يا مسند كتافي أنت.. يا أحلى صبيّة!

ريم داوود:

إلى من حاكت بيديها العطاء لدروب أيامنا.

إلى تلك التجاعيد التي ظهرت على يديك لأجل سعادتنا.

لك وحدك يا سنديانة بيتنا، لشموخك، لقدرتك، لقوتك، وجبروتك.

أمي..

في كل عام وتحديداً في الحادي والعشرين من آذار ترقص الحياة على إيقاع الأمومة عازفة لنا ألحان الحب والعطاء والتضحية، مؤدّيةً سيمفونية عجز كبار الملحنين عن تأليفها.

سيمفونية ترسم البهجة والسرور على وجوه البعض، مثلما ترسم ملامح الحزن والأسى على وجوه البعض الآخر.

إنه أول أيام الربيع رمز الحياة والنقاء، رمز العطاء والوفرة، زهوة الدنيا والجمال، لذا سأغتنم الفرصة لأُكرّم أعظم وأجمل وأرقى أم منحتني إياها الحياة كهدية ونعمة من نعم الله التي أغدقها علي ولايزال حتى اليوم يمنحني الكثير منها.

  • الأم المربية،المعلمة، الفاضلة، الزوجة، العاملة، ورمز الحياة:

أول رائحة هي عبق ذلك العطر الذي مهما بحثت عنه لدى العطارين لن أجد مثيله.

أول صوت هو نغم حبالها الصوتية التي لن تستطيع آلات الدنيا تقليده.

أول صورة هي ثنايا وجهها التي يعجز كبار الرسامين عن تجسيدها في لوحة أو حتى تصويرها.

نعم يا سادة إنها (أمي)!

تلك السيدة المعطاءة، المغوارة، الكريمة، ذات الكف الأبيض، التي لم تغمض لها عين ولم ينم لها جفن حتى غدونا شباباً وشابّات متعلمين متسلحين بشهادات مختلفة، كان همّها الوحيد وشغلها الشاغل إقحامنا في معركة الحياة بأبعادها كاملة لنكون على أهبة الاستعداد لها، قادرين على مواجهتها والغوص في أعماقها.

لن أنسى عبارتك الشهيرة (تعلّموا، احصلوا على شهادات عليا، اعملوا، أنتجوا، سافروا وافرحوا ثم اختاروا ما شئتم فلكم حرية الاختيار).

وهذه الكلمات أردّدها تلقائياً لأطفالي..

كم تغمرني السعادة وتضحك عيناي مشعّتين بنور عجيب عندما أسمع أحدهم يقول: (تشبهين أمك) فأردُّ بابتسامة: لا أظن ذلك، لكن فؤادي يتلهف لسماع الكلمة ذاتها: (بل تشبهينها)!

غدوت أمّاً يا أمي، وعرفت أن الطفل مهما أخطأ فملاذه الوحيد هو أمه.

وعلمت أنه مهما بكى فسيمسح دموعه في حضن أمه، وأيقنت يا أمي أنه ما من طفل مُحبّب ومميّز أكثر من الآخر، فجميعهم مقرّبون مميّزون حسب اختلافهم الذي أدركته منذ الطفولة.

وأدركتُ يا جميلتي أنه مهما كبرنا فسيبقى الطفل في داخلنا يحنُّ لحضن أمه وبسمة أمه وضحكة أمه.

فهنيئاً لنا بك، وهنيئاً لك بعطائك!

ولك مني كل المحبة والتقدير والاحترام!

كفّيتِ ووفّيتِ!

العدد 1105 - 01/5/2024