من أعلام اليسار | عليّ خُلقي

زياد الملا:

ولد علي خلقي في دوما عام 1909، وبسبب حرمانه من حنان الأم وهو في العاشرة من العمر، وقسوة زوجة الأب لدرجة أنها طردته من الدار بغياب الأب، يمّم شطر بيروت وهو في السادسة عشرة من العمر أي في عام 1925. وفي بيروت وهو جائع وبأسمال بالية لفتت نظره الصحف المعلقة وافتتاحية إحداها: مات نصير الكادحين أناتول فرانس! فقرأها بنهم وعرف كاتبها: يوسف إبراهيم يزبك الذي يعمل في الميناء موظفاً ومترجماً، وسرعان ما عرف عن الحزب الذي تأسس في لبنان.

وهكذا تعرف عليّ خلقي بالفكر الماركسي في عام 1925، وظل ماركسياً حتى أواخر أيام حياته دون أن يكون عضواً فعالاً في الحزب إلا أنه أسهم في بعض نشاطاته لاسيما سنوات 1928-1939.

يقول علي خلقي في لقاء معه في داره يومي 7-8 تشرين الأول 1983:

أصبحت عضواً لفترة من الوقت، في فرقة حزبية تأسست في دمشق في بداية عام 1928 تحت إشراف هيكازون بوياجيان.. وفي أوائل عام 1929 وزعت منشوراً بعنوان (ماتت مدرسة الفرير) فهذه المدرسة هي الوحيدة التي رفضت المشاركة في الإضراب العام، ولكن البوليس اعتقلني مع رفيقي وهو شيوعي، أثناء لصق وتوزيع المناشير في سوق الحميدية. اتصلت بحلقة المثقفين الماركسيين الشباب: كامل عياد وسليم خياطة ونسيب الاختيار، وكان فؤاد الشايب في بداياته الماركسية.. واصطفيت منهم سليم خياطة كي يحدثني عن غوركي والأدب البروليتاري ونضالات الشعوب. وكتب سليم خياطه مقدمة مجموعتي القصصية اليتيمة وعنوانها (ربيع وخريف) (26/2/1931).

يقول سليم في المقدمة: (… أما خلقي فهو من الشباب، ولكنه فتى نابه ذكي، وفي نفسه ظمأ لما هو سام، وإذا كنا لا نجد في كتاباته شيئاً من ذلك السمو الذي نفتش عنه، فليس هذا بالأمر العظيم، بل يكفينا منه أنه شاب أخلص لروحه ، ولعاطفته، وترك ما يقولون جانباً وحاول أن يكون له مثل أعلى يوحي إليه ويخط له الصراط الذي يحسبه مستقيماً. كفى الإنسان فخراً أن يفتش عن الحقيقة، وليس عاراً عليه إن لم يصلها، إذ إن الحقيقة في الواقع ليست في غير حيّز تفكير صاحبها.

إن خلقي أديب يكتب للأدب ولا يكتب لغيره من سفاسف الحياة. يحلم في ضرب من الجمال، ويحاول أن يمسك بذلك الجمال. يحق لنا أن نفخر بهذا الطراز من الشباب، لأنه طراز يرجى للناس من مجهوده وإخلاصه وحرية تفكيره أن يتلمسوا في الأدب ما كان جميلا، مفيدا ولذيذا …).

ويتحدث علي خلقي عن شخصيات ماركسية لعبت دوراً معيّناً سنوات 1930-1935 مشيرا إلى ناصر حدّة وهيكازون بوياجيان وأرتين مادويان وأوهانيس أغباشيان وفرج الله الحلو وأحمد زكي الأفيوني، ثم تعرّفه على خالد قوطرش وليان ديراني ونسيب الاختيار ومنير سليمان… ويضيف: (… كان رشاد عيسى مثالاً للنزاهة والإخلاص الشيوعي.. وفوزي الزعيم نموذجاً للبسالة الشيوعية.. وسليم خياطه الممثل الحقيقي لجيل المثقفين الماركسيين، ولعل كامل عياد هو أول ماركسي في سورية ولبنان يحصل على الدكتوراه في الفلسفة من برلين في بداية عام 1930. وأما خالد فالحديث عنه يطول؛ إنه ماركسي دوماً وصامد وعنيف. كان يلهب المشاعر بخطبه.. وكان لصوته وطوله ووجهه وعينيه دوراً في هذا التأثير والجاذبية…).

فارق علي خلقي الحياة في عام 1984.

العدد 1104 - 24/4/2024