الأهمية في النتائج

فؤاد اللحام:

آن لنا أن ندرك، ولو متأخراً، أن جودة أي قرار تكمن في نتائجه وليست في أهدافه، وهو ما تثبته الوقائع فعلياً، خاصة في ظل الاستمرار بسياسة العمل يوماً بيوم.

التعارض بين جودة القرار ونتائجه تعود بشكل أساسي إلى ضعف دراسة القرار قبل اتخاذه بشكل صحيح للوقوف على آثاره الايجابية والسلبية وكيفية تفعيل وتوسيع الايجابي منها ومنع أو تحييد أو تقليل الآثار السلبية المتوقعة. ومن خلال موضوعية تنفيذ هذه العملية وعدم تفصيلها لصالح شخص أو مجموعة يتم اتخاذ الموقف المناسب من مشروع القرار سواء باتخاذه أو تأجيله أو إلغائه.

جفّت أفواه الصناعيين وغيرهم من المطالبة الدائمة بإشراكهم في مناقشة القرارات ذات العلاقة بهم قبل اتخاذها وليس بعد صدورها، كما يحدث دائماً، لمناقشة كيف يتم استدراك الآثار السلبية التي أدى اليها تطبيق العديد من القرارات.. إضافة إلى ضرورة تجنب إطلاق الوعود غير القابلة للتنفيذ، وتبادل التصريحات المكررة حول أهمية دور الصناعة ودعمها …الخ، دون أن يسأل هذا المسؤول أو ذاك أو هذه الجهة أو تلك ماذا نُفِّذ من كل هذه التوجيهات والوعود والتصريحات. ثم نعود ونسأل عن نتائج حتى تلك القرارات المحدودة التي اتُّخذت تحت شعار دعم الصناعة الوطنية.

المواطن السوري بات يواجه كل قرار جديد يتخذ فور صدوره بحالة من التشاؤم والحذر، استناداً إلى خبرته وتجربته في تطبيق العديد من القرارات التي لم تؤدِّ ما كان يؤمل منها، بدءاً من زيادة الرواتب وصولاً إلى رفع سعر القطع الأجنبي والفوائد مؤخراً.

أسئلة عديدة يجب على الجهات المعنية الإجابة عنها اليوم بشفافية وموضوعية، منها ما يلي: إذا لم يكن هناك إنتاج زراعي وصناعي كافٍ وقادر على تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني في تلبية الاحتياجات المحلية والتصدير، فهل رفع سعر القطع من جديد إلى ما دون قيمته الحقيقية يعوض عن ذلك؟ وإذا كان معدل التضخم أكبر من سعر الفائدة على الودائع، مع الاستمرار في سياسة تجفيف السيولة فمن سيوظف ما لديه من أموال في المصارف ليخسر من قيمتها الفعلية أكثر من الفائدة الممنوحة؟ وكيف ستقوم هذه المصارف بتغطية هذه التكاليف؟ وما هي منعكساتها على الإقراض؟ وإذا كان الفرق في سعر قطع الحوالات أكبر من ثلث قيمته الحقيقية فكيف سيتم استقطاب حوالات المغتربين؟ وإضافة إلى كل ما سبق، كيف ستنعكس آثار مثل هذه القرارات على التكاليف والأسعار؟

الآثار باتت شبه متوقعة ومعروفة، وبضمنها الإجراءات الرسمية لمواجهتها، وفق العقلية ذاتها والأسلوب نفسه. لكن يظل الأمل، وقبل فوات الأوان، بالمراجعة والتقييم واتباع أساليب ذات فوائد فعلية أفضل وأوسع في اتخاذ القرارات وتنفيذها.

بالتزامن مع موقع (الصناعي السوري)

العدد 1104 - 24/4/2024