النفوس أضعفت القيم.. فهل السبب الظروف؟!

وعد حسون نصر:

انتشرت سلوكيات كثيرة في مجتمعنا ربما قديمة جديدة أو ربما دخيلة أو ربما فرضتها الظروف، لكنها بالنهاية سلوكيات قد تكون بالأساس موجودة لكن ليس بهذا الانتشار، وخاصةً ظاهرة القتل داخل الأسرة، إذ بدأنا نلاحظ انتشارها وبصورة كبيرة وبشعة مترافقة مع ظاهرة التشرّد وانتشار الأطفال في الشوارع بهذا الكم الهائل إذ لم تكن بهذا الحجم من القهر، أيضاً التسرّب من المدرسة وضعف أهلية التعليم باتت ظاهرة واضحة جداً، فكل هذه المظاهر أودت بالمجتمع إلى هاوية الفشل والإجرام وخاصةً بين جيل الشباب والذريعة هي الظرف المادي، فقد بتنا نقرأ يومياً عبر وسائل التواصل ونسمع من خلال وسائل الإعلام عن جريمة قتل ضحيتها أب أو أخ أو أخت أو أمّ، البعض يردّها للظروف وقسوة الحياة والأزمة وما نجم عنها من ذلٍّ جعل النفوس مُكتظّة بالقهر، ولكن مهما كانت الظروف قاسية كيف لنفوسنا أن تتحوّل إلى نفوس مجرمة، ونُقدِم على قتل الأب من أجل ميراث أو مبلغ مادي أو حتى اختلاف بالفكر، أين القيم من هذا الفعل؟! أين الأحاسيس والمشاعر ورابط بالدم.. هل بات الدم ماءً؟! لا شيء يُبرّر فعل قتل صلة الرحم إلاّ سوء التربية والتفكّك الأسري وضعف النفوس ورفاق السوء الذي يوصل لطريق التعاطي أحياناً، وهنا لابدَّ من وجود المال وهذا دافع بحدِّ ذاته للقتل، لا يمكن أن نلقي كل قذارتنا على الظروف، ألا يوجد رادع هو القيم والتربية.. ألا يوجد ذكريات لمائدة تجمعنا حولها بضحكات نتقاسمها مع لقمة الخبز! لا يوجد مبرر للقتل بين أفراد الأسرة وخاصةً الواقع على الأب والأم إلاّ فقدان المحبة وروح المشاركة، الظروف يجب أن تُقرّبنا بدل أن تُفرّقنا، ربما يُقدِم البعض على القتل بسبب ضغط نفسي وحالة مرضية، وهنا نأخذ بعين الحسبان السبب ونعالجه، لكن القتل العمد لا يمكن أن نبرره ولا بدّ من العقاب، لذلك أحسنوا تربية أبناكم اجعلوهم سنداً لكم.. اجعلوهم أمانكم بكلماتكم الدافئة والوعظ الجميل من أفواهكم، كونوا لهم الحضن الآمن ليكونوا لكم الخيمة في كبركم، التربية والقيم أساس أيّ نواة في المجتمع، والأسرة هي تلك النواة، لذلك لا تدعوا أولادكم يأخذون منكم السيئ، صدروا للمجتمع حبكم لهم وأخلاقكم في تصرفاتهم لتمحوا فيهم روح الإجرام التي باتت لدى البعض موضة العصر كي لا ينغرس سكينها في رقبتكم وتكونوا أنتم أول ضحاياهم.

العدد 1105 - 01/5/2024