كلماتي للطفل والطفولة.. لضحكة البراءة الخجولة

ريم داوود:

الطفولة تلك الحكاية البريئة والنقاء الطاهر، الحب الصافي والوفاء الكامل، السلم والسلام، الأمن والأمان.. معانٍ أبحرت في عيني الطفولة لترسم غداً بفطرة طفولية وضحكة غنّاء.

في الأول من حزيران من كل عام يُحيي العالم يوماً عالمياً للطفولة، يضعون نصب أعينهم حقوق الطفل، أهمية العناية به وبهذه المرحلة الحسّاسة والهامة، لضرورة تأمين احتياجات الأطفال أينما كانوا ومهما كانت انتماءاتهم، فهذا ما نصّت عليه اتفاقية حقوق الطفل من حقهم في الرعاية، إلى العيش الكريم، إلى الحصول على غذاء صحي، مسكن آمن، التعليم اللازم، حقهم في اللعب وغيرها من البنود التي صادقت عليها دول ودول بهدف تعزيز الوعي بين الأطفال في جميع أنحاء العالم وتحسين رفاهيتهم. فأين أنت يا بلادي من هذا اليوم؟!

*طفولة مبتورة: يُحزننا مشهد طفل يجوب الشوارع والأحياء باحثاً بين ركام القمامة عن علب البلاستيك وفوارغ زجاجات الماء وغيرها من المواد اللازمة ليبيعها ويكسب فيها استمرار حياته، كما يُحزننا مشهد طفل تنقل لنا عيونه معاناةً وقصصاً صامتة عن خوف وجوع وألم يعيشه في كل يوم ومع تغريدة كل صباح. لكن الألم الأكبر والأنين الأعظم هو مشهد رضيع جاثم فوق ركام القمامة أو عند حافة رصيف أو ربما عند مدخل بناء ما ليُكتب في شريط ذكرياته لقيط دون نسب، فضلاً عن السيناريو المتشابه من تزويج مُبكّر للفتيات الصغار تحت شعار (البنت آخرتا لبيت جوزها) مقولة قاتلة لأحلام الطفولة وآمالها وأفكارها وإبداعاتها. أوجاع لا يمكن البوح عنها وقروح ليس لها علاج، ولا يسعنا سوى تخليد هذا الألم في مجلد الذلِّ الإنساني.

يؤسفنا تباهي المجتمعات المتقدمة بكمِّ إنجازاتها والتطور الحاصل لديها، وتؤلمنا حقيقة أننا وللأسف نحتاج إلى سنوات ضوئية من السعي والدأب للوصول إلى ما حقّقوه من تقدم وتطور على الصعيد الإنساني عامة وعلى صعيد الأطفال خاصة، في حين ما زلنا نتباهى حتى يومنا الحاضر ضمن مجتمعاتنا بكمِّ الإنجاب عامة وإنجاب الذكور خاصة!! لقد أدرك العالم برمته حساسية ودقّة وأهمية مرحلة الطفولة بشقيّها المُبكّرة والمتأخّرة، وسعوا إلى خلق نمط من التميّز والاختلاف والإبداع يطول هذه الفترة العمرية كونها فترة تأسيسية تُبنى فيها ركائز الإنسان، واللّافت في الأمر أننا نلاحظ وبشكل واضح الإهمال الكبير لفئة الأطفال في مجتمعنا علماً أنها تشكّل شريحة كبيرة من شرائح المجتمع السوري. والسؤال هنا: ما هي الخطط التنموية التي نعمل عليها كوزارات وحكومة للاستفادة من طاقات هؤلاء الأطفال وإمكانياتهم؟ ما هو المخطّط المستقبلي الموضوع لتفعيل قدراتهم وإبداعاتهم؟ وهل سنصل يوماً إلى مرحلة نُنهي فيها هذا العنف الممارس على الطفولة والأطفال؟ أفكار ومقترحات كبيرة لو عملنا عليها مجتمعين متكافلين حكومة وشعباً سننجو بأطفالنا مُحلّقين بهم نحو النجوم، مُستنفدين قدراتهم وأفكارهم وطاقاتهم التي قد تفوق قدراتنا كبالغين. فالطفولة من أجمل مراحل الحياة التي يمر بها الإنسان، فيها تُخزّن الذكريات وتُبنى الخطط، فهي بمثابة حجر الأساس لبناء شخصية متوازنة متزنة تمنح الطفل القدرة على النمو بالشكل السليم، فلنعمل جاهدين على تمكينهم وتدعيمهم لنجعل منهم بناة المستقبل القادم.

العدد 1105 - 01/5/2024