تحديات أمن الطاقة في العلاقات الأوروبية_ الروسية .. الحرب الروسية_ الأوكرانية ” نموذجاً “

نهلة الخطيب:

 

..Energy security challenges in European-Russian relations

The Russian-Ukrainian war as “a model”

الملخص

إن التحول الكبير في طبيعة وماهية التهديدات الأمنية مرتبط بتغير النظرة إلى موضوع أو مرجعية الأمن مما أدى إلى اختلاف مصادر التهديد وماهيتها وسبل احتوائها ومواجهتها، بعد الحرب الباردة برز مفهوم أمن الطاقة كعنصر مهم في تحديد طبيعة الأمن العالمي والسياسة الدولية بسبب دوره في خلق مجالات للتعاون من جهة، وإشعال نزاعات وحروب من جهة أخرى. تتناول الدراسة التحديات التي تواجه العلاقات الأوروبية_ الروسية في مجال الطاقة ومدى الاعتمادية المتبادلة بين الطرفين بالإضافة إلى سيناريوهات الحرب الروسية الأوكرانية الحالية عام 2022، وأثرها على أمن الطاقة الأوروبي والروسي التي لم تتكشف بعد إلى يومنا هذا.

المقدمة

إن إشكالية أمن الطاقة في العلاقات الاقتصادية الدولية بين طاقة المحروقات والطاقات البديلة كثيراً ما تطفو على الصعيد الدولي، ولكن الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، دقت ناقوس الخطر لهذه الإشكالية بدون سابق إنذار، فتحولت مشكلة ارتفاع أسعار الطاقة ونضوبها إلى أزمة تتطلب تدخلاً سريعاً من الاتحاد الأوروبي، وتزايد الطلب على الطاقة مع نقص الاستثمار في قطاع الطاقة الأحفورية في أوروبا بالإضافة إلى الظواهر الجوية القاسية أدى إلى تراجع مخزون الاتحاد الأوروبي من الطاقة، فالدول الأوروبية لديها عدد هائل من البنى التحتية باهظة الثمن المرتبطة بإمدادات الطاقة المستوردة، فلا هذه الدول يمكنها ببساطة إنشاء بنى جديدة كاستراتيجية للتنويع في مجال الطاقة، ولا يوجد بدائل متاحة للتعويض بالوقت الراهن.

ولعل وجود أزمة طاقة في بلد ما أو إقليم ما يعني أنه بدا يعاني تراجعاً في إمدادات الطاقة أو زيادة في الأسعار بما يهدد الاقتصاد والأمن القومي لتلك الدولة أو الإقليم[1].

التوتر الجيواستراتيجي على أشده بين روسيا والدول الأوروبية بعد العملية العسكرية التي أطلقها الرئيس الروسي على الأراضي الأوكرانية في 24\2\2022، وهذا ما يضع أوروبا أمام خيارات صعبة ودقيقة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة “النفط والغاز الطبيعي”، وخصوصاً بعدما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا عقوبات على قطاع الطاقة الروسي، فأوروبا محصورة بين محدودية المصادر الداخلية ومتطلبات نموها الاقتصادي واستقرارها، وبين تحديات البدائل وعلى الرغم من جهودها في إيجاد بدائل لمصادر الطاقة التقليدية، لكن هذه الجهود لا زالت لم توفر لها كل احتياجاتها من الطاقة فأصبحت أمام إشكالية ضمن بعدها الأمني الشامل[2].

مشكلة البحث يحظى موضوع أمن الطاقة بأهمية كبيرة في العلاقات الدولية ودوره كأحد أهم العوامل التي تؤثر على العلاقات بين الدول، وقد مرت العلاقات الأوروبية_ الروسية تاريخياً بمراحل مختلفة تباينت بين الصراعات العسكرية والحروب الباردة وصولاً إلى علاقات التعاون القائمة على الاعتمادية المتبادلة الشديدة المتمثلة في سعي الطرفين الأوروبي والروسي لتحقيق أمنهم في مجال الطاقة، لذلك تثير لدينا التساؤلات التالية:

1_ماهي طبيعة العلاقات الأوروبية_ الروسية في قطاع الطاقة وماهي التحديات التي تواجهها؟

2_ماهي تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على أمن الطاقة في العلاقات الأوروبية_ الروسية؟

أهمية البحث: تأتي أهمية البحث من حساسية موضوع الطاقة الأوروبية الروسية، حيث أن الاتحاد الأوروبي يحتاج لاستيراد 53% مما يحتاجه من الطاقة” نفط وغاز”، وفي حالة أوروبا التي تستورد 39% من نسبة حاجتها من روسيا الواقعة في صراعٍ مع أوكرانيا والتي هي بدورها حليفة أوروبا، وهنا نستطيع أن نقول أن روسيا كانت قد استخدمت موضوع الطاقة كورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي مقابل الموقف السياسي. وعليه يُفتح باب دراستنا الحالية لنتعرف على التحديات الطاقية “حجمها، بديلها ” التي تواجه الاتحاد الأوروبي اليوم.

أهداف البحث 1_تعريف مفهوم أمن الطاقة .

2_إظهار مدى حساسية أمن الطاقة الأوروبي من خلال عرض العلاقات الأوروبية_ الروسية في مجال الطاقة قبل الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022. 3_التعرف على تحديات أمن الطاقة بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي وروسيا.

_4التعرف على بدائل إمدادات الطاقة الأوروبية، ودور الاتحاد الأوروبي في دعم مساهمة موارد الطاقة البديلة في توليد الطاقة. 5_إعطاء تصور عن بدائل تصدير الطاقة الروسية، بظل المعلومات المتوفرة في يومنا هذا.

المبحث الأول : أمن الطاقة في العلاقات الأوروبية_ الروسية شكلت نهاية الحرب الباردة أوائل تسعينات القرن العشرين منعطفاً حاسماً في تاريخ العلاقات الدولية، وذلك من حيث جملة التحولات والتغيرات الجديدة التي أفرزتها على جميع الأصعدة، أَثْر نهاية هذه الحرب لم يتوقف عند حد طبيعة النظام الدولي بعد تفكك الكتلة الشرقية وتوسع الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي وتغيير النظام الدولي من الثنائية القطبية الى الأحادية القطبية وهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية[3]، بل ذهب الى أبعد من ذلك الى درجة التغيير الجذري الذي حدث في طبيعة المواضيع النقاشية في أجندة العلاقات الدولية، فبرزت العديد من المفاهيم الجديدة مثل التنمية المستدامة والنزاعات الاثنية والارهاب بالإضافة الى تحول في طبيعة مفهوم الأمن الذي توسعت دلالاته ليضم مفاهيم أخرى الأمن الغذائي والأمن الانساني والأمن السيبرالي وأخيرا أمن الطاقة[4]وعليه نبدأ :

المطلب الأول : الإطار النظري و المفاهيمي لأمن الطاقة يصعب تحديد تعريف دقيق للطاقة فهي ليست شيئاً مادياً كباقي الأشياء، غير أنها مصدر كل حركة وأحد مكونات الأمن الاقتصادي للدول، والذي أصبح يضاهي بأهميته الأمن العسكري، فبرزت مفاهيم نظرية متعددة متناقضة تتماهى مع مصالح هذه الدول .

أولاً : ماهية الأمن / أمن الطاقة الطرح التقليدي لمفهوم الأمن السائد في مرحلة الحرب الباردة، والذي يتمحور حول ضمان أمن الدولة وبقائها عبر القوة العسكرية، لكونها فاعل وحدودي وعقلاني ومحرك للعلاقات الدولية لم يعد يتحقق إلا بنماذج مقومات القوة المتعددة التي أضحت المرتكز الأساس في قياس قوة الدولة، إذ أصبحت العوامل الاقتصادية والثقافية سمة أساس في تحقيق نمو ورفاهية المجتمعات[5]، والجانب التكنولوجي الذي أصبح له دوراً محورياً في قيادة الجانب العسكري والاقتصادي والثقافي، أي إن قوة الدولة وأمنها واستقرارها أصبح يقاس باجتماع المقومات كافة.

برزت مفاهيم جديدة للأمن ومن أهمها أمن الطاقة الملف الأكثر تعقيداً وتشابكاً، إذ باتت الطاقة من حيث مصادر تأمينها وأوجه استخدامها متغلغلة في أدق تفاصيل الحياة اليومية للدول و الأفراد، وتمثل الطاقة في محتواها التقليدي “النفط والغاز الطبيعي”، عاملاً بارزاً في التطور الاقتصادي للدول ومتغيراً مستقلاً أثبت تأثيره في الأمن القومي بصفة مباشرة للدول عبر العالم، ومن ثم بروزه كأولوية في الأجندة الأمنية على المستوى العالمي[6].

وظهر أمن الطاقة كمفهوم له أبعاد سياسية في أوائل القرن العشرين حيث شكلت الصدمة النفطية الأولى سنة 1973، تأكيداً على تلك الأهمية الأمنية وذلك من خلال الحظر الجماعي لأعضاء من منظمة أوبك النفطية الدولية، على بيع النفط للولايات المتحدة الأمريكية وهولندا ودول أخرى دعمت إسرائيل وسياساتها الصدامية ضد الدول العربية[7]، واشتدت أهميته في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين مدفوعاً بالطلب المتزايد في آسيا واضطرابات إمدادات الغاز في أوروبا والضغط لإزالة الكربون من أنظمة الطاقة حفاظاً على البيئة.

