فوضى..

وعد حسون نصر:

حياتنا وكل ما يحيط بنا باتا فوضى، كل القطاعات غارقة بفوضى مخيفة، كقطاع الصحة في المستشفيات العامة وما يتخلّله من تجاوزات وإهمال على صعيد النظافة، كذلك بتنسيق الدور واستخدام الواسطة بين المرضى في تقديم الدور على حساب دور أشخاص آخرين، أيضاً سوء المعاملة من بعض الأشخاص في الكادر الطبي للمرضى. ولا يختلف الأمر في القطاع الخدمي للبلديات والمجالس المحلية والفوضى الكبيرة ومنها مشاهد القمامة في الطرقات، التلوّث البصري والصحي والنفسي، انتشار نابشي القمامة من كافة الأعمار على الحاويات وفي الطرقات، الصرف الصحي وخاصة في فصل الشتاء بمجرّد أن يسقط المطر تصبح بعض الحارات أشبه بمستنقع.. الحدائق المهملة أشجارها مُكسّرة وأزهارها ذابلة من قلّة الاهتمام ومقاعدها مدمّرة. إنارة الشوارع التي باتت حلم كل مواطن في أي مكان. هذا هو حال القطاع الخدمي تحت ذريعة (ضعف الإمكانيات) بسبب العقوبات والحرب.

ولا ننسى مازوت التدفئة المُغيّب وغاز الطبخ بسبب نقص المادة، للأسباب السابقة نفسها.

ونأتي لحال التعليم في بلادي، الذي بات أشبه بالمثل الشعبي القائل (حارة كل مين إيده إلو): نقص في الكادر التعليمي وخاصة مُدرّسيّ الاختصاص لطلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، ازدحام في الصفوف وسوء في الأداء، سوء من قبل الطلاب أو من قبل المُدرّس، وذلك بسبب الضغط وعدم تناسب دخل المُدرّس مع مستلزمات الحياة والأعداد الكبيرة في غرف الصفوف، أيضاً نقص في الكادر الإداري التوجيه ومعلمي الأنشطة والمشرفين على الطلاب في الباحة أثناء الاستراحة، نقص في بعض الكتب، فقد باتت المدرسة لبعض الطلاب مكاناً للتسلية وسوء التصرف مع المدرسين برفقة تبريراتهم: (من حقي أن أتعلّم والمدارس غير مؤهلة؟!)، انتشار الدروس والمعاهد الخاصّة جعلت بعض المدرسين يذهبون لأداء عملهم في المدارس الحكومية فقط من باب إثبات وجودهم، أمّا الأداء الجيد فيكون مأجوراً في المنزل أو المعهد، لذا علينا أن نتصدى جميعنا لفوضى الحياة التي بدأت تسيطر على نفوسنا شيئاً فشيئاً، نحاول أن نبدأ من أنفسنا ومنازلنا، لنكن أكثر تعاوناً، لا يضرُّ إن كنتُ طبيباً صاحب ضمير أو ممرّضاً يُشبّه بملائكة الرحمة، أو إدارياً في مستشفى لا يقبل أن تُزهق روح شخص على حساب شخص من أجل الإسراع بعمل جراحي له أو صورة أشعة لأحد ربما غيره حالته أكثر خطورة منه. ما الضّرر إذا كنتُ في موقع مسؤول في مجلس البلدية وجعلتُ من مدينتي جنّةً بحدائقها ونظافتها وإنارة طرقاتها، وما مشكلتي إن كنتُ مدرّساً بصفة رسول أُبشّر بالعلم وأُنير الدروب أمام الأجيال لحياة مزهرة بالعطاء والمعرفة، وما الغريب إن كنتُ طالباً على خلق أسعى لتلقي المعرفة لأضعها في خدمة بلدي مستقبلاً، والأمر لا يختلف عن الجندي والضابط والمسؤول بأي وزارة.

لنحيا بسلام علينا تشذيب الفوضى في أرواحنا قبل أجسادنا.

العدد 1107 - 22/5/2024