مجلس الشعب يبدأ أعمال جلسته الأولى من الدورة العادية الثانية .. المهندس عرنوس: خدمة المواطن هدفنا وتوفير أسمى مؤشرات الحياة الكريمة حق له

بدأ مجلس الشعب أعمال جلسته الأولى من الدورة العادية الثانية للدور التشريعي الثالث يوم الأحد 17/1/2021 برئاسة حموده صباغ (رئيس المجلس) وحضور المهندس حسين عرنوس (رئيس مجلس الوزراء) وعدد من الوزراء.

وأكد صباغ في كلمة له بمستهل الجلسة أهمية تحقيق خطوات جديدة نحو الأمام بما يلبي حاجات وتطلعات المواطنين الذين يستحقون منا بذل المزيد من الجهد والعمل المتواصل لبلوغ الأفضل، لافتاً إلى ما يربط المجلس بالحكومة من تعاون وتكامل مثمر كل حسب دوره ووظيفته ومهامه واختصاصاته، فالهدف لكليهما واحد وهو تعزيز صمود شعبنا الأبي والتصدي لأصعب التحديات التي نواجهها في تاريخنا المعاصر.

وأعرب صباغ عن أمله بأن يكون نقاش مجلس الشعب مع الحكومة مفعماً بروح المسؤولية الوطنية، ملتزماً بفهم الحقيقة الموضوعية وداعماً للجهد الوطني الصادق في اختيار النهج الأفضل لتلبية احتياجات المواطنين، في هذه الظروف الصعبة والدقيقة.

وأكد رئيس مجلس الوزراء خلال الجلسة أن الحكومة، ورغم التحديات المتتالية التي ألقت بثقلها على عمل مختلف أجهزة الدولة وعلى السوريين كافة، عملت جاهدةً منذ توليها مهامها في النصف الثاني من عام 2020 على دفع عملية الإصلاح قدماً، التزاماً منها بالمبادئ التي وردت في البيان الحكومي.

وفيما يتعلق ببرنامج تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، أوضح رئيس مجلس الوزراء أنه تم تطوير الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بمحاورها المختلفة، وتعزيز دور الأجهزة والمؤسسات الرقابية في رقابة فعالة على أجهزة الدولة، مؤكداً أنه فيما يتعلق ببرنامج الإصلاح القضائي فان وزارة العدل تعمل في إطار هذا البرنامج مع الجهات ذات الصلة وفق مجالات (تعزيز النزاهة من خلال تعديل القوانين وإنجاز القضايا في المحاكم ودعم الاستقلال القضائي).

وأشار المهندس عرنوس إلى أن البرنامج الوطني للتنمية الزراعية يهدف إلى تطوير الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وزيادة إنتاجيته وإمكانات تسويقه.

وبشأن البرنامج الوطني للنهوض بالصناعة، أوضح رئيس مجلس الوزراء أنه تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات، أبرزها دعم المناطق الصناعية والحرفية المحدثة واستكمال البنى التحتية فيها بنسبة إنجاز مادي 100 بالمئة ومالي 98 بالمئة، فقد بلغ الإنفاق المالي 3.3 مليارات ليرة خلال النصف الثاني من عام 2020، كما تم تقديم التسهيلات للأنشطة الصناعية من خلال برنامج إحلال المستوردات، ودعم أسعار الفائدة على القروض، وتنفيذ عدد من مشاريع الاستبدال والتجديد في مؤسسات وزارة الصناعة، وقد بلغ الإنفاق المالي على هذه المشاريع خلال النصف الثاني أكثر من 2 مليار ليرة.

وشدد رئيس مجلس الوزراء على أن الشعب السوري ما زال يعاني بسبب العقوبات والإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة من قبل محور الغرب المعادي الذي تقوده أمريكا، التي فرضت على السوريين واقعاً أليماً، موضحاً أن القوى المعادية لسورية تواصل اتباع سياسة التضييق والحصار الخانق وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية بحق الأفراد والكيانات الاقتصادية السورية وآخرها ما يسمى (قانون قيصر) الأمريكي الذي شمل إضافة إلى أصحاب الفعاليات الاقتصادية جميع الجهات التي تتعامل مع الدولة السورية في مختلف أنحاء العالم، وفي مقدمتها شركات الدول الصديقة، مبيّناً أن هذا القانون الأمريكي الجائر طالت عقوباته المؤسسات السورية الحيوية التي لا يمكن دونها تأمين مستلزمات الحياة الضرورية من طعام وأدوية ولباس.