طرح الباحث في الشؤون الأمنية Richard Ullman ريتشارد اول مان في مقالة نشرت في مجلة الشؤون الخارجية Affair foreignعام 1983، مسألة إعادة تعريف الأمن بإدخال الأبعاد الجديدة للأمن قيد التأصيل النظري، في مفهوم أمن جديد يعرف بأمن الطاقة ومن ثم بعملية أمننه لمفهوم الطاقة[8]. ففي مقالة أصبحت دراسة كلاسيكية عن إعادة تعريف الأمن ميز ريتشارد اول مان بين نوعين من القيود المفروضة على إمدادات مصادر الطاقة : أ ‌- النوع الأول: هو عندما يصبح المصدر الغير المتجدد نادراً، من خلال النضوب الطبيعي. ب- النوع الثاني: هو عندما تفرض قيود على إمدادات الطاقة من خلال الجهود الحكومية المصطنعة للحد من العرض عن طريق فرض حظر أو اتفاق بين منتجين[9].

ووضعت الوكالة الدولية للطاقة IEA مفهوم لأمن الطاقة وهو” تواصل الاستقرار في الإمدادات ضمن مستوى الأسعار المقبولة التي في المتناول مع استمرار الاهتمام بقضايا البيئة “[10]، وترى الوكالة أن لأمن الطاقة وجوها عدة فهو على المدى البعيد مرتبط بصورة أساسية باستمرار الاستثمارات في إمدادات الطاقة تماشياً في الوقت ذاته مع التطورات الاقتصادية والحاجات البيئية وفي المدى القصير فأمن الطاقة يعني استجابة سوق الطاقة العالمية للمتغيرات المفاجئة في توازن الطلب والعرض[11].

ويتم تفسير مفهوم أمن الطاقة من قبل مجموعات الدول المختلفة بناء على نطاق مصالحها حيث تهتم الدول المستوردة للطاقة بإمدادات طاقة طويلة الأجل وآمنة وبأسعار منخفضة، وبالنسبة للدول المصدرة فان أمن الطاقة يعني ضمان استقرار إمدادات الطاقة بأسعار عالية ودعم كفاءة قطاع النفط والغاز في اقتصادها، لاستخدام الإمكانيات المالية والاقتصادية لبناء اقتصاد حديث. بالإضافة إلى الفواعل الأخرى والتي تتجسد على مستوى الدول بدول العبور وفواعل غير دولية مثل الشركات الدولية و الجماعات الإرهابية، وبالتالي يشمل أمن الطاقة على ثلاث عناصر لمصالح الدول المختلفة تتمثل في: 1_ تأمين العرض بالنسبة للدول المستوردة بأسعار منخفضة وكميات مستقرة .

2_ تأمين الطلب بالنسبة للبلدان المصدرة المهتمة بتحقيق دخل مالي مستقر من مبيعات الطاقة وبأسعار مرتفعة . 3_تأمين مرور الطاقة وتعظيم المنفعة والأرباح للدول التي تمر الطاقة عبر أراضيها[12].

وهكذا نرى أن أمن الطاقة كمفهوم يصعب تحديده بدقة، نتيجة تباين مدلول المفهوم بين الدول المصدرة والدول المستوردة للطاقة، إضافة إلى تباين ذلك المفهوم بين دولة وأخرى داخل كل مجموعة.

ثانياً- إشكاليات تعريف أمن الطاقة ومحدداته منذ ظهور أمن الطاقة كمفهوم بدأت الإشكالية في تحديد مفهوم واحد له، سواء من قبل الدارسين والباحثين، أو من قبل جهة الدول المنتجة والمستهلكة، فهناك أبعاد سياسية وأمنية وبيئية واقتصادية متعلقة بعوامل الطلب والعرض وجميعها عوامل مؤثرة في تحديد مفهوم أمن الطاقة.

1_ إشكاليات تعريف أمن الطاقة تتجلى : الإشكالية الأولى: أن مفهوم أمن الطاقة يتم تفسيره بشكل مختلف من قبل الدول المستوردة للطاقة، والتي تعتبر أمن الطاقة يتحقق بالحصول على هذا المورد بكلفة بسيطة وإمداد مستمر، والدول المنتجة والمصدرة للطاقة التي تعتبر أمنها في الطاقة يتحقق من خلال ضمان العائدات المالية من مبيعات الطاقة، بالإضافة إلى استمرار الحصول استثمارات ورؤوس أموال لتوظفها في مشاريع التنقيب عن مصادر الطاقة الأولية مما يساعدها في رفد ميزانيتها العامة[13]، وبالتالي يختلف المفهوم بناء على نطاق مصالح الطرفيين. الإشكالية الثانية: أن المفاهيم المتعددة الحالية لمفهوم أمن الطاقة غامضة ومتناقضة إلى حد ما وهناك العديد من المعيقات التي تحول دون صياغة نهج عالمي واحد لأمن الطاقة، حيث تختار حكومات الدول أو الجهات الفاعلة غير الحكومية مفهوم أمن الطاقة الذي يبرز سياساتها مما يؤدي إلى التلاعب بالمصطلح، وبالتالي لا يتسم التعريف بالشمولية وإمكانية التطبيق على أي بلد[14]. الإشكالية الثالثة: التفاوت والاختلاف في تناول مفهوم أمن الطاقة من قبل مدارس العلاقات الدولية مما أدى الى ظهور العديد من المفاهيم المختلفة والمتناقضة. الإشكالية الرابعة: مفهوم أمن الطاقة يستند على نماذج أمنية قديمة لا تعكس اتجاهات الطاقة الحديثة والتطورات التكنولوجية في صناعة الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة[15].

يمكن اعتبار مفهوم أمن الطاقة في طور التبلور ولاتزال هناك اجتهادات أكثر وزن في ظل التبلور، ولا تزال هناك حاجة لاجتهادات أكثر، ليكون مفهوماً متماسكاً ويعطيه هويته المتميزة.

2_محددات أمن الطاقة : يرتبط أمن الطاقة بمجموعة من المحددات التي تحمل الدول على تبني سياسات وأدوات مختلفة على الصعيد القومي والدولي تتبلور هذه المحددات في : _اختلالات قائمة على العرض والطلب في سوق الطاقة العالمي مع توقعات بزيادة الطلب على الطاقة بنسبة 56% بين عامي 2010_2040. – قيود على إمدادات الطاقة قهرية ناتجة عن نضوب مصدر الطاقة أو ظروف داخلية للدولة المصدرة، وقيود على الصادرات بالاتفاق بين مجموعة الدول المنتجة لتقليل العرض. – هجمات إرهابية على مصادر الطاقة واستهداف البنى التحتية للطاقة في الدول المنتجة للنفط والغاز بغية استهداف الدول المستهلكة الكبرى للطاقة. – تحديات خاصة بالشركات العالمية للنفط التي تحد من قدرتها وفعاليتها في الدول المنتجة ومنها التهديدات الأمنية التي تتعرض لها عند حدوث تغيير جوهري في البيئة الأمنية والسياسية لهذه الدول وتهدد عقود استثمار تلك الشركات[16].

إذن أمن الطاقة من القضايا المهمة والجوهرية التي تسعى كل الدول لتحقيقها بالنظر إلى المخاطر المرتبطة به الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن المخاطر البيئية، ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا جزء من هذه الدول التي تسعى جاهدة من أجل الحفاظ على أمنها في مجال الطاقة المرتبط بقطاع المحروقات بشكل عام.

المطلب الثاني: مفهوم أمن الطاقة في العلاقات الأوروبية_ الروسية سنتناول في هذا المطلب مفهوم أمن الطاقة لدى روسيا والدول الأوروبية ثم نتناول واقع الطاقة من خلال حجم الانتاج والاستهلاك لكلا الطرفين.

أولاً – المفهوم الأوروبي لأمن الطاقة: إن مفهوم أمن الطاقة لدول الاتحاد الأوروبي يقوم على أمن إمدادات الطاقة ويلخص بأربع دعائم رئيسية وهي[17]: 1_ استمرارية توافر موارد الطاقة في السوق من بترول وغاز طبيعي وفحم.

2- ضمان توفر مصادر طاقة موثوقة من مناطق الإنتاج. 3- ضمان أسعار معقولة لمختلف موارد الطاقة 4- ضمان حماية البيئة وعدم إلحاق الضرر فيها.

تعد الدول الأوروبية من الدول المستهلكة للطاقة ” النفط والغاز” وبنسب ترتفع من فترة إلى أخرى إذ بلغ إنتاج دول الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة لعام 2013، وفق المعادلة التالية مقدار إجمالي إنتاج الطاقة الأولية لدول الاتحاد 789.8 مليون طن معادل نفط[18]= 131.8 مليون طن معادل نفط من الغاز+ 155.8مليون طن معادل نفط من الفحم +66.2 مليون طن معادل نفط من النفط + 226.3مليون طن معادل نفط من الطاقة النووية192+ مليون طن معادل نفط من الطاقة المتجددة+ 17.7 مليون طن معادل نفط من طاقات أخرى، استهلكت دول الاتحاد الأوروبي خلال السنة نفسها 1.666مليار طن معادل نفط، بما جعل هذه الدول تستورد قرابة مليار طن معادل نفط لتغطية حاجاتها من الطاقة خلال السنة نفسها[19]. وقد استورد الاتحاد الأوروبي 33.50%من حاجته النفطية و39% من الغاز من روسيا عام 2013، وهو ما يجعل روسيا أول مورد للطاقة نحو الاتحاد الأوروبي[20]، وأهم الأسباب التي جعلت روسيا في المركز الأول ضمن أولويات أمن الطاقة الأوروبي هي[21]:

1_القرب الجغرافي وبالتالي وفرة بالنقل وحماية أكبر من التخريب والعمليات الإرهابية.

_2توفر البنى التحتية لنقل الطاقة عبر الأنابيب والتي هي بحالة تطور مستمر.

