لماذا نتعلم مادمنا قابعين في مستنقع الأوهام؟

ريم داوود:

(ليكو يا صبايا، أنا هالبنت ما حبيتا لك مو معقول عليها عين بتفلق الصخر غريبة! يا شباب مستحيل تصدقوا، لك ما لحق شاف السيارة بنشرت فوراً عالطريق!

الحسد والعين وصيبة العين عبارات كثيراً ما نسمع بها داخل الأسرة، في العمل، في الشارع، في المدرسة، والجامعة وكل مكان.

يعود الاعتقاد بالحسد إلى عصور قديمة إلاّ أن ظهورها بشكل واضح غير مُحدّد، أمّا المؤكّد فيه فهو عبارة عن مخاوف لأحد الأشخاص يعانيها تجاه غيره، ويُعرّف الحسد بأنه شعور عاطفي يقوم على تمني زوال قوة أو ملك أو إنجاز أو ميزة ما عند أحد الأفراد. أما في علم النفس فيُعرّف الحسد بأنه حالة نفسية سلبية تدفع الحاسد إلى التفكير بطريقة المقارنة الكارهة والسلبية، إذ يجد نفسه المستحق الوحيد لما يملكه الآخرون، كما يجدهم غير مستحقين للنعم الموجودة لديهم. والجدير بالذكر هو أن هذا التفكير ضار جداً للإنسان، فهو يغذي فيه مشاعر القلق والغضب والأنانية والألم، فالحاسد شخص مُستعد حسب تفكيره لفعل أي شيء يبعث في قلبه الراحة والطمأنينة، ويُطفئ بداخله مشاعر الغيظ القبيحة.

من خلال سردنا لبعض هذه المعلومات عن شخصية الحاسد والتي تبيّن أنها مشكلة على الصعيد النفسي نجد أنه لا علاقة له بالشعوذة وصيبة العين كما هو متداول وبكثرة، أمّا ما يُثير دهشتي فهو تأييد فئة كبيرة من المجتمع لهذا الفكر السائد عن صيبة العين وسكب الرصاص وغيرها من الممارسات غير المفهومة والتي تدفننا في بوتقة الجهل الثقافي، فكيف لأفراد مثقفين حاصلين على شهادات وإجازات جامعية وربما أعلى من ذلك يردّون مكروهاً ما أو مُصاباً حصل معهم للحسد وصيبة العين؟ كيف يمكن أن نردّ أموراً تعاكسنا إلى مثل تلك الأوهام البالية؟

فهل يجوز هذا الانفصال عن الواقع الفكري الذي نسعى إلى تحقيقه؟ وهل نطلب العلم لحيازة شهادات فخرية دون الغوص في غماره وشعابه؟ أم أننا شعوب نحارب العلم ليبقى الموروث الثقافي حيّاً بشوائبه؟ أفكار وأسئلة نضعها هنا علّها تقودنا إلى البحث عن أسباب تعلّقنا بمثل هذه الأوهام علنا ننهض فيها من هذا الركام.

العدد 1105 - 01/5/2024