وأشار المهندس عرنوس إلى أن الحكومة ومنذ انطلاق عملها تعي حجم التحديات والصعوبات التي ستواجهها نتيجة لهذه العقوبات وما خلفته من آثار سلبية على المواطن السوري، تزامنت أيضاً مع الآثار السلبية لجائحة كورونا التي ألقت بظلال كثيفة على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي للمواطنين، وأتت أيضاً الحرائق المفتعلة التي تعرضت لها أربع محافظات فزادت من حجم تلك التحديات لتكون شكلاً جديداً من أشكال الحرب على سورية.

وأكد أن مؤسسات الدولة عملت على مواجهة هذه الضغوط رغم حجم الدمار والتخريب الكبير الذي لحق بمختلف القطاعات الخدمية والاقتصادية، وقال: إننا متفقون جميعاً على أن خدمة المواطن هي هدفنا المشترك، وأن توفير أسمى مؤشرات الحياة الكريمة هو حق للمواطن الذي يعاني للسنة العاشرة على التوالي من آثار الحرب الوجودية التي يتعرض لها بلدنا.

وأكد المهندس عرنوس أنه في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية تعمل الحكومة على التخفيف من وطأة معاناة السوريين، من خلال التركيز على مفهوم العدالة ودفع العجلة الإنتاجية والسعي لتأمين مختلف المستلزمات اللازمة سواء من خلال الاستيراد أو من خلال تشجيع الإنتاج المحلي، فقد استطاعت الحكومة تأمين جزء كبير من الاحتياج الدوائي للجهات الصحية ومختلف المواد التموينية الأساسية للمواطنين، إضافة إلى دعم العملية التصديرية من خلال سلة من الإجراءات وتخصيص المبالغ المطلوبة للدعم. وقد شهد عام 2020 ازدياداً ملحوظاً في الصادرات فوصلت إلى حوالي 770 مليون دولار بالأسعار الاسترشادية، بزيادة قدرها 17 بالمئة عن عام 2019.

وأوضح المهندس عرنوس أنه تم العمل على إعادة تأهيل مشاريع الري وخطوط الصرف الصحي ومحطات المعالجة، ومتابعة تنفيذ الخطة الوطنية لمحطات معالجة الصرف الصحي المكانية، فقد وُضع بالخدمة، خلال الأشهر الستة الماضية، عدد من المشاريع (إنشاء السدود والسدات، إنشاء مشاريع إرواء، محطات تحلية، صيانة شبكات) في مختلف المحافظات، أهمها سد الوغر بريف دمشق بكلفة 700 مليون ليرة، واستكمال تنفيذ المرحلة الرابعة من خط الجر الثاني لمياه أعالي نهر العاصي بقيمة 560 مليون ليرة، وإعادة تأهيل شبكات ري سهول حمص وحماة من قطينة إلى الرستن التي تروي مساحة 21 ألف هكتار بقيمة 1.3 مليار ليرة، وافتتاح مشروع الري الحكومي (القطاعين الثالث والخامس) في دير الزور اللذين يرويان ما يزيد على 14 ألف هكتار في الريف الشرقي، ويصل عدد الأسر المستفيدة من هذا المشروع إلى 21 ألف أسرة، ووصلت كلفة تنفيذه إلى 5.6 مليارات ليرة، ويزيد العائد الاقتصادي المتوقع له على  36.3 مليار ليرة.

وفي مجال النفط والطاقة أكد رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة مستمرة بتلبية حاجة البلاد من المشتقات النفطية بمختلف المصادر المتاحة داخلياً وخارجياً، رغم الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها في هذا المجال والاستهداف الممنهج لناقلات النفط المتوجهة إلى سورية، فقد جرى اعتراض سبع ناقلات نفطية بهجمات إرهابية في عرض البحر، وآخرها الناقلتان اللتان تم استهدافهما في مياه البحر الأحمر، وأدى ذلك إلى تأخر وصولهما لأكثر من شهر، ونجم عنه توقف مصفاة بانياس عن الإنتاج وحدوث نقص في كميات المشتقات النفطية المطلوبة لسد حاجة البلاد من مادتي البنزين والمازوت.

وقال: لا بد أن نبين لكم أن إنتاجنا من النفط الخام كان يصل إلى 385 ألف برميل قبل الحرب على سورية، بينما لا يتجاوز إنتاجنا الحالي 20 ألف برميل يومياً، ما أدى إلى زيادة الاعتماد على النفط المستورد، وتالياً استنزاف القطع الأجنبي بكميات كبيرة لتسديد ثمن المشتقات النفطية، مبيناً أن كمية توريدات النفط الخام بلغت خلال الفترة من 1/7 حتى نهاية العام الماضي 1.2 مليون طن بما قيمته 456 مليون دولار، وكانت القيمة الإجمالية لمجموع توريدات النفط الخام والمشتقات النفطية خلال الأشهر الستة الماضية 820 مليون دولار.