ووفقاً لإحصائيات شركة برتش بتروليوم لعام 2019، بلغ إنتاج الدول الأوروبية من النفط الخام بنحو 3.566 مليون برميل يومياً، بينما بلغ استهلاكها من 14.975 مليون برميل يومياً، أما الغاز الطبيعي فإن الدول الأوروبية تنتج نحو 288 مليار م3 سنويا، أما استهلاكها منه بلغ 531 مليار م3 سنويا، وقد عملت الدول الأوروبية على توفير الفرق بين الإنتاج والاستهلاك البالغ 11.409 مليون برميل نفط خام و303 مليار م3 غاز عن طريق الاستيراد[22]. وبلغ حجم مخزون دول الاتحاد الأوروبي عام 2021 من النفط حوالي 112.5مليون طن، النصيب الاكبر للنفط الخام حوالي 47.4 مليون طن، يليه الغاز الطبيعي حوالي 40 مليون طن[23].

بعد الأزمات التي شهدها أمن الطاقة الأوروبي، أصبح يقوم على بعد آخر يتمثل بضرورة تنويع مناطق إمدادات الطاقة بغية تقليل التبعية الطاقية الأوروبية لروسيا[24]، إذ أن معظم الدول الأوروبية تعاني من اعتمادية وارداتها من الطاقة على الاستيراد، مما جعل اقتصادها وسياساتها مرتبطة بمعطيات هذه الاعتمادية وتقلبات العلاقات بين الدول المنتجة والفاعلة في سوق الطاقة.

ثانياً : مفهوم أمن الطاقة الروسي يقول الباحث بمركز استراتيجية الطاقة بموسكو م. بيلوفا (M. Belova (على أنه ” ليس هناك تعريف وحيد لأمن الطاقة لروسيا مثل أي موّرد طاقي أخر، أمن الطاقة يدور حول أمن الطلب وأسعار طويلة المدى والتزامات طويلة المدى أيضا ً”[25]. ويركز المفهوم الروسي لأمن الطاقة على ضرورة الاستخراج الكافي من مصادر الطاقة الروسية الواقعة في مناطق جغرافية صعبة وقاسية، كما يتضمن ضرورة الوصول الآمن إلى أسواق الطاقة العالمية خاصة الأوروبية منها، فضلاً عن ضرورة التصدير الآمن لإمدادات الطاقة الروسية دون عرقلتها من طرف دول العبور وبأسعار عالية تحقق أرباحاً مهمة زيادة على ضرورة امتلاك التكنولوجيا الحديثة لاستخراج الطاقة، وامتلاك والتحكم في شبكة خطوط نقلها نحو الأسواق الخارجية مع ضرورة خلق تنوع وتوازن في أسواق الطاقة بما لا يجعلها تابعة لسوق طاقة واحدة.

هذا المفهوم يجعل من روسيا فاعل محوري في توازنات الطاقة في السوق الدولية[26]، فهو أداة جيوسياسية وأحد أصول القوة الناعمة الحاسمة التي تستخدمها روسيا للحفاظ على مجال نفوذها في العالم، وتمارس روسيا نفوذها من خلال شركات الطاقة ومن أهمها شركة “غاز بروم” كمحاولة للانتقال إلى صيغة تعددية النظام الدولي، وبرزت أنابيب الغاز كسلاح استراتيجي فاعل في يد روسيا ضد الأطراف الأخرى من خلال ما يسمى بدبلوماسية الطاقة[27]. فلا عجب من استخدام الأدبيات السياسية لعبارة : ” ليس لروسيا سياسة خارجية وإنما سياسة طاقية “[28].

وتعد روسيا من الدول الفاعلة في مجال الطاقة ومن أغنى دول العالم حيث تمتلك أكبر احتياطي عالمي من الغاز مقداره 1.688 تريليون م3 بما يعادل23.4% من الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي، وصل الانتاج الروسي من هذا المورد عام 2014 الى 605 مليار م3 سنوياً، تم تصدير ملا يقل عن 191مليار م3 منه، فاتجه الجزء الأهم نحو أوروبا بينما تم استهلاك الباقي محلياً، ويتوقع أن يصل الانتاج الروسي من الغاز عام 2035 الى727.3 مليار م3، كما يتوقع أن يصدر منه حوالي268 مليار م3 خلال تلك السنة[29].

وتمتلك روسيا أيضا ثامن أكبر احتياطي عالمي من النفط يقدر بنحو 10-12% من الاحتياطي العالمي من النفط وقدرت قيمة هذه الاحتياطات المؤكدة مع مطلع عام 2016 بنحو 80 مليار برميل، بينما بلغ انتاج روسيا من النفط عام 2015 مقدار 1103 مليون برميل يومياً من النفط وباقي السوائل النفطية الأخرى وقامت روسيا في إثرها بتصدير 7.5 مليون برميل يومياً من النفط الخام بينما استهلكت 3.5 مليون برميل من النفط[30]، وهكذا يكون الدخل الرئيسي من النفط الذي وصلت ايراداته عام 2013 إلى191 مليار دولار، ومن الغاز نحو 28 مليار دولار يوفران الغاز والنفط معا 68% من ايرادات التصدير الروسية[31].

ونرى أن روسيا تستخدم أمن الطاقة كمفهوم اقتصادي وسياسي، وأن يكون لها فاعلية وتأثير في النظام الدولي من أجل تحقيق أهدافها، أكثر من تناوله كمفهوم يركز على أمن العرض ووفرة أسواق الطاقة.

ثالثاً: الاعتمادية المتبادلة بين روسيا والدول الأوروبية في مجال الطاقة

 نجد من خلال مقارنة مفهوم الطاقة الأوروبي بمفهوم الطاقة الروسي أن هناك اتفاق في المفهومين في الجزء الخاص بضرورة استمرار تدفق إمدادات الطاقة بينهما، إلا أن هناك اختلاف في كل من حجم هذه الإمدادات واستمراريتها وطرق نقلها، وبالتالي شغلت الطاقة دور محوري في العلاقات الأوروبية_ الروسية حيث لعبت دور مهم في تحديد منحى مسار العلاقة بينهم[32]، وتؤكد العلاقات بينهم أن الاتحاد الأوروبي يعد من الشركاء الاقتصاديين والتجاريين الكبار لروسيا الاتحادية حيث تبلغ حصته في التجارة الخارجية الروسية 50%، وموارد الطاقة تمثل المحور الرئيسي والأهم للعلاقات بين الطرفين[33]، وتعتمد دول الاتحاد الأوروبي على إمدادات الطاقة الروسية بنسبة لا تقل عن30% من حاجتها، وتصل عند بعض دول أوروبا إلى إجمالي حاجاتها من الطاقة، بالإضافة إلى سيطرة روسيا على ما يقارب 154 ألف كيلومتر من أنابيب الغاز في القارة الأوروبية، ولخصت المفوضية الأوروبية في أيار 2014، اعتماد أوروبا على الغاز الروسي على النحو التالي: تعتمد ست دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي على روسيا فقط كمورد خارجي وحيد لوارداتها من الغاز الطبيعي، ومنها ثلاث دول تعتمد على استخدام الغاز الطبيعي لتلبية أكثر من ربع حاجاتها من الطاقة بمعني أن دول الاتحاد الأوروبي تعتمد بشدة على إمدادات الطاقة الروسية بما يجعلها أكثر ارتهاناً لإمدادات الطاقة الروسية.

على المقلب الأخر تشهد إمدادات الطاقة الروسية تبعية شديدة نحو سوق الطاقة الأوروبية، حيث يتجه ما يزيد على 80% من الإنتاج الروسي من النفط والغاز نحو السوق، بينما تستورد روسيا ما يفوق نصف حاجتها من التقنية الخاصة باستخراج النفط والغاز من الاتحاد الأوروبي[34].

ووفقاً لاستراتيجية روسيا التي أطلقتها عام 2010، تظل أوروبا الوجهة الرئيسية لصادرات روسيا من الطاقة حتى عام 2030، وهكذا يمكن القول أن روسيا بحاجة إلى السوق الطاقية الأوروبية لتصريف إنتاجها، بينما تحتاج دول الاتحاد الأوروبي إلى إمدادات الطاقة الروسية لتلبية حاجاتها، وهو ما يخلق” تبعية طاقية متبادلة بين الطرفيين”[35]،وتظهر ملامحه في عدة نقاط : أ_ ترتبط دول الاتحاد الأوروبي بعقود إمدادات طويلة المدى مع شركة غاز بروم الروسية تتضمن استيراد الاتحاد الأوروبي مقدار 200_180مليار م3 من الغاز، من طرفها ومعظم هذه العقود تمتد إلى ما وراء عام2025، وبعضها إلى ما بعد عام 2030، وهو ما يجعل دول الاتحاد الأوروبي أكثر ارتباطاً بإمدادات الطاقة الروسية[36]، وبنفس الوقت تعتمد شركة غاز بروم على السوق الأوروبية بنسبة 70% من عائدات صادراتها من الغاز[37]. ب_ تتسلم دول الاتحاد الأوروبي أكثر من 50% من إمدادات الطاقة الروسية عبر أوكرانيا كدولة عبور، وفي ظل الأزمات الأوكرانية المتتالية يزيد قلق دول الاتحاد من عدم استدامة إمداد الطاقة لها، وتعطل هذه الإمدادات سيكون مكلفاً لروسيا وله أثار اقتصادية فورية[38].

ونتيجة لما سبق إن درجة الاعتماد المتبادل بين الدول الأوروبية وروسيا مرتفعة جداً أدت إلى وضع استراتيجيات واضحة لأمن الطاقة، فكل دولة تحاكي متطلباتها من الطاقة في ظل التهديدات المتزايدة التي تتعرض لها البلدان المنتجة، وفي طبيعة الحال فإن استراتيجيات الطاقة في الدول المستهلكة والمتقدمة تكون أكثر رؤية للمستقبل مقارنة بالدول المنتجة التي تفتقر إلى التخطيط الاستراتيجي لإدارة مواردها، مما يقود إلى أن أبعاد ومحددات أمن الطاقة تصبح ذات تأثير مباشر في بناء سياساتها واستراتيجياتها.

