نجوم تضيء في الشمال

طلال الإمام_ السويد:

التقينا الموسيقي السوري الفنان عماد القاسم في دردشة عما أنجزه في غربته بزمن قياسي، الحديث معه ممتع ومفيد. عشقه للموسيقا بدء مبكراً، درسها وتخرج في المعهد الموسيقي بدمشق التي شهدت بداياته الفنية. عمل مع عدد من الموسيقيين والفنانين السوريين في السينما، المسرح والتلفزيون. انتقل إلى الإمارات حيث أسّس مدرسة لتعليم الموسيقا. هو عازف على آلة العود.

حط به الترحال في السويد منذ أكثر من خمس سنوات في مدينة إسكيلستونا Eskilstuna (تبعد عن العاصمة ستوكهولم ساعة بالقطار). هنا كان أمامه تحديات كبيرة: تعلّم لغة جديدة، تأمين عمل، ثقافة مغايرة، وبالتالي موسيقا وجمهور مختلفان عن الشرق. غير أنه لم يستسلم بدأ بتعلم اللغة السويدية والتواصل مع أفراد، تجمّعات وهيئات ثقافية سويدية، كما أقام نشاطات موسيقية في أماكن وجود اللاجئين. أسّس مع كوكبة من المهتمين فرقة موسيقية أطلقوا عليها فرقة سفرجل. لماذا هذا الاسم يجيب الفنان عماد (فكرنا كثيراً بالاسم، كان ثمة اقتراحات عديدة: صوت سورية، موسيقا الشرق وغيرها، ثم استقررنا على تسميتها سفرجل. ثمرة السفرجل متنوعة من حيث الطعم حامضة، حلوة، فيها غصّة، وهكذا فرقتنا متنوعة الانتماء الإثني: فيها سوريون، عراقيون، مصريون، يونانيون وسويديون. تأسّست الفرقة في عام 2015 أي بعد عام من وصول الفنان عماد للسويد. صارت الفرقة تقدم أغاني باللغتين العربية والسويدية، وتقيم أمسيات قراءات شعرية بمرافقة الموسيقا. تواصلت مع مكتبة المدينة، المتحف ودور المسنين، المدارس، وقدموا فيها حفلات خاصة. لكن نشاطهم لم يقتصر على مدينتهم بل امتد إلى العاصمة ستوكهولم حيث أقاموا حفلات في متحف البحر المتوسط، متحف الشمال، البيت الثقافي، ومكتبة بلدية ياكوبسبيري. بدأت الفرقة تنتشر وحصلت على العديد من الجوائز التقديرية. هذا التراكم الإيجابي والنشاط المتنوع أدى إلى إحداث قفزة نوعية في حياة فرقة سفرجل ومؤسّسها. إذ حصل الفنان عماد على عمل ثابت في إحدى هيئات المجتمع الاهلي (Studiefrämjandet). مع صالة مجهزة للتدريب وشراء الآلات الموسيقية المطلوبة للدورات. وصار ينظم ويشرف على دورات لتعلم العزف على البيانو، العود والغناء (دراسة النوطة). تقام الدورات مرّتين في العام في الربيع والخريف ومدة كل دورة أربعة اشهر، عدد المشاركين في كل فصل حوالي 30 طالباً، غالبيتهم يدرسون العزف على البيانو.

حول الصعوبات التي تواجههم قال الفنان عماد الصعوبة الأكبر: عدم تفرغ الموسيقيين فغالبيتهم يعملون في مهن متنوعة من أجل المعيشة وعملهم يتضارب أحياناً مع نشاطات الفرقة.

أما أهداف الفرقة فهي متنوعة: من نشر الموسيقا السورية /الشرق اوسطية والعربية طبعاً، وإيجاد مزيج عربي /سويدي في الموسيقا والغناء (نقدم أغانينا باللغتين)، إلى جذب الشباب إلى مشروع ثقافي -فني لتمضية أوقات فراغهم بشكل مفيد يجنبهم الوقوع عي عالم الجريمة، المخدرات وغيرها.

ولدى اجابته عن أسباب نجاح الفرقة في هذه الفترة القصيرة قال: حبنا للعمل، الايمان بأهمية وجود الفرقة، الانسجام بين أعضاء الفرقة، ثقة المجتمع بالفرقة، عدم الركض وراء الربح المادي. الجدية في التعامل مع المجتمع السويدي ومؤسساته. لدينا موقف ثابت يتمثل في أن فرقتنا لا تقدم عملها في المطاعم والملاهي (لا نقدم عملاً مع طرطقة صحون الأكل وأدواته). لدى السؤال عن مشروعهم القادم أجاب الفنان عماد: نطمح إلى تكوين كورال للأطفال يؤدي باللغتين السويدية والعربية، مع الاستمرار في دورات تعليم عزف الموسيقا والغناء وتطويرها، وإقامة حفلات لطلاب دوراتنا، طبعاً الاستمرار في المشاركة بالنشاطات الثقافية في مدينتنا وخارجها.

على هامش اللقاء ذكر الفنان عماد أن لديه طالبة رغم فقدانها بصرها دخلت دورة تعلم العزف على العود أنهت الدورة بنجاح وصارت عازفة.

* وهناك طالبة سويدية تغني بالعربية وتعزف على آلة العود.

ملاحظة: تتكون فرقة سفرجل من: هبة – غناء، سيروب – أورغ، والياس – غيتار. قائد الفرقة عماد – عود).

اخيراً ما نقلته هو غيض من فيض من حديث الصديق الفنان عماد، أكثر ما يلفت النظر هو تمكنه في فترة زمنية قصيرة من غربته انخراطه في مجتمعه الجديد، حصوله على عمل في المجال الذي يحبه: الموسيقا ومعرفته لمفاتيح الاستقرار والنجاح في المجتمع الجديد.

تحية لفرقة سفرجل وأفرادها على كل ما تقدمه، إنها تشبه ضمّة ياسمين تنشر عبيرها في الغربة.

شكراً وتحية احترام وتقدير لأنكم تستحقون فعلاً.

 

العدد 1105 - 01/5/2024