في طرطوس.. الصيدليات خيار وفقوس!!

رمضان إبراهيم:

كلّ متابع لواقع الدواء في طرطوس وعمل الصيدليات وتفاوت أسعار بعض أنواع الأدوية سيجد خللاً كبيراً في ملف الدواء، سواء أكان ذلك من حيث النقص الكبير فيه، أو من حيث التلاعب بأسعاره، فضلاً عن عدم توفر العديد من الأصناف إلا بأسعار السوق السوداء!!

اليوم وقد بات هذا الخلل واضحاً ويزيد عن الحدّ في نظام مناوبة أكثرية الصيدليات في مدينة طرطوس وحتى ريفها، فإن ذلك ينعكس سلباً على المرضى وذويهم. ومن المعروف أن هناك مهناً معيّنة حسّاسة جداً من الناحية الاجتماعية يتم تنظيم هذا النوع من المهن بشكل معيّن بحيث يضمن عائداً جيداً لممارسي هذه المهنة، وفي الوقت نفسه يقدم خدمة اجتماعية، ولكن جوهر هذه المهنة يكمن في خدمة المجتمع، ومن هنا نجد أن أكثر هذه المهن أهمية من الناحية الاجتماعية هي مهنتا الطب والصيدلة، وهما من هذه الناحية تعتبران مهنة واحدة، وإذا سيطر الجشع على هذه المهنة وتحوّلت فلسفة إدارة هذه المهنة من خلفية إنسانية إلى خلفية تجارية ربحية بحتة، فإن هذا ما نعتبره مؤشراً خطيراً للغاية، والأخطر من هذا كلّه هو تحوّل الأطباء والصيادلة إلى عناصر معادية للمجتمع، بحيث تتمحور نظرتهم إلى المجتمع على تحقيق أكبر عائد مادي ممكن، بغضّ النظر عن العواقب الأخلاقية والإنسانية التي تترتب على هذا العائد.

وبالحديث عن نظام مناوبات الصيدليات في طرطوس، يجري إلزام المواطن بشراء الدواء في فترة المساء والليل وفي العطلات من صيدليات محددة بعينها يجري اختيارها دون أن يكون هناك أي معيار واضح لذلك.

المشكلة أننا نمر الآن في أزمة تتفاقم كل يوم لجهة توفر الدواء، فأي دواء عادي تحتاج إلى البحث عنه في أكثر من صيدلية في الظروف الطبيعية، فما بالك إذا كان الدواء نادراً نسبياً!؟

والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا على المواطن قطع مسافات طويلة للبحث عن دواء متوفر في الصيدليات غير المناوبة، ولكنه غير متوفر في الصيدليات المناوبة؟! ما العبرة في ذلك؟! أو مثلاً أن يشتري دواء من صيدلية مناوبة معينة في أقصى شمال طرطوس، ويشتري دواء آخر للمريض نفسه في أقصى جنوب طرطوس، وبالطبع يترتب على ذلك دفع المزيد من المال أجور تكسي.

هناك حاجة وضرورة ملحّة لمعالجة هذا الواقع، من خلال العمل على تغيير نظام المناوبة الخاص بالصيدليات، بحيث يتضاعف عدد الصيدليات المناوبة ثلاث مرات على الأقل، لضمان وصول مؤكد للمواطن إلى مخزون الأدوية الخاص بالمدينة، وفرض عقوبات بحقّ الصيدليات التي لا يوجد فيها مخزون دوائي معين من المناوبة، إذ لا يجوز إلزام المواطن بالذهاب إليها، والعمل على إلزام الأطباء والصيادلة بالتنسيق فيما بينهم، فيما يتعلق بالخطط العلاجية الدوائية، والمقصود هنا عدم قيام الطبيب بوصف أدوية مفقودة أصلاً في الأسواق.

أخيراً

شئنا أم أبينا، الأزمة تنتقل في تفاصيل حياتنا اليومية من مكان إلى آخر، دون أن تدع لنا حرية التقاط الشهيق، فإلى متى سنبقى على ما نحن عليه؟ وهل يفكر فينا أحد يا ترى!؟ أخشى ما أخشاه أن نكون نحن في وادٍ والمعنيون في وادٍ آخر.. وسامحونا!

 

العدد 1107 - 22/5/2024