وحول قطاع الكهرباء أشار المهندس عرنوس إلى وجود مصاعب كبيرة في تأمين الغاز اللازم لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، ما أدى لانخفاض القدرة على توليد الكهرباء حالياً لتصبح من 2500 إلى 2800 ميغا واط، في حين أن احتياج البلاد من الكهرباء يصل إلى حوالي 7000 ميغا واط، وذلك انعكس سلباً على كمية الكهرباء التي يتم تزويد المحافظات بها، وتالياً زيادة ساعات التقنين.

وقال إن الحكومة تتابع العمل على زيادة إنتاج محطات التوليد من الكهرباء، من خلال إعادة تأهيل ما دمره الإرهاب من محطات توليد وإنشاء محطات جديدة بقدرات محلية ومساعدة بعض الدول الصديقة، وقد سبق أن تم توقيع عقد مع الجانب الإيراني لإنشاء محطة توليد اللاذقية، والعمل يسير وفق البرنامج الزمني لهذا المشروع، إضافة إلى إنجاز عملية التعاقد لإعادة تأهيل عنفتين في محطة حلب الحرارية بكلفة إجمالية وقدرها 124 مليون يورو، ونحن الآن في المراحل النهائية للتوقيع على العقد.

وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى حجم المعاناة الكبيرة للمواطنين ولا سيما أصحاب الدخل المحدود، وهذا ما دفع للعمل على زيادة التعويضات والمنح المالية لتحسين الدخل للعاملين في الدولة وتحسين قدرتهم الشرائية، وقد صدر خلال الفترة الماضية عدد من المراسيم التي استهدفت تعديل تعويض طبيعة العمل لفئات محددة، وبلغ العبء المالي لهذه المراسيم 38 مليار ليرة، لافتاً إلى أنه يجري العمل حالياً على إصدار تعويضات إضافية للأطباء الشرعيين على شكل مكافأة شهرية بواقع 130 ألف ليرة، ومنح الأطباء باختصاص طب الأسرة أيضاً مكافأة شهرية بواقع 50 ألف ليرة، ويأتي هذا الإجراء من أجل تعويض النقص الحاصل في هذه الاختصاصات النادرة واستقطاب العدد الكافي من الطلاب في الجامعات.

وشدد المهندس عرنوس في ختام كلمته على أن رهان البعض على إسقاط الدولة السورية بدولاراتهم التي أغدقوها على القتلة والمجرمين أمثال (داعش) وأخواتها قد فشل، فهؤلاء لم يقرؤوا التاريخ قطّ، فكم مرت على بلادنا من ويلات وغزاة وحملات وطامعين وكلهم اندحروا على أسوارها وخلف أبوابها وبقيت سورية بأهلها قلعة منيعة، ونحن اليوم أيضاً لدينا كل اليقين بقدرة أهل سورية الشرفاء على الانتصار في هذه الحرب، وذلك من خلال الوعي والالتفاف الشعبي حول الجيش العربي السوري والثقة بحكمة السيد الرئيس بشار الأسد.

وفي مداخلاتهم دعا عدد من أعضاء المجلس إلى الحد من ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وإلى زيادة الرقابة التموينية على الأسواق، مطالبين بمضاعفة الجهود للنهوض بالواقع الخدمي والاقتصادي وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين والتشدد بمحاسبة المحتكرين والمتلاعبين بلقمة عيش المواطنين، والإسراع بتأمين مازوت التدفئة وتخفيض ساعات التقنين الكهربائي وتطبيق العدالة بالتقنين.

وطالب عدد من الأعضاء بإيجاد حل لمشكلة المواصلات التي تشهدها أغلب المحافظات، وتثبيت العاملين في الدولة، والنظر بطلبات العاملين الراغبين بالعودة للعمل بعد الحصول على الموافقات اللازمة، وحل مشكلة الأراضي المستملكة، وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وصرف تعويضات للمتضررين بسبب الإرهاب، وإعادة تأهيل معامل القطاع العام، والحد من رفع أسعار الأدوية، وإنهاء التباين في أسعارها بين الصيدليات وتشديد الرقابة عليها.

كما نوه بعض الأعضاء بالجهود النوعية التي تبذلها الحكومة لتأمين المواد والاحتياجات الأساسية للمواطنين، في ظل الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري والتي تعيق تأمين التوريدات من المشتقات النفطية والقمح وقطع التبديل للمشافي وخطوط الإنتاج والأدوية المزمنة والسرطانية وغير ذلك الكثير، مشددين على ضرورة دعم القطاع التعليمي بكل مراحله، ومحاربة التطرف والإرهاب وتأمين الكوادر التعليمية للأرياف.

العدد 1104 - 24/4/2024