متّعني بحقوقي لأقدّم واجباتي!

ريم داوود:

جلسة عائلية، جمعة لطيفة، وتبادل آراء وحوارات يتخلّله مشهد درامي لأحد المسلسلات (أنا مواطن بهاد البلد وإلي حقوق من حقي طالب فيها..)

سؤال يقاطع حواراتنا:

-أمي ماذا تعني كلمة مواطن؟

-مواطن من مواطنة يا عزيزتي.

-أمي وماذا تعني المواطنة؟

صمتُّ قليلاً أبحث عن عبارات تناسب إدراك طفلتي لأستطيع من خلالها أن أوضح لها ذلك المفهوم العميق بطريقة بسيطة.

-المواطنة يا صغيرتي لها معانٍ عديدة قد تكون في مشاركة الفرد بأمور وطنه، كما تعني أيضاً تأمين وإشباع الحاجات الأساسية لأفراد المجتمع، وفي معناها العميق يا طفلتي تعني الحقوق التي تكفلها الدولة لمن يحمل جنسيتها.

-حسنا يا أمي، لكن ما هي الحاجات الأساسية التي يجب أن تؤمَّن للأفراد؟

-صغيرتي الجميلة، الحاجات الأساسية لأيّ إنسان تتجلّى في تأمين مستلزمات الحياة من طعام وشراب ومسكن وأمان، ويتخلّل هذه الأمور ما تؤمّنه الدولة للمواطنين من خدمات صحية، واجتماعية تتمثّل في التعليم وتوفير الماء والكهرباء والمواصلات وغيرها من أمور الحياة المختلفة.

-نعم يا أمي فهمت ما تقولين، لكنني أتساءل كيف يمكننا أن نحقّق المواطنة التي تتحدثين عنها دون كهرباء ووقود يكفينا وغاز نستخدمه لقضاء حاجاتنا الأساسية؟

صمت عاد يغمرني ولغة جسدي تُعبّر عن تأييدي لطفلتي التي شكّكت في قدرتها على فهم ما طرحت.

منذ نعومة أظفارنا ونحن نسمع بمصطلحين اثنين متلازمين جنباً إلى جنب وهما الحقوق والواجبات، فما هي حقوق المواطنة وواجباتها؟

حقوق المواطنة: تَمنح كلُّ دولةٍ لمواطنيها مجموعة من الحقوق تتمثّل في الحقوق المدنية والسياسية، وهذا ما يَرتبط بالحُرية بكل أشكالها، كالحق في الحياة الآمنة وعدم تهديد الحياة بالخطر أو التعرّض للاستغلال، الحق في حرية التعبير عن الرأي والتفكير.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: الحق في العمل وفق نظام الضمان الاجتماعي. الحق في السكن، الحق في التعليم، الحق في الحصول على الرعاية الصحية، إضافة إلى الحق في الحصول على التأمين الصحي وتلبية احتياجات المناطق الريفية للخدمات الصحية بالمستوى نفسه للخدمات التي تُقدَّم في المناطق الحضرية.

الحقوق البيئية والثقافية والتنموية: وتتمثّل في حق المواطن في العيش في بيئة غير ملوّثة ونظيفة وآمنة.

واجبات المواطنة: جدير بالذكر أن المواطنة لا تقتصر فقط على الحقوق والمطالبة بها، فهناك واجبات يُفترض بالمواطنين تأديتها، وتتمثّل في احترام القوانين والأنظمة، تعزيز المبادئ والقيم التي ينصُّ عليها دستور الدولة وقوانينها، دعم الدولة ومُساندتها في حالة الكوارث الطبيعية، والحالات الطارئة، والحروب، محاربة الفساد ومنع انتشاره، دفع الضرائب المترتّبة على المواطن. أمام هذا الطرح العميق، لا يسعنا سوى أن نتساءل: هل ينال الشعب السوري حقوقه من المواطنة؟ وهل يقدّم هذا الشعب ما يترتّب عليه من واجبات؟

وإذا كان المصطلحان متلازمان متكاملان، فهل يجوز أن يُطالبَ الشعب بتقديم واجباته دون الحصول على حقوقه التي تضمن له العيش الكريم؟

أسئلة نضعها برسم حكوماتنا والمسؤولين فيها عن تحقيق مبادئ المواطنة كاملة غير منقوصة.

العدد 1105 - 01/5/2024