المطلب الثالث : تحديات أمن الطاقة

يرتبط أمن الطاقة بصفة عامة بالعديد من التحديات التي لها آثارها الواضحة على استراتيجية أمن الطاقة العالمية والإقليمية، وهو الأمر الذي يدفع بالدول الكبرى إلى تبني سياسات لمواجهة هذه التحديات[39]، وسنتعرف في هذا المطلب على تحديات أمن الطاقة الأوروبية والروسية.

 

أولاً: تحديات أمن الطاقة الأوروبي :

يقول سبنسر ابرهام بما معناه أن مواجهة التحديات المختلفة لأمن الطاقة، تتطلب جهود عالمية حازمة ومستدامة لعقود من الزمن[40]، وهو الأمر الذي يدفع دول كبرى كدول الاتحاد الأوروبي إلى تبني سياسات على متلاك أدوات متنوعة تتفق مع الأوضاع الراهنة على الصعيدين الداخلي

والخارجي لمواجهة هذه التحديات، ومن أهم هذه التحديات[41]:

1-حدوث تغيرات سياسية وأمنية جوهرية في الدول المنتجة للطاقة (الغاز والبترول).

2-تحديات ممكن أن تواجهها شركات البترول ممكن أن تحد من قدرة وفاعلية تلك الشركات إلى السوق العالمية، وتتجلى بتهديدات أمنية لموظفيها ومنشأتها أو تغيير في قوانين الاستثمار، بالإضافة الى الصورة السلبية عند الشعوب بحق الشركات العالمية والتي تعتبر شركات عدوة وسارقة لخيرات بلادها.

3-حدوث اختلال توازن بين العرض والطلب في أسواق الطاقة مما يؤثر على السعر والكم المعروض.

4-القيود المفروضة على إمدادات الطاقة كالعقوبات الاقتصادية والحظر والحروب والأوبئة.

5-الارهاب والذي يستهدف إمدادات الطاقة وبنيته التحتية.

تدرك دول الاتحاد الأوروبي حجم التحديات والوضع الراهن لسوق الطاقة‘ من خلال اتخاذ خطوات طموحة وعاجلة للإسراع في تطوير اقتصاد يستند إلى كفاءة استخدام الموارد والاستدامة.

 

ثانياً : تحديات أمن الطاقة الروسي

لا شك أن روسيا تواجه تحديات تمس صميم أمن الطاقة لها والمتمثلة أساساً في تلك التبعية الروسية الشديدة نحو سوق الطاقة الأوروبي، فضلاً عن ذلك التحديات والصعوبات التي تواجهها إمدادات الطاقة الروسية نحو أسواق الطاقة الكبرى، حينما تجتاز مناطق ودول عبور الطاقة مثل أوكرانيا.

تعتمد سياسة الطاقة الروسية على عدة استراتيجيات هامة، مثل استراتيجية الطاقة الروسية لعام 2030، ولعام2035، ووثيقة عام2012، وغيرها من الوثائق التي كانت بمثابة خارطة الطريق لقطاع الطاقة الروسي، وقد قسمت الوثيقة تحديات أمن الطاقة الروسي الى مجموعتين[42]:

أ_ تحديات داخلية مثل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتكنولوجية والطبيعة.

ب_ عوامل خارجية للسياسة والاقتصاد الدوليين، إذ تواجه روسيا مجموعة واسعة من التحديات التي تقوض راهن ومستقبل أمن الطاقة لديها وتتمثل في النقاط التالية[43]:

1_تراجع انتاج الطاقة الروسي نظير العقوبات الاقتصادية بالرغم من امتلاك روسيا قدرات طاقة عالية، إلا أن الحفاظ على هذه القدرات هو أهم تحديات أمن الطاقة الروسي.

_2تذبذب وانخفاض أسعار الطاقة في السوق الدولية: كما حدث في 2016، انعكس على عائدات روسيا من تصدير هذا المورد وانخفضت الى النصف عما كانت عليه قبل سنتين[44] .

_3العبور الآمن لإمدادات الطاقة الروسية نحو الأسواق العالمية وهذا ما يؤرق روسيا حيث تتجه معظم صادراتها من النفط عبر شبكة واسعة من الأنابيب تعتمد على أوكرانيا كدولة عبور نحو الدول الأوروبية بما يفوق 50% من هذه التوريدات، وتكمن خطورة تبعية الطاقة الروسية لدول العبور مثل أوكرانيا في عرقلة هذه الامدادات، وصعوبة التخلص من هذه التبعية في الوقت الراهن.

_4تحدي خطوط أنابيب الطاقة المنافسة لروسيا وأهم هذه الأنابيب باكو جيهان من أذربيجان الى تركيا عبر جورجيا، وأنبوب باكو أرض روم من كازاخستان_ أذربيجان الى تركيا، وأنبوب نابوكو من مناطق آسيا الوسطى، والمشروع العربي لنقل الغاز عبر أوروبا عبر سوريا وتركيا، وأخيراً أنبوب الطاقة الجديدة من شمال افريقيا” ليبيا، الجزائر، نيجيريا” نحو أوروبا.

وهكذا نرى تحديات كبيرة تمس صميم أمن الطاقة الروسي في الوقت الراهن وعلى المدى البعيد، إذ أن الطاقة بالنسبة لروسيا سلعة استراتيجية توفر أساساً لفرض النفوذ من خلال خلق علاقات غير متكافئة تخلق تأثيراً سياسياً بين الدول على الصعيد العالمي، مما يستدعى من صناع القرار في روسيا من بناء سياسات في مجال الطاقة بعيدة المدى لمواجهة هذه التحديات.

ثالثاً : تحديات أمن الطاقة في العلاقات الأوروبية- الروسية

ازدادت فيما سبق وخلال الحقبة السوفيتية هيمنة روسيا على إمدادات الغاز إلى أوروبا، فمنذ بنائها خط أنابيب إلى الغرب ازدادت قبضة روسيا على هذه السوق في السنوات الأخيرة، حين فتحت طرقاً إلى الصين وبدأت في تصدير الغاز الطبيعي المسال، حتى باتت موسكو تمتلك نحو 25٪ من صادرات الغاز العالمية وفقاً للتقرير الإحصائي السنوي لشركة “بي بي بي إل سي”، كما باتت روسيا تسيطر على13.3٪ من إنتاج النفط العالمي مقارنة بـ 12.3٪ مع السعودية [45]، لذلك سعى الطرفين لإقامة شراكة استراتيجية لضمان أمن الإمدادات، وبرزت تحديات العلاقة المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا وأهمها:

1- أثارت الهيمنة الروسية على سوق الطاقة الأوروبي مخاوف الولايات المتحدة الأمريكية، نظراً للدور الذي تلعبه شركة غاز بروم في البنية التحتية للطاقة في الاتحاد الأوروبي، من استخدام النفط والغاز الروسي سلاحاً استراتيجياً من جانب روسيا في الساحة الأوروبية التي بقيت ميدان النفوذ الأمريكي منذ الحرب العالمية الثانية[46].

2_شبكات أنابيب النفط والغاز، والتنافس الروسي الأمريكي في السيطرة على الأنابيب التي ستقوم بنقل البترول إلى الأسواق الغربية، ومحاولة الولايات المتحدة الأمريكية خلق مشاريع خطوط أنابيب منافسة للخطوط الروسية كما خط نابوكو وخط باكو جيهان، تعتبر من أخطر التحديات التي تواجهه أمن الطاقة في العلاقات الأوروبية الروسية[47].

3_ الأزمات السياسية في أوكرانيا وجورجيا، فأوكرانيا دولة عازلة بين روسيا وأوروبا وتعتبر المعبر الرئيسي لتمرير إمدادات الطاقة والمقدرة بنحو 80% من إمدادات الطاقة الروسية إلى أوروبا[48]، وتبرز مخاطر هذا العبور من خلال مخاطر سلامة شبكة أنابيب الطاقة باعتبارها شبكة قديمة، ومخاطر عسكرية في حال نشوب أعمال عنف خاصة في أوكرانيا الشرقية ففي عامي2006 و2009، تسببت النزاعات بين روسيا وأوكرانيا فيما يتعلق بسعر ونقل الغاز في حدوث اضطرابات مؤقتة في إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، مما أدى إلى زيادة الأمننه في الخطابات السياسية حول الطاقة، كما أدت الحرب الروسية الجورجية عام 2008 إلى تأجيج التوترات بين الطرفين، وحولت الأزمة الأوكرانية عام 2014 هذه التوترات إلى مواجهة مفتوحة وأثرت أيضاً على موقف الاتحاد الأوروبي وروسيا اتجاه تجارة الطاقة بينهما[49]، كما يخشى أن يقع أمن الطاقة الأوروبي والروسي ضحية للأزمات السياسية اللاحقة. نجد أن أمن الطاقة الأوروبي أصبح مرتبط بترتيبات الطاقة الروسية وفقاً للاعتمادية المتبادلة، فحاجة أوروبا للطاقة الروسية تعادل أو تفوق رغبتها للحد من نفوذها، وهذه التحديات تدخل الطرفين بإشكالية تمس أمنهم وتؤكد على التكامل بينهم في مجال الطاقة.

المبحث الثاني: انعكاسات الحرب الروسية_ الأوكرانية على أمن الطاقة في العلاقات الأوروبية_ الروسية

أُثيرت الأزمة مجدداً بين روسيا وأوكرانيا مع مرور أكثر من سبع سنوات على اندلاع الأزمة الروسية_ الأوكرانية والضم الروسي لشبه جزيرة القرم عام 2014، والحرب الأوكرانية مع الانفصاليين المدعومين من روسيا، وزادت من حدة التوتر في العلاقات بين الطرفيين والتي شهدت حالات مد وجزر منذ انتهاء الحرب الباردة عام 1991 وحتى الوقت الراهن والاعتراف الروسي بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك في 21\2\202، ثم اندلاع الحرب في صباح24\2\2022 “والتي لاتزال قائمة”، أعادت التساؤلات مجدداً حول مستقبل أمن الطاقة الذي لطالما شهد العديد من التهديدات والتحديات التي تهدد من وجود الأمن نفسها[50]. أدان الاتحاد الأوروبي العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا بأشد العبارات وتوعد بعقوبات موجعة ضد الاقتصاد الروسي، غير أن التوعد برفع سقف العقوبات بدا وكأنه فشل في ردع الروس وإيقاف الحرب، وبدا رداً باهتاً على أسوأ تهديد لأمن أوروبا منذ عقود ولا شك أن انعكاسات هذه الحرب على أمن الطاقة الأوروبي الروسي لا يزال في طور التكشف[51].

