شيطنة روسيا والصين.. وابتزاز المجتمع الدولي

كتب رئيس التحرير:

هل ستغزو روسيا أوكرانيا؟

في عالم الخيال والعروض السينمائية الافتراضية، يمكنك أن تفترض ما تريد، لكن في عالم الواقع لا تجري الأمور بهذه البساطة، ولا تستطيع مخاتلة العقل والهروب إلى الأوهام إلا إذا كنت مختلاً.

منذ تحول الدول النامية الكبرى إلى أقطاب عالمية تمارس تأثيرها الفاعل في مجمل العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي، دأبت الولايات المتحدة على شيطنة هذه الأقطاب، خاصة بعد أن تجمعت ضمن إطار (بريكس) ووصلت مساهمتها إلى نحو 32٪ من حجم الاقتصاد العالمي، ودعوتها إلى نبذ أحادية القطب الأمريكي، والتحول إلى عالم متعدد الأقطاب، بعيداً عن الحروب والتدخل في شؤون دول العالم الأخرى.

ليس عصياً على من يتعمّق قليلاً في التحولات العاصفة التي يواجهها الاقتصاد الأمريكي، منذ بداية القرن الجديد، وتشظي تداعيات الليبرالية الاقتصادية الجديدة من البيت الأمريكي إلى الحليف الأوربي.. والاقتصادات المرتبطة عضوياً بالاقتصاد الأمريكي، أن يلامس تراجع الاقتصاد الحقيقي القائم على الصناعة والزراعة إلى الاقتصاد المالي القائم على تصدير الرساميل والأوراق المالية عبر المصارف الأمريكية الكبرى، لكن الانهيار الكبير في خريف 2008، وما سبّبه من أضرار لاقتصادات دول العالم، فتحت عيون الجميع على أن الولايات المتحدة، بعد أن همّشت اقتصادها الحقيقي، تحولت إلى بلد البارودة- ومطبعة الدولار (فقط)، أي طباعة الدولار وترويجه في أنحاء العالم، وإشعال الحروب، في هذه المنطقة أو تلك، بهدف تصدير السلاح والصناعات الحربية، وبكلمة أخرى بلاد لا يمكنها الاستمرار والتقدم إلا عبر الحروب.. والتلويح بالعصا.. والدولار، ومحاولة (البلطجة) عبر محاولة تقليم أظافر التنين الصيني، وتطويق روسيا بحلفاء (الناتو)، وزرع الصواريخ العابرة حولها، وجرّ الأوربيين إلى نزاع عالمي مع روسيا، وتدفق طلبيات السلاح الأمريكي لمجابهة (الشيطان) الروسي وشريكه الصيني اللذين يخططان لاجتياح العالم بدءاً بأوكرانيا بتاريخ (كذا)!

لقد أصبح توتير الأوضاع، في شتى بقاع العالم، هو الشغل الشاغل للإدارة الأمريكية، فدون قرقعة السلاح وابتزاز المجتمع الدولي سيخبو بريق أمريكا، والغاية حسب السلوك الأمريكي تبرر الوسيلة، وأمثلة سورية، والعراق، ولبنان، وفلسطين، واضحة للجميع، بعد أن أنابت أمريكا الكيان الصهيوني والإرهاب المتلطّي تحت راية الدين بإنشاء فضاء شرق أوسطي جديد يضخ الثروات إلى مصارف نيويورك، ويتلقّى أكياس الطحين.

الغزو الروسي لأوكرانيا كذبة كبرى، أما تهديد أمريكا لروسيا والصين والشرق الأوسط، وإشعال الحرب والنزاعات الدولية، فهي الحقيقة الوحيدة.

العدد 1105 - 01/5/2024