياليا (أخوة إيطاليا) ذا الجذور الفاشية الذي تتزعمه جورجيا ميلوني، و(حزب الرابطة) اليميني المتطرف بزعامة ماتيو سلفيني، وحزب (فورزا إيطاليا) اليميني بزعامة رئيس الوزراء الأسبق سيليفيو برلسكوني، لقيادة إيطاليا خلال السنوات السبع المقبلة، وستكون ميلوني أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في إيطاليا، باعتبار أن حزبها تصدّر نتائج الانتخابات.. وبعد إعلان النتائج، وجهت ميلوني كلمة موجزة شكرت فيها الشعب الإيطالي الذي منح اليمين تفويضاً واضحاً لتشكيل الحكومة، وأعلنت أن حزبها سيحكم الجميع لتوحيد الشعب وتمجيد ما يوحده وليس ما يفرقه (حسب زعمها).

لا شك في أن هذا الزلزال السياسي ستكون له تداعياته وارتداداته السلبية في دول الاتحاد الأوربي، كما أشارت إلى ذلك ميلوني عندما قالت: (إنهم قلقون جداً في أوربا لرؤية ميلوني في الحكومة.. انتهى العيد.. ستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها الوطنية)، خاصة بعد أن تمكّن اليمين في السويد من تحقيق فوز مماثل في الانتخابات الأخيرة، إضافة إلى سيطرة اليمين على السلطة في المجر، وانتعاش اليمين الفرنسي. وقد عبّر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان عن سعادته وسروره لفوز اليمين الإيطالي، وبعث برسالة إلى ميولي قال فيها: (نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى أصدقاء يتشاركون رؤية ونهجاً مشتركين تجاه أوربا).

وكذلك فعل نظيره البولندي ماتيوز مورا فيكسي ورئيس التجمع الوطني الفرنسي جوردان بارويلا.

إن الخوف الأوربي من نتائج الانتخابات الإيطالية يعود إلى أن إيطاليا هي إحدى الدول المؤسسة للاتحاد الأوربي، وأنها ثالث قوة اقتصادية في منطقة اليورو، وهناك مواقف متعارضة للأحزاب الإيطالية الفائزة مع السياسات الأوربية تجاه العديد من القضايا الأوربية والعالمية حول الهجرة، والدفاع، والحرب الأوكرانية، والعقوبات الأمريكية والغربية المفروضة على روسيا.

وعبرت الصحف الإيطالية عن قلقها حيال فوز اليمين، بل ذهب بعضها إلى الحديث عن مزاعم تتهم روسيا بالتدخل في الانتخابات الأخيرة، وعلى سبيل المثال تحدثت صحيفة (لاريبوبليكا) عن دور لروسيا في صفحتها الأولى تحت عنوان (التحدي النهائي أمام أوربا وبوتين)، فيما تحدثت صحيفة (ستامبا) عما أسمته (خطر الابتزاز الروسي على إيطاليا)، كما اتهمت صحيفة (إيل ميساغيرو) روسيا (بالتدخل في الانتخابات).

الجدير بالذكر أن ميلوني كانت تحمل مشروعاً يدعو إلى إخراج إيطاليا من منطقة اليورو، ولكنها تراجعت عنه، وهي تدعو الآن من أجل إيطاليا قوية وجدية ومحترمة على الساحة الدولية.. (إيطاليا التي تدافع عن مصالحها الوطنية كما يفعل الآخرون).

الخلاصة أو الاستنتاج على ضوء ما تقدم يمكن القول وحسبما يؤكد عدد من الباحثين أن الاتحاد الأوربي مقبل على أيام صعبة، لأن عاصفة (البريكست) تجد طريقها إلى دول أخرى كما فعلت بريطانيا وتسير في اتجاه سياسي آخر لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية الأمر، بل يصب في مصلحة موسكو، ويقف في صف وارسو وبودابست في المعركة ضد الاتحاد الأوربي.

 

العدد 1105 - 01/5/2024