المطلب الأول: انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على أمن الطاقة الأوروبي تسببت التوترات والنزاعات المتكررة بين روسيا وأوكرانيا باضطرابات مؤقتة في إمدادات الطاقة الروسية إلى أوروبا، وأصبح أمن الطاقة أحد الشواغل الرئيسية للاتحاد الأوروبي الذي وافق على صياغة استراتيجية أمن الطاقة لعام 2014 وإطار عمل اتحاد الطاقة لعام 2015[52]، والتي تضمنت من بين أهدافهما تنويع موردي الطاقة وتعزيز المرونة في مواجهة أزمات الطاقة الناجمة عن صدمة العرض، وقد ركز اتحاد الطاقة على زيادة أمن الطاقة من خلال خلق سوق طاقة متكامل في الاتحاد الأوروبي وتحسين كفاءة الطاقة، وتنطلق سياسة أوروبا في ميدان أمن الطاقة من رؤيتها للتحديات القائمة التي يواجها العالم، والمتجسدة في تحديين بارزين :

_الأول: يتعلق بتأمين تغطية منتظمة وبتكلفة يمكن تحملها من مصادر الطاقة. _الثاني: يتعلق بظاهرة التغير المناخي، مما يقضي بالضرورة العمل بالتوازي إلى تنوع مصادر التزود وتعدد مسارات النقل والسعي إلى تحقيق المزيد من تنوع مصادر إنتاج الطاقة[53].

مع بدء العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا وفشل المحاولات الأوروبية وخاصة الفرنسية والألمانية لمنع اندلاع الحرب، واقتراب القوات الروسية من كييف وفرض عقوبات اقتصادية على روسيا جعل دول الاتحاد الأوروبي يتبعون سياسات متضاربة، وقد اتضح تباين الموقف الأوروبي من التحدي الروسي وعدم قدرته على الانخراط الكامل في تطبيق العقوبات الأمريكية خاصة في مجال الطاقة نظراً لكونه يعتمد في أكثر من ثلث استهلاكه على روسيا، وهذا ما جعل المستشار الألماني اولاف شولتس يصرح عقب” قمة فرساي” تعمدت أوروبا استثناء إمدادات الطاقة الروسية من العقوبات لأن ذلك سينعكس بشدة على اقتصاد الدول الأوروبية “[54].

لذلك تعلن دول الاتحاد الأوروبي اليوم عزمها على إلغاء الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية، وأنها تنوي الاستغناء عنها في عام 2027، وتعقد الاجتماعات على أعلى المستويات لبحث كيفية تحقيق هذا الهدف، وإطلاق عملية جدية لإعادة صياغة سياسة الطاقة الأوروبية على صعيد أشمل، ولكنها تعي جيداً بأن ذلك لن يتحقق بسهولة إذ تهيمن روسيا على حصة كبيرة من سوق الطاقة في أوروبا 39% من الغاز الطبيعي، و33.5% من النفط لدول، وهذا ما يجعل التبعية الأوروبية لإمدادات الطاقة تتركز عند مورد واحد مهم يتمثل بروسيا[55]، يتسلم الاتحاد الأوروبي80% من إمدادات الطاقة القادمة من روسيا عبر أوكرانيا، وهو ما يجعله يواجه توجساً دائماً بشأن قطع إمدادات الطاقة على خلفية الأزمات الأوكرانية المتتالية بما يؤثر في استدامة سلسلة الطاقة نحو أوروبا. كما وقررت كثير من الشركات والمؤسسات الأوروبية تجميد استثماراتها ولم تنسحب من السوق الروسية كما فعلت شركة توتال الفرنسية[56]. ويمكن القول أن الاستغناء عن الغاز الروسي الذي يشكل 40% من إجمالي واردات الطاقة الأوروبية غير ممكن حالياً سيستغرق سنوات، وبالتالي ستواجه دول الاتحاد الأوروبي أزمة حقيقية وانقسام حول السرعة التي ستنهي بها الاعتماد على إمدادات الطاقة الروسية.

المطلب الثاني: انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على أمن الطاقة الروسي أصبحت العقوبات الغربية والاقتصاد الروسي متلازمتين منذ عام 2014، بعد إعلان روسيا ضم شبه جزيرة القرم اليها، ولكن هذه العقوبات بالرغم من شدتها لم يكن لها ذلك التأثير الموجع الذي سعت له الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ومع بداية الحرب الروسية الأوكرانية الحالية التي لم تكن مجرد صراع بين بلديين، فأوكرانيا تخوض معركة أكبر من قدرتها على تحمل عواقبها مدفوعة بدعم أوروبي مذبذب، والثاني خصم قوي وعنيد هدفه تغيير النظام الدولي، فقد أثر الصراع منذ اليوم الأول على عدة ملفات دولية متشابكة، لا تعتبر فيها روسيا الخاسر الوحيد على كل حال. ورغم ذلك تبدو روسيا أقل قلقاً من أوروبا بما يخص العقوبات المفروضة عليها، وخاصة أنها خلال العام الماضي تعمدت روسيا خفض إمدادات الغاز لأوروبا، وخلقت بذلك أزمة طاقة بالدول الأوروبية بهدف الضغط على مفوضية الطاقة الأوروبية في بروكسل لتسريع الحصول على ترخيص مشروع نورد ستريم 2 الذي يمد المانيا بنحو 55 مليار م3 سنوياً من الغاز المسال[57]، كما لعبت روسيا بالورقة نفسها قبل غزوها لأوكرانيا لشق صفوف الأوروبيين المحتاجين إلى الطاقة بين داعم لأوكرانيا، وثان متخوف من دفع ثمن هذا الدعم على احتياجاته الطاقية ولكن خسارة السوق الأوروبية لا شك أنها خسائر كبيرة لروسيا، ولكن روسيا تملك أسواق بديلة هائلة من حيث حجم الاستهلاك، كالصين والهند ودول آسيوية أخرى وحتى دول افريقية مستقبلاً.

المطلب الثالث: الفرص والخيارات البديلة المتاحة لإمدادات الطاقة الأوروبية والروسية لاشك أن أزمة الغاز الأوروبية الروسية هزت الثقة في روسيا كشريك في تزويد أوروبا بالطاقة. هذا الأمر جعل الحكومات الأوروبية تفكر بإعادة النظر في سياستها القائمة على الاعتماد بدرجة رئيسية على مصادر الطاقة الروسية والسعي للحصول عليها من مصادر بديلة غير روسية، وعلى المقلب الأخر لا تقل روسيا تضرراً بخسارة السوق الأوروبية ومحاولاتها لتسويق إنتاج إمدادات الطاقة بأسواق أخرى بالسرعة القصوى.

أولاً: البدائل المتاحة للدول الأوروبية عن امدادات الطاقة الروسية يسعى الاتحاد الأوروبي إلى خفض اعتماده على استيراد الطاقة من الخارج عبر تعزيز اعتماده على الموارد الذاتية وضرورة تنويع مصادر الطاقة بالنسبة لأوروبا بهدف إضعاف أي إمكانية لابتزازها من قبل روسيا، وهذه الاستراتيجية كانت مطروحة حتى قبل بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وفي ما يتعلق حول الطلب على الطاقة تشير تقديرات الوكالة الدولية للطاقة إلى أن منحى الطلب على مختلف مصادر الطاقة باستثناء الطاقة الذرية، سيستمر في الصعود حتى عام 2030، وسيرتفع معدل استهلاك البترول من 84 مليون برميل يوميا حالياً ليصل إلى116 مليون برميل يوميا عام 2030[58].

وأكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أن أوروبا لديها العديد من الحلول لتصبح مستقلة عن الغاز الروسي، يمكن الاعتماد عليها حتى لا تكون غالبية احتياجاتها في قبضة يد روسيا، وصرح أنه يريد تسريع العمل بموجبها لتكون أوروبا قادرة على مواجهة شتاء 2022_2023، وتتمثل هذه الحلول في الآتي[59]:

1_ضرورة تسريع تخزين الغاز بنحو 90% من الحاجات اللازمة لمواجهة الشتاء الحالي والقادم بدءاً من الصيف الحالي .

2_قيام الدول الأوروبية بعمليات شراء جماعية للحصول على أسعار مخفضة.

3_قيام الدول الأوروبية بتنويع الإمدادات من منتجين أخريين.

4تسريع نشر مشروعات الطاقة المتجددة هذا العام مما يقلل من استخدام الغاز بمقدار 6 مليار م3، وتعزيز حصة الطاقة الحيوية والطاقة النووية في توليد الكهرباء مما سيقلل من استخدام الغاز بمقدار 13 مليار م3 في غضون عام، بالإضافة لإنشاء 8 محطات طاقة نووية لتوليد الطاقة بحلول عام 2050.

5_وضع تدابير ضريبية قصيرة الأجل لحماية مستهلكي الكهرباء من ارتفاع الأسعار.

6_استبدال مضخات حرارية بأجهزة التدفئة العاملة بالغاز الطبيعي، وإغلاق الصناعات الكثيفة الاستخدام للغاز.

