السويداء تواجه عناد الحكومة بالصوت العالي

السويداء- معين حمد العماطوري:

يبدو أن الحكومة، بقرارها الارتجالي رفع الدعم عن فئات متنوعة، قد شوّهت القيم العلمية المعرفية في تحديد البيانات الشخصية المطلوبة، وكانت جائرة بحق المجتمع، ولعل العاملين في تعبئة المعلومات هم عالة على العمل نتيجة تفشي الفساد والإفساد، ما دفع بالعديد من الأسر لرفع الصوت عالياً منذ أيام قليلة، مطالبين بإلغاء القرار، ولكن الحكومة لم تستمع لأحد، ضاربة بعرض الحائط جميع الآراء والأصوات وما نشره الصحفيون والمختصون محذّرين من أن هذا القرار سيكون له تبعات غير قليلة.

فما الذي حدث؟!

بدايةً، رفع العديد من الفعاليات الثقافية والإعلامية صوتهم مطالبين بالتراجع عن القرار.. كما ارتفعت أصوات بعض أعضاء مجلس الشعب.. ولكن الحكومة ظلت لا تصغي لأحد.

من جانب آخر أكدت جهات قانونية أن قرار رفع الدعم مخالف للدستور ومنافٍ للأخلاق العامة، وطالبت بتخويل السلطة القضائية صلاحية الإشراف على مقدّرات البلد وثرواته.. وبقيت الحكومة مصرة على تعنتها وتمسّكها بالقرار تحت ذرائع واهية.

فهي من جهة تريد تغطية العجز المالي لديها من خلال رفع الدعم، ومن جهة ثانية لا تريد أن تسجّل سابقة بأن تستجيب لمطالب محقّة يرفعها عموم المواطنين، واكتفت بما يمكن أن نسمّيه: (انسحاب تكتيكي)، بالإعلان أن هناك بعض الأخطاء في المعطيات أو الأرقام، أو في إدخالها، لتبرير أن الحرمان شمل كثيرين بذريعة أنهم خارج القطر، مع أن معظمهم لم يغادر قريته أو حيّه، وبعضهم ليس لديه جواز سفر!

والنتيجة استمرار الحكومة بالتصريحات والوعود التي لا تسد الجوع والفقر والقهر.

المطالب التي ترددت أصداؤها في السويداء، وأبرزها القضاء على الفساد وتأمين مستلزمات الحياة اليومية، وتسهيل الإجراءات الإدارية في المعاملات، وإلغاء القرارات الجائرة، ومكافحة الفساد الإداري والإفساد العملي في منظومة القطاع العام والخاص في كل مفاصل الدولة.. هذه المطالب هي مطالب الشعب السوري كلّه.

أما الأمر الآخر والأهم فإن ثقافة أهالي السويداء وفق المعيار الوطني الانتمائي لها لا تقبل القسمة ولا التجزئة، وسلطان باشا الأطرش والثوار الأماجد في الماضي رفضوا التجزئة والتقسيم، وطالبوا بوحدة البلاد ودفعوا شهداء ودماء زكية.. وظل الثابت الذي لا يتزعزع هو الامتناع امتناعاً قطعياً عن مواجهة الجيش، استناداً إلى يقين أن الجيش هو أبناء الوطن، وكما قدمت السويداء العديد من الشهداء دلالة على وحدة الصف والهدف الوطني المشترك.. فإن الفعاليات كافة تؤكد عدم المساس بالثوابت من مؤسسات حكومية وخاصة الجيش.. واستمرار التظاهر السلمي إلى أن تتحقق تلك المطالب.. رغم ظلمة الليل الداكن من الجهات الأمنية وما تبثه.

أخيراً، الشارع في السويداء في حالة غليان، والسبب هو تعنّت الحكومة وقراراتها الجائرة.. وعدم محاسبة الفاسدين رغم أنهم معروفون بالاسم.. ومطلوب إعادة الأموال العامة المسروقة لخزينة الدولة.. وتحقيق الأمن والاستقرار لتفعيل الاستثمار، وتأمين الحياة اليومية بكرامة تتناسب مع تاريخ الشعب السوري وصموده، فليس معقولاً ولا مقبولاً مكافأة هذا الصمود السوري الأسطوري بالجوع والفقر والقهر والقرارات الجائرة والحكومة الفاسدة دون محاسبة.

وإلا فإن صوت الجائع سيكون كصوت الليث الهادر. لقد حذرنا وحذّر غيرنا مراراً في وسائل الإعلام من ثورة الجياع.

السلام لسورية.

العدد 1107 - 22/5/2024