طموحك تذكرة مفتوحة لدخول عالم النخبة

ريم داود نخلة:

نحيا لهدف الوصول إلى صورة مشرقة نرسمها في أذهاننا منذ الطفولة، ونسعى جاهدين لتحقيق ما نحلم به والسير على طريق أهدافنا، فكلما حققنا نجاحاً في مكان ما أو وصلنا إلى هدف معين أصبحت الخطوة التالية أصعب وأكثر دقة من سابقتها، وازدادت معها المغامرة والتحدي، لكن هذا التحدي لا ينجح من غير الطموح.

فالطموح هو الدافع الذي يجعل الانسان قادراً على تأدية عمله بالشكل الأمثل دون أن يتقاعس أو يشعر بالخيبة والضعف والملل مهما كانت العقبات والمطبات التي تواجهه صعبة وقاسية، إذ يتطلب الطموح حافزاً قوياً يدفع الانسان إلى تأدية مهامه بهمة عالية وصبر كبير، دون الالتفات أو الاهتمام لمحاولات الآخرين لتقييد هذا الدافع وجرّ صاحبه نحو الخيبة وإضعاف عزيمته وهمّته. فمع الطموح يستطيع الإنسان الإبداع والتميز والوصول إلى النجاح.

مستويات الطموح وتأثيرها على الشخصية:

كما ذكرنا، الطموح مرتبط بالدافع والحافز الذي يدفع الانسان للنهوض والسير نحو تحقيق أهدافه وأحلامه.

فالأشخاص ذوو الطموح المنخفض هم في الغالب أشخاص يميلون إلى تجنب الصعاب والمغامرة تحت شعار لن ينجح ذلك ولا أستطيع فعله، وهذا بالضرورة سوف يعود عليهم بالسلب وسيقودهم إلى مستويات نجاح منخفضة لأنهم يكتفون بالقليل ولا يسعون إلى تطوير ذواتهم.

الأشخاص ذوو الطموح الكافي، وهم في الغالب يتميزون بتحديد مهامهم بشكل واقعي، يتمتعون بثقة عالية وبقدرة على النجاح حتى لو تعرضوا للفشل، فهم قادرون على تصحيح المسار في الوقت المناسب والشكل المناسب.

أما الأشخاص ذوو الطموح المفرط يضعون نصب أعينهم أهدافاً مستحيلة ويميلون إلى المغالاة والمبالغة في وضع خططهم، مما يقودهم في الغالب إلى الفشل لأنهم بالغوا منذ البداية في وضع أهدافهم.

كيف يؤثر الطموح على شخصية الإنسان؟

يتركز الطموح في سعي الانسان إلى تحقيق النجاح الدائم، ويعمل الفرد من خلال طموحه على تحسين مستواه الفكري، الثقافي، العلمي، العملي، المهني، الاجتماعي والاقتصادي، فالطموح الصحي هو وضع أهداف واقعية، لكنها في الوقت نفسه لا تخلو من الصعوبة وتتميز بالتحدي والمغامرة، وعليه يعمل الطموح على دفع صاحبه إلى تحقيق ما يهدف إليه بالترتيب وليس دفعة واحدة، أي أنه يدفع بالإنسان إلى طريق منظم مرتب يحقق ما خطط له دون الانحراف عن مساره ودربه، فالطموح تذكرة مفتوحة لولوج عالم المتفردين.

إن القوة النفسية التي تنبعث في داخل النفس  الإنسانية هي الضمانة التي تمكن الفرد من تجاوز ركوده وجموده فكرياً كان أم بدنياً، كما تمكنه من منح مجتمعه أفكاراً أو اختراعات وتصورات جديدة، فإذا ما تأملنا التاريخ ومسار الحضارات الانسانية وجدنا أن الطموح الفردي كان له دور أساسي في تطور هذه الحضارات، فمنذ العصور الحجرية بداية باكتشاف النار، ومروراً باكتشاف الكهرباء وما تبعها من اختراعات وابتكارات خدمت الإنسانية والبشرية جمعاء، فجميعنا كان يستند إلى طموح فردي أو جماعي، لكن الهدف منها كان واحداً وهو الارتقاء والنهوض بالمجتمعات.

والسؤال هنا: لو فقد أديسون طموحه بعد محاولاته الفاشلة كيف كان سيكون حال البشرية اليوم؟ ولو فقد مخترعو العقاقير طموحهم في البحث العلمي وحافزهم في العمل ماذا كان سيحل بنا؟

وهل يمكننا كأفراد نمتلك عقولاً مفكرة اصطفانا الله بها عن سائر مخلوقاته أن نتوقف عن التفكير والطموح والابتكار؟

إننا اليوم نحيا وسط أمواج متلاطمة من التغيرات والتحديات على جميع الأصعدة والمجالات، قد لا تسمح للضعيف بالاستمرار في خوض غمارها وتتطلب من القوي شد العزيمة وشحذ الهمم، لذا لابد أن نؤكد أهمية أن يكون الطموح متوازناً خالياً من الانفعال السلبي وكل مظاهر التنافس غير السوي، فالإنسان الطموح عليه أن يعمل للقفز بذاته والارتقاء بمجتمعه بعيداً عن كل تفكير سلبي عدائي، وأن يضع نصب عينيه الغاية الإيجابية وهدف التطوير.

 

العدد 1104 - 24/4/2024