واقعية التحليل.. وحتمية المواجهة

كتب رئيس التحرير:

من راقب وسائل الإعلام الأوربية عشية الاستحقاق الدستوري السوري، وبعد إعلان نتائج السباق الرئاسي، يلتقط دون عناء سمتين بارزتين.. طبعتا مواقف الإعلام الأوربي؛ السمة الأولى (ببغائية) الإعلام الأوربي، وبشكل مفضوح للموقف الأمريكي (الآمر)، والسمة الثانية غياب الاجتهاد الخاص بكل دولة أوربية، بعد جملة من التغييرات والمستجدات التي نقلت المسألة السورية من حالة السكون والترقب إلى حالة الحركة والفعل، وأهم هذه المستجدات ما تمخضت عنه هبة أشقائنا في فلسطين، ومراجعة بعض الأشقاء والأصدقاء لمواقفهم من الأزمة السورية، بعد كشف (المستور) والنوايا المبيتة تجاه سورية التي لم تقل (نعم) لاستباحة الكيان الصهيوني للشرق الأوسط، وهو جوهر المخطط الأمريكي الصهيوني الذي رسم للمنطقة العربية وما حولها. وتناست الميديا الأوربية، وهي (الخبيرة) في شؤون الفلسفة والسياسة والاقتصاد باعتبارها وريثة المنعطفات العالمية الكبرى، أن غياب التراكم الداخلي لا يصنع التغيير، وأن العامل الخارجي مهما كان مؤثراً سيأخذ بأحلام الطامحين للتغيير إلى مهب الريح، مهما اتسمت طموحاتهم بالنبل، والمصداقية.

المطلوب اليوم الاستفادة من دروس الأزمة وعِبرها وعوامل تطورها داخلياً وخارجياً، ووضع تحليل واقعي لمرحلة آتية تعدّ الأخطر في التاريخ السوري المعاصر، فبالاستناد إلى هذا التحليل الواقعي البعيد عن تضخيم معطياته أو تهميشها، ستتمكن بلادنا أن تخرج من النفق الذي أراده التحالف الدولي المعادي لسورية مستقراً لها.

لنبحث عن مكامن القوة والضعف، ونحدد الأولويات، ونسعى إلى توحيد كلمة السوريين بمختلف أطيافهم السياسية والاجتماعية والإثنية، فالآتي يمكننا اختصاره بكلمة واحدة: المقاومة:

1- مقاومة الاحتلال الصهيوني والأمريكي والتركي للأرض السورية.

2- مقاومة محاولات التقسيم، والعمل على وحدة سورية أرضاً وشعباً.

3- مقاومة أي تسوية لا تضمن سيادة سورية ووحدتها، وخيارات شعبها السياسية والديمقراطية.

4- مقاومة محاولات زرع الفتن الطائفية والمناطقية والإثنية بين فئات الشعب السوري، وذلك عبر حوار وطني شامل يضم الجميع.

5- مقاومة أي سيناريو لإعادة الإعمار، يكون بمثابة (حصان طراودة) لانتزاع مآرب عجز أعداء سورية عن الحصول عليها بالغزو والحصار.

6- مقاومة التيئيس واللامبالاة تجاه هموم الوطن، الذي تغذيه أطراف مشبوهة، بعد المعاناة المعيشية المأسوية التي تتعرض لها أكثرية الشعب السوري، وذلك باتخاذ حزمة من الإجراءات السريعة التي تخفف من أعباء الفئات الفقيرة والمتوسطة.

لقد ساهم حزبنا الشيوعي السوري الموحد وساهم غيرنا أيضاً بقسطه في التمهيد لوضع هذا التحليل الواقعي، فقد قدم بمناسبة الاستحقاق الدستوري رؤية شاملة ركزت على عوامل النهوض السوري واستمرار المواجهة، عبر حزمة من الاقتراحات على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وما نأمله اليوم هو التحرك باتجاه تنفيذ جميع الاقتراحات المقدمة من حزبنا وجميع القوى السياسية الأخرى، والتي تمهد لمنعة بلادنا، وصلابة شعبنا لمواجهة الآتي.

حل المهام الصعبة يبدأ بخطوات صحيحة.

العدد 1104 - 24/4/2024