انعدام الثّقة: (الحكومة_ تكامل) ثنائيّ الرّعب! .. المواطن: إلّا الرّغيف!

ريم الحسين:

بسبب الفشل الذريع لشركة (تكامل) في القدرة على تطبيق القرارات وآلية توزيع المواد على البطاقة الذكية، أصبح لدى المواطن نفور عام لدى سماعه عن أي سلعة أساسية يتم إدراجها على هذه البطاقة حتى قبل أن يتمكن من معرفة مدى جدوى العملية أو مميزاتها.

نجحت شركة تكامل في إفشال الخطط الحكومية، وساهم معها المسؤولون عن التنفيذ، فقد كان الهدف من البطاقة الذكية (بحسب ما صُرح بعيداً عن ملكيتها وأسباب ظهورها) دعم المواطن بالأسعار وتخفيض نسبة الهدر ووضع حد للفساد والسرقات، لكن على أرض الواقع تفاقمت المشكلة بشكل كبير.

آخر المواد المدرجة على هذه البطاقة كان الخبز، الذي يعتبر خطاً أحمر، ذلك أنه السلعة الوحيدة المتبقية للفقراء تساندهم على حفظ أمعائهم للاستمرار في الحياة، فإذا نظرت إلى هذا القرار من وجهة نظر خارجية تراه براقاً مع أهداف سامية، فأتمتة الرغيف ستساهم أولاً في لجم الطوابير المرعبة على الأفران وما يرافقها من مآسي التدفيش والصراخ والضرب والشتم والوقت المستنزف ساعات للحصول عليه، وكذلك تحقيق العدالة الاجتماعية من حصول كل عائلة على كفايتها دون أن يحرم البعض بسبب الإرهاق المرافق لعملية شرائه بسبب الازدحام الشديد من قبل الباعة أو أصحاب المطاعم وغيرهم من المستفيدين من هذه العملية العشوائية وعمالة الأطفال بالنسبة للعائلات التي تنجب أعداداً كبيرة كاستثمار، وتحول أطفالها إلى مشاريع ارتزاