تنظيم الأسرة أمر بات غاية في الأهمية…

ريم داوود:

منذ عام ٢٠٠٠ والمجتمع السوري يعاني من تضخم سكّاني متزايد، وتنامٍ في نسبة الولادات دون دراسة واضحة لآثار هذا التضخم على واقع المجتمع وموارده الطبيعية والصناعية، وجاءت الحرب ففاجأت استقرارنا وتطعن بأماننا قارعة لنا ناقوس الخطر مُعلنة بدأ حصاد جماعي دون التمييز بين صغير أو كبير وكأن الطبيعة تُعافي ذاتها بذاتها.

عشر سنوات مرّت من الحرب والقتل والتهجير، عقد بأكمله عاناه السوريون على جميع الجبهات والمجالات الاجتماعية، الاقتصادية، الصحية، النفسية والثقافية ولم يعِ بعد هذا المجتمع خطورة هذا التنامي العشوائي.

التضخّم السكاني مصطلح بات مفهوماً وواضحاً لدى الغالبية، لذا لابدّ لنا من المرور به لنلقي الضوء عليه بشكل سريع، فالانفجار السكاني هو اختلال في التوازن بين أعداد السكان مقارنة بكميات الموارد المتاحة في منطقة ما( كالماء، والغذاء، والهواء، والمحروقات …. ) وما إلى ذلك من موارد تمتلكها البلاد ليصل الأمر بالنهاية إلى الانهيار البيئي.

ارتفاع نسبة الولادات دون رقابة أو رعاية:

يعاني المجتمع السوري في الآونة الأخيرة من آفة خطيرة باتت ثقلاً على أكتاف أبنائه، أطفال مشرّدون وغيرهم متسوّلون، لنجد النبّاشين منهم وقد غزوا أحياء المدينة قاصدين حاوياتها دون رادع أو رعاية من أي جهة معنية. أطفال لم يتجاوز كبيرهم الخامسة عشرة من عمره يتسابقون متباهين من يدخل جوف المكبّات أولاً ليخرج بالكنز المطلوب!!

لكن السؤال الأهم والذي لا يفارق ذهني، أليس لهؤلاء الأطفال أهل أو أقارب؟

أليس لديهم من يرأف بحالهم؟

هل باتت الأمهات تنجب أبناء لدفعهم نحو المكبّات والشوارع والمجهول!؟

منذ أن شبّت في داخلي روح الشباب وأنا أتساءل عن مفهوم الأسرة التي تشكّل لنا عماد المجتمع وبنيانه مكوّنة بناه التحتية ودعاماته الأساسية، مُدركة كل الإدراك أن هذا الأسرة لا تقوى إلّا بقوة أفرادها، وأنه من حق كل واحد منها أن يحيا حياة كريمة لائقة به وبإنسانيته التي منحها الخالق له وإلاّ فلا داعي لوجوده كإنسان.

يربكني ويشغل بالي المفهوم الشاذ عن الإنجاب والمغلوط كلياً في مجتمعنا خصوصاً وأن الإنجاب أصبح روتيناً أو شبه عادة، وأيُّ عادة قاتلة تلك!؟

في حديث دار بين إحدى السيدات وبيني علمت من خلاله أنها تبحث عن أحد المراكز المجتمعية تستطيع من خلاله الحصول على بعض المساعدة والدعم، وفي سياق الحديث تفضّلت السيدة بإخباري أنها أم لثمانية أطفال، وأنها تقضي النهار كلّه بحثاً عمّا يسدُّ رمق أطفالها، لتظهر علامات الدهشة والاستغراب مُغيّرة ملامح وجهي!

ثمانية أطفال يا سيدة! ولماذا كل هذا العدد وأنت تعانين شحاً في الوضع الاقتصادي والمعيشي؟

ما الهدف من هذا الإنجاب الكبير؟ فالطفل كالثمانية يوفر لأمه مشاعر الأمومة والحنان، ويُخفّف عن أهله أعباء كثيرة.

أليس من الأفضل لك أن تفكّري في الأمر بشكل مختلف قليلاً؟

ليأتي الردّ الحاسم “لا، الولد بيجي وبتجي رزقتو معو!).

فأجبتها وأين هو رزق الثمانية أطفال الذين أنجبتهم يا سيدة!؟

في الختام أود التأكيد أن العائلة رباط مقدّس لابدَّ لأركانها أن تتحقّق كي تستمر هذه العائلة في توكيد أهدافها.

لا مانع من إنجاب الأطفال، لكن علينا قبل التفكير في إنجابهم أن نعمل جاهدين على تأمين حياة كريمة وحقوق كاملة تضمن لهم الكرامة والعزّة والاستقرار المُستدام، علينا أن نُحقّق لهم أجواء عائلية تُشعرهم بالأمان عندما تخونهم الدنيا، وبالدفء عندما ينخر البرد عظامهم، وبالحب عندما يتخلّى عنهم الجميع.

العدد 1105 - 01/5/2024