وفي إطار سعي الاتحاد الأوروبي إلى التنوع بإمدادات الطاقة، ومحاولته لفطم نفسه عن الطاقة الروسية اتجهت الأنظار إلى قطر على أمل أن تقدم حلولاً عاجلة للسوق الأوروبي، بعد إعلانها عن رفع إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال من 77مليون طن سنوياً الى126 مليون طن بحلول عام 2026، ورغم ذلك لن تكون قطر قادرة بمفردها على إغناء أوروبا عن الغاز الروسي وذلك لعدة اعتبارات مهمة أنه لا يمكن دولة بمفردها تعويض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، وهذا ما صرح به وزير الطاقة القطري بالإضافة إلى أن قطر مرتبطة بعقود طويلة الأجل تمتد لثلاثة عقود مع دول شرق أسيا لا يمكن كسرها ولا يمكنها نظرياً تحويل إلا (10-20 )% من صادراتها إلى أوروبا، وأخرها أن هذا الحل يظل قصير الأمد وغير مستدام بالنظر إلى التكلفة المرتفعة نسبياً لنقل الغاز المسال الذي يتطلب منشآت خاصة لإعادة تحويله من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية قبل استخدامه[60].

ورغم المساعي الحثيثة لواشنطن لتعويض إمداد الطاقة الروسي إلى أوروبا، حاولت رفع صادراتها إلى القارة العجوز مستفيدة من تربعها على عرش قائمة الدول المنتجة للغاز بنحو 914 مليار م3 وهو ما يفوق الحصة الروسية بنحو 300 مليار م3، ومحاولة الولايات المتحدة الأمريكية إعادة تسعير الغاز لجعله أكثر تنافسية مع الغاز الروسي، ولكن كل ذلك لم يكن كافياً لسحب يد الروس نظراً لعدة اعتبارات اقتصادية بحتة أبرزها أن الغاز الروسي يتمتع بأفضلية سعرية، نظراً لوصوله إلى أوروبا عبر الأنابيب بحكم القرب الجغرافي وتوفر البنية التحتية بعكس الغاز الأمريكي الذي ينقل مسالاً بتكلفة عالية عبر البحار، وقد بلغ إجمالي صادرات الغاز المسال الأمريكي إلى أوروبا في شهر كانون الثاني 7.5 مليون طن[61].

وبعدما خابت مساعي الاعتماد الكلي على قطر وأمريكا وأذربيجان والنروج، لجأت أوروبا إلى جس نبض دول أخرى أبرزها الجزائر باعتبارها من أكبر مصدري الغاز الطبيعي في العالم، بالإضافة لبعدها الجغرافي من أوروبا لكن الجزائر قبل انطلاق الحرب كانت قد أبلغت عملاءها الأوروبيين بأنها ربما تقلل تصدير الغاز بسبب ارتفاع الطلب المحلي، كما أنها الأن تلزم موقف الحياد من الحرب الدائرة في أوكرانيا، وحتى في حالة قبول الجزائر تصدير طاقتها لأوروبا قد تكون غير قادرة على تعويض إمدادات الغاز الروسي لأوروبا نظراً إلى الفرق الهائل في إنتاج الدولتين فأقصى ما يمكن أن يحمله خط الأنابيب المغاربي هو32 مليار م3، مقابل 300 مليار م3 توفرها روسيا من الغاز سنويا لأوروبا[62].

يفكر الغرب إلى جانب الغاز في بدلاء أكثر موثوقية لتعويض حصة روسيا من النفط وقد دخلت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً في مباحثات ومفاوضات تهدف إلى وقف تدفق النفط الروسي إلى أوروبا لحرمان روسيا من أحد أكبر الأسواق المستهلكة لمنتجاتها النفطية في العالم.

ولكن مثلما هو الحال مع الغاز، تراهن روسيا على إمكاناتها النفطية الهائلة التي تمكنها من إلحاق الضرر بسوق النفط العالمي دون أن تتمكن الدول النفطية الأخرى كالعراق والسعودية وإيران وفنزويلا من تعويض العجز، لتثبت للمرة الثانية أن كل طرق أوروبا الطاقية تؤدي حتماً إلى روسيا على الأقل إلى المدى القريب.

وتعتبر معضلة الطاقة إحدى أبرز العناوين العريضة الموضوعة على طاولة البحث الأوروبية ويشكل النقاش الدائر حول هذه المسألة مادة دسمة، ويجري الترويج إلى ضرورة التحول السريع وتبني نموذج طاقي جديد يقوم على الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة الرياح و الوقود الحيوي والطاقة الشمسية، ففي السنوات الخمس الأخيرة تمكنت أوروبا من توليد ضعف كمية الكهرباء التي يوفرها الفحم عبر الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة فبينما بات يوفر الفحم نحو12٪ من توليد الكهرباء فإن طاقة الرياح والطاقة الشمسية أصبحت تمثل حوالي 21٪ من توليد الكهرباء وخلال الفترة بين يناير ويونيو من 2021، أنتجت طاقة الرياح والطاقة الشمسية والمياه والطاقة الحيوية نحو 40٪ من الكهرباء في دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27دولة، بينما أنتج الوقود الأحفوري 34٪ فقط ، الأمر الذي يشير إلى تسارع حقيقي في انتقال الاتحاد الأوروبي نحو الطاقة النظيفة وعليه، يرغب الاتحاد الأوروبي في أن تصل حصة الكهرباء من الطاقة المتجددة لديه إلى نحو 32٪ بحلول عام 2030[63]. للطاقة المتجددة مزايا عدة غير أن ما يؤخذ عليها أنها تعتمد على هبوب الرياح أو سطوع الشمس، فكان التوجه نحو الطاقة النووية كمكمل مفيد يوفر طاقة ميسورة التكلفة ونظيفة وصديقة للبيئة، على نحو مستمر وبكفاءة عالية معظم أيام السنة، وتحقق التنمية المستدامة مع نمو سكان العالم وازدياد الطلب على الطاقة، ففي سنة 2020 بلغ الإنتاج العالمي من الكهرباء ما يقارب 27000 تيرا واط /ساعة، وكانت نسبة إنتاج محطات الطاقة النووية نحو2500 تيرا واط/ساعة، ومن ثم الطاقة النووية تمثل قرابة 11% من الإنتاج العالمي مع وجود 450 مفاعل نووي قيد التشغيل في 30بلد، وتظهر التوقعات أن الطاقة النووية سيكون لها دور رئيس في مزيج الطاقة في العالم لعقود قادمة في ظل حروب الطاقة[64]. ولكن الطاقة النووية محدودة الانتشار بسبب النظرة القاتمة لها بعد حادثة فوكوشيما التي جعلت العالم يأخذ موقفاً عدائياً منها، فألمانيا قررت التخلص التدريجي منها، واعترضت على مقترحات الاتحاد الأوروبي التي من شأنها أن تجعل تقنية الذرة جزءاً من خطط الاتحاد لمستقبل طاقي آمن واسبانيا وايطاليا والنمسا ولوكسمبورغ غير معنية قدماً نحو هذه الطاقة، إذ ألغت خططاً لإضافة محطات نووية جديدة، بينما تهدف فرنسا والتي تترأس الاتحاد الأوروبي حالياً إلى تحديث المفاعلات الحالية وبناء أخرى جديدة لتلبية احتياجاتها المستقبلية من الطاقة، في ظل الظروف الحالية ونقص الإمدادات المستوردة[65]، حشد تأييد واسع لتمرير مشروع تصنيف الطاقة النووية والغاز طاقة نظيفة ومفيدة لتحول الطاقة، أمام أعضاء الاتحاد الأوروبي ال27 حاليا و ادراجهم ضمن الاستثمارات الخضراء. صعوبة إيجاد بدائل للطاقة الروسية في ظل الظروف الحالية مع الارتفاع المفاجئ في الطلب تسبب في ضغط كبير على كل الأطراف، ولا يوجد الكثير في الأفق من شأنه أن يضيف أحجاماً كبيرة من الصادرات إلى أوروبا، وعادة ما تستغرق المشاريع والاستراتيجيات سنوات حتى تتطور حقاً.

ثانياً : الفرص والبدائل المحتملة لتصدير الطاقة الروسية

يعد موضوع أمن الطاقة الروسي وتحدياته الراهنة أحد أهم القضايا الأمنية في الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية لروسيا، ذلك أن روسيا هي أكبر فاعل في مجال الطاقة في أوراسيا بفضل قدراتها الطاقية الهائلة والتي تعتمد عليها، فضلاً عن مكانتها كأحد أهم منتجي ومصدري الطاقة نحو كبرى المناطق المستهلكة لهذه المصادر، سيما في أوروبا وأسيا[66].

فالطاقة هي شريان الحياة لاقتصاد روسيا وقطع الإمدادات عن كبار المستهلكين للطاقة في ظل العقوبات الحالية سيؤدي إلى انهيار للاقتصاد الروسي، لاسيما أن الأسواق الأخرى لا يمكنها أن تعوض السوق الأوروبية، بالرغم أن روسيا الدولة الوحيدة من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي لا تحتاج إلى استيراد الطاقة، بل وتعد الأولى في الإنتاج و التصدير والمسيطر الوحيد على أسواق الطاقة خارج دول أوبك[67].

وتراهن روسيا أثناء محاولات ضمان وتعزيز أمن الطاقة لها على مجموعة من الفرص والرهانات القائمة على حفظ مكانة روسيا في سوق الطاقة الأوروبي من جهة، والبحث في الوقت نفسه عن أسواق عالمية جديدة مماثلة لتلك الأسواق الأوروبية عبر مشاريع جديدة[68].

الصين متعطشة للطاقة، لم تدين الحرب ولم تنخرط في العقوبات الغربية على روسيا فهل تكون أحد المنافذ البديلة لغازها؟

كانت علاقات الصين وروسيا ومازالت متعددة الأبعاد عميقة الجذور بعد أن مرت بفترات صعبة قبل الحرب الباردة حرصت فيها السياسات الأمريكية والغربية على تعميق هذا الخلاف، ولكن بعد الحرب الباردة جمعهم خندق واحد في مواجهة المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وتعد الصين بالنسبة لروسيا أكبر شريك اقتصادي وخاصة بعد بيان الشراكة الاستراتيجية “بلا حدود”، الذي وقع بين الرئيسين الصيني والروسي في 4 شباط عام 2022، والذي تضمن عدة اتفاقيات يتجاوز عددها 15 اتفاقية، أهمها توريد الغاز الروسي إلى الصين عبر خط أنابيب جديد طاقته 50 مليار م3 من الغاز سنوياً. ونصت أهم بنود الاتفاقية على توريد 10مليارات م3 من الغاز الروسي إلى الصين سنوياً على مدى 30 عام بدءاً من 2026 ،وتسوية مبيعات الغاز بين الجانبين باليورو بدلاً من الدولار الامريكي[69]، وتقدر الصفقات بقيمة 117 مليار دولار لشراء النفط والغاز. ورغم أن البلدين روسيا والصين كانا يتوقعان قبل الحرب الروسية الأوكرانية زيادة حجم التبادل التجاري بينهما الى 200 مليار دولار بحلول عام 2024. نرى أن الاقتصاد الصيني الضخم يمثل المنقذ للاقتصاد الروسي بعد تشديد العقوبات الغربية، وهنا سوف تحتضن الصين الجزء الأكبر من صادرات روسيا من الغاز والفحم والبتروكيميائيات تعويضاً لها عن الحرب الاقتصادية الشاملة التي تمارسها دول التحالف الغربي، وخاصة على قطاع النفط والغاز، وهنا ستجد الصين نفسها شاءت أم أبت طرفاً في هذه المعركة وإن اختارت رسمياً الحياد في الأزمة الروسية الأوكرانية، وخاصة أنها تدرك المخاطر الاستراتيجية الكامنة في استمرار هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على النظام الدولي، سواء على المستوى السياسي أم الاقتصادي والتهديدات الهائلة للصين في حال نجاح التحالف الغربي الأمريكي المتمثل بحلف الناتو في كسر روسيا والانتصار عليها في هذه المعركة الدائرة حاليا في أوكرانيا.

ثالثاً : المسارات والسيناريوهات المحتملة للحرب الروسية_ الأوكرانية :

سيكون للحرب تداعيات على الوضع الجيوسياسي في أوروبا والعالم، ومسار هذا التأثير سيعتمد على عوامل مختلفة وأهمها المسار الذي ستنتهي به الحرب، فإن لم تتمكن روسيا من تحقيق أهدافها بالحرب فلا يبدو أنها تستطيع ذلك من دونها[70].

ولكن إذا تمكنت من السيطرة على أوكرانيا وهذا متوقع إذا لم يتم تقديم دعم حاسم وسريع للقوات الأوكرانية لشل التقدم الروسي، فإن أوكرانيا بهذه النتيجة ستكون قد انفصلت فعلياً عن الغرب وهذا سيكون له تداعيات كبيرة على القارة الأوروبية وعلاقتها الخارجية الأمنية برمتها، وقد تظل حالة التصعيد الدائمة بين روسيا وأوروبا باردة من منظور عسكري، سواء خلال الحرب أو حتى بعد انتهائها، ولكنها ستكون ساخنة اقتصادياً وفي حالة حرب اقتصادية شاملة ودائمة[71].

وسيواصل الغرب بفرض عقوبات كاسحة، بينما ستسعى روسيا لتجنبها بوسائل مختلفة، في مجالات مختلفة أهمها قطاع الطاقة حيث تلجأ إلى قطعها في لحظة ما وسيكون سلاحا فتاكاً خاصة وأن عملية إيجاد البدائل ستأخذ وقتاً طويلاً وتحديات كثيرة[72].

ومع دخول الحرب شهرها الرابع في ظل مقاومة أوكرانية شرسة بدعم أوروبي وأمريكي، وبالتوازي مع فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية كبيرة، غير أنه تم مؤخراً فتح باب المحادثات السياسية عبر قنوات سياسية مختلفة قد يشير إلى إمكانية حل الأزمة بطرق سياسة تعطي لروسيا ضمانات أمنية وتتبنى أطراف الأزمة مقاربات شبه صفرية ومن هنا تتبلور عدة سيناريوهات متوقعة[73]:

السيناريو الأول :انهيار المفاوضات وتصاعد العنف وتوسع نطاق الحرب لتشمل أطراف أخرى كحلف الناتو وبالتالي حرب عالمية ثالثة قد تكون نووية سيتحمل العالم كله نتائجها.

السيناريو الثاني: سقوط أوكرانيا وهذا يعني مزيد من العقوبات وأمن الطاقة الروسي والأوروبي في خطر.

السيناريو الثالث: قد تؤدي المفاوضات إلى اتفاق يفضي إلى إعطاء روسيا ضمانات أمنية، وإعلان حياد أوكرانيا والاعتراف لروسيا بضم شبه جزيرة القرم مقابل انسحاب روسي من أوكرانيا، وبالتالي عودة الوضع إلى ما قبل الحرب وسترفع العقوبات ويتم استئناف تصدير الطاقة.

السيناريو الرابع: هو سيناريو الهزيمة لروسيا وسقوط بوتين، وهنا سيتم إعادة الأمور كما كانت وعودة روسيا كشريك لدول الاتحاد الأوروبي وينتعش الاقتصاد وتكون أوروبا آمنة في مجال الطاقة نوعاً ما.

الخاتمة

بالرغم من أن أزمة الطاقة الأخيرة التي ظهرت في الحرب الروسية الأوكرانية الحالية الأشد نوعا ما، إذ أنها دفعت أسعار النفط والغاز للصعود إلى مستويات قياسية، ولكن كان لها وجه أخر إذ كشفت عن نقاط ضعف أنظمة الطاقة العالمية منذ سنوات وعقود، فتعرضت الأسواق لعوامل خفض المعروض وزيادة الطلب ونقص الاستثمارات في أصول النفط والغاز أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة إلى مستويات قياسية، وبناءً على ما سبق من غير المرجح لروسيا قطع إمدادات الطاقة عن الدول الأوروبية نظراً للاعتمادية الشديدة بين الطرفين، وروسيا تدرك أن تلك الخطوة تعد بمثابة إعلان لاندلاع حرب عالمية ثالثة.

ورغم وجود عدة سيناريوهات مستقبلية سبق واستعرضنا بعضها إلى أن هذه الحرب تحديداً لا ترسم أي سيناريو عادل للطرفين الروسي والأوكراني، بل إن السيناريوهات كلها ترتبط بالعلاقات في مجال الطاقة بين أوروبا من جهة وروسيا من جهة أخرى، لنجد أن أوكرانيا ستبقى وحدها ضحية الموقف خصوصاً بتبيان صعوبة تحقق السيناريو الرابع وهو خسارة روسيا وسقوط بوتين. وعلى الصعيد الآخر فإننا بدراستنا هذه قد ناقشنا أمن الطاقة الأوروبي إثر الحرب الروسية الأوكرانية، ويصعب فعلاً تغطية أمنها الجيوسياسي بنفس البحث، ولهذا فإننا نأمل يكون بحثنا هذا يُمثل لبنةً أولى لأبحاث قادمة تناقش الأمن الجيوسياسي الأوروبي في جميع السيناريوهات

المحتملة في الحرب الروسية الأوكرانية.

قائمة المراجع

1- صابرينة مزياني، مشكلة أمن الطاقة وتأثيرها على الأمن الوطني الجزائري، المركز

الديمقراطي العربي،3 يوليو/2017.

2- خضر نويوة، أمن الطاقة للاتحاد الأوروبي: الغاز الطبيعي نموذجاً، جامعة محمد لمين دباغين-سطيف02، الجزائر.

3- علي خليفة الكواري، استراتيجية وكالة الطاقة الدولية: قراءة أولية في أسباب الاوضاع النفطية الراهنة وعوامل استمرارها، مجلة المستقبل العربي، العدد127،1989 .

4- محفوظ رسول، أمن الطاقة في العلاقات الروسية الأوروبية: قراءة وفق نظرية الاعتماد المتبادل، مركز الكتاب الأكاديمي، تاريخ الاصدار10\5\2018.

5- سوزي رشاد، أمن الطاقة ومحاولات روسيا فرض النفوذ الدولي، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، جامعة6 اكتوبر،13 يناير، 2022.

6- وليد الدغلي، التعاون الاقليمي و الأمن الطاقوي، هيئة الامم المتحدة، اسكوا، 10\11\2015.

7- نوار عبه جي، دور الأمن الطاقوي في العلاقات الروسية الأوروبية، المعهد المصري للدراسات، 8نوفمبر،2021.

8- خديجة بن عرفة محمد، أمن الطاقة والسياسة الخارجية: دراسة تطبيقية السياسات بعض الدول المصدرة والمستوردة للطاقة، جامعة القاهرة ،2012.

9- عمرو عبد العاطي، أمن الطاقة في السياسة الخارجية الأمريكية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات،2014 .

10_ رامز الشيشي، أثر الحرب الروسية الأوكرانية على مستقبل الأمن الأوروبي، المركز الديمقراطي العربي، العدد 580، 26l3l2022.

11_أحمد سلطان، تأثير تحديات أمن الطاقة في العلاقات الدولية، 11\4\2022، مجلة السياسة الدولية مؤسسة الأهرام.

12_سهير الشربيني، أزمة الطاقة في أوروبا: الأبعاد المحلية والتداعيات العالمية،Trends ،3\4\2022.

13_جمال الدين عمير و عمر قيرة، مقاربة حول الأمن الطاقي الأوروبي: قراءة في الأبعاد السياسية لمكانة الجزائر، مركز الرائد العدد1،2013.

14_ابراهيم حردان مطر وسكينة جعفر شهاب، أمن الطاقة الأوروبي محدودية المصادر وتحديات البدائل، المركز الديمقراطي العربي، برلين،2\9\2021.

15_محفوظ رسول، الأمن الطاقوي الروسي بين الفرص والتحديات، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر.

16_هاجر محمد أحمد عبد النبي، أمن الطاقة والعلاقات الروسية الغربية في الفترة2000 _2015 ، المركز الديمقراطي العربي،15\7\2016 .

17_محفوظ رسول، السياحة كبديل مستديم للريع النفطي في الجزائر، جامعة الجزائر،2016.

18_نجاة عبد القوى عون، أوروبا بعد الغاز الروسي الى أين، مركز رواق بغداد،25\4\2022.

19_عمر الشوبكي، الاتحاد الأوروبي والحرب في أوكرانيا، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،16\3\2022.

20_محمد فال ولد المجتبى، السياسة الخارجية الأوروبية وتحديات جيوبوليتكا الطاقة، مركز الخليج للدراسات، 1\11\2008.

21_ميخائيل شودا كوف، طاقة نووية من أجل المستقبل، مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية،1\9\2016 .

22_أحمد الطالب محمد، مستقبل الطاقة النووية في ظل الطاقة عالميا، مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية،3\2\2022.

23_سبنسر ابراهام، التحديات التي تواجه أمن الطاقة، وزارة الخارجية الأمريكية، 2014.

24_نورهان الشيخ، سياسة الطاقة الروسية وتأثيره على التوازن الاستراتيجي العالمي، المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، القاهرة، 2009.

25_نورا عبه جي، تحديات العلاقات النفطية الروسية الأوروبية، المعهد المصري للدراسات،18\3\2022.

26_خديجة بن عرفه محمد، أمن الطاقة والسياسة الخارجية: دراسة تطبيقية لسياسات بعض الدول المصدرة والمستوردة للطاقة، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسي،2012 .

27_محمد أبو غزالة، التداعيات الجيواستراتيجية للأزمة الأوكرانية على أوروبا،Trends ،4\4\2022.

28_يوسف مهاب، محددات الفرص والمعوقات في المفاوضات الروسية– الأوكرانية، السياسية الدولية “التحليل الأن” مؤسسة الأهرام،11\4\2022 .

[1] سهير الشربيني ،أزمة الطاقة في أوروبا: الأبعاد المحلية والتداعيات العالمية RAND، 31\4 2022\.

[2] ابراهيم حردان مطر و سكينة جعفر شهاب، أمن الطاقة الأوروبي محدودية المصادر وتحديات البدائل، المركز الديمقراطي العربي  ، برلين،2\9\2021.

[3] رامز الشيشي، أثر الحرب الروسية الأوكرانية على مستقبل الأمن الأوروبي، المركز الديمقراطي العربي، 26\3\2022.

[4] صابرينة مزياني، مشكلة أمن الطاقة وتأثيرها على الأمن الوطني الجزائري، المركز الديمقراطي العربي ،3\7\2017.

[5] المرجع السابق، صابرينة مزياني.

[6] نورا عبه جي، دور الأمن الطاقوي في العلاقات الروسية الأوروبية، المعهد المصري للدراسات ، 8نوفمبر ،2021،ص2.

[7] المرجع السابق،  صابرينة مزياني .

[8] خضر نويوة، أمن الطاقة للاتحاد الاوروبي : الغاز الطبيعي نموذجا، جامعة محمد لمين دباغين .سطيف- الجزائر،PDF  ،ص3.

[9] المرجع السابق, خضر نويوة، ص4.

[10] مرجع سابق، نوار عبه جي، ص9.

[11] علي خليفة الكواري, استراتيجية وكالة الطاقة الدولية قراءة أولية في أسباب الاوضاع النفطية الراهنة وعوامل استمرارها، مجلة المستقبل العربي ،بيروت، العدد 127 ، 1989، ص115-126  .

[12] وليد الدغلي، التعاون الاقليمي و الأمن الطاقوي، هيئة الامم المتحدة، اسكوا،10\11\2015، ص4 .

[13] المرجع السابق، وليد الدغلي .

[14] سوزي رشاد، الطاقة أمن ومحاولات روسيا لفرض النفوذ الدولي، مجلة السياسة والاقتصاد، جامعة 6 اكتوبر،PDF ص 1-26 .

[15] المرجع السابق، سوزي رشاد .

[16] أحمد سلطان، تأثير تحديات أمن الطاقة في العلاقات الدولية، 11\4\2022مجلة السياسة الدولية، مؤسسة الأهرام .

[17] جمال الدين عمير وعمر قيرة، مقاربة حول الأمن الطاقي الأوروبي: قراءة في الابعاد السياسية لمكانة الجزائر، مركز الرائد العدد1 ،2013  .

[18] طن النفط المكافئ وهو وحدة طاقة تعرف على انها كمية الطاقة الناتجة عن احتراق طن واحد من النفط الخام، ويستخدم لقياس كميات ضخمة من الطاقة .

[19] محفوظ رسول, أمن الطاقة في العلاقات الرويبة –الأوروبية: قراءة وفق نظرية الاعتماد المتبادل، مركز دراسات الوحدة العربية.

[20] مرجع سابق، جمال الدين عميرة وعمر قيرة.

[21] مرجع سابق، ابراهيم حردان مطر_ سكينة جعفر شهاب.

[22] المرجع السابق  ابراهيم حردان مطر، سكينة جعفر شهاب.

[23] مرجع سابق، سهير الشربيني.

[24] مرجع سابق، محفوظ رسول.

[25] محفوظ رسول ، الأمن الطاقوي الروسي بين الفرص والتحديات ، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر .

[26] نورهان الشيخ، سياسة الطاقة الروسية وتأثيره على التوازن الاستراتيجي العالمي، المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية, القاهرة ، 2009 ، ص10.

[27] مرجع سابق، سوزي رشاد.

[28] المرجع السابق، نورهان الشيخ.

[29] مرجع سابق، محفوظ رسول .

[30] المرجع السابق، محفوظ رسول .

[31] المرجع السابق، محفوظ رسول .

[32] مرجع سابق، سوزي رشاد.

[33] هاجر محمد أحمد عبد النبي، أمن الطاقة والعلاقات الروسية الغربية في الفترة 2000 -2015  ، المركز الديمقراطي العربي ،15يوليو 2016.

[34] مرجع سابق، سوزي رشاد

[35] مرجع سابق، ابراهيم حردان مطر و سكينة جعفر شهاب .

[36] رسول محفوظ، أمن الطاقة في العلاقات الروسية- الأوروبية، مركز الكتاب الأكاديمي،10\5\2018.

[37] مرجع سابق، سوزي رشاد.

[38] المرجع السابق، سوزي رشاد.

[39] مرجع سابق، أحمد سلطان  .

[40] سبنسر ابراهام، التحديات التي تواجه أمن الطاقة، ماي 2014، وزارة الخارجية الامريكية .

[41] مرجع سابق، أحمد سلطان .

[42] مرجع سابق، سوزي رشاد.

[43] مرجع سابق، محفوظ رسول .

[44] محفوظ رسول، السياحة كبديل مستديم للريع النفطي في الجزائر ، جامعة الجزائر، 2016   .

[45] مرجع سابق ، سهير الشربيني .

[46] نورا عبه جي، تحديات العلاقات النفطية الروسية الأوروبية، المعهد المصري للدراسات،18\3\2022.

[47] المرجع السابق، نورا عبه جي.

[48] مرجع سابق، محفوظ رسول.

[49] مرجع سابق، سوزي رشاد.

[50] مرجع سابق، رامز الشيشي.

[51] عمر الشوبكي ، الاتحاد الأوروبي والحرب في أوكرانيا، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،16\3\2022 .

[52] مرجع سابق، سهير الشربيني.

[53] محمد فال ولد المجتبى، السياسة الخارجية الأوروبية وتحديات جيوبوليتيكا  الطاقة ،1\11\2018.

[54] مرجع سابق، عمر الشوبكي.

[55] مرجع سابق، رسول محفوظ .

[56] مرجع سابق، عمر الشوبكي .

[57] مرجع سابق، نوار عبه جي، ص9.

[58] مرجع سابق، محمد فال ولد المجتبى.

[59] نجاة عبد القوي عون، أوروبا بعد الغاز الروسي الى أين؟ مركز رواق بغداد،25\4\2022، ص6.

[60] المرجع السابق، نجاة عبد القوي عون، ص11.

[61] المرجع السابق، نجاة عبد القوى عون، ص12.

[62] المرجع السابق، نجاة عبد القوي عون، ص13.

[63] مرجع سابق، سهير الشربيني.

[64]  ميخائيل شودا كوف، طاقة نووية من أجل المستقبل، مجلة الوكالة الدولية الطاقة الذرية، 1/9/2016 .

[65] أحمد الطالب محمد، مستقبل الطاقة النووية في ظل أزمة الطاقة عالميا، مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، 3l2l2022.

[66] مرجع سابق، نوار عبه جي، دور الأمن الطاقوي في العلاقات الروسية الأوروبية.

[67] خديجة بن عرفه محمد، أمن الطاقة والسياسة الخارجية: دراسة تطبيقية لسياسات بعض الدول المصدرة والمستوردة للطاقة، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسي 2012 .

[68] مرجع سابق،  نوار عبه جي، ص11.

[69]المرجع السابق، رضوان جمول.

[70]محمد ابو غزالة، التداعيات الجيواستراتيجية للأزمة الأوكرانية على أوروبا،Trends ،4\4\2022.

[71]المرجع السابق، محمد ابو غزالة.

[72]المرجع السابق، محمد ابو غزالة.

[73]يوسف مهاب، محددات الفرص والمعوقات في المفاوضات الروسية_ الأوكرانية، السياسية الدولية “التحليل الأن” مؤسسة الاهرام،11\4\2022 .

 

 

لتحميل العدد بصيغة PDF .. اضغط هنا

العدد 1104 - 24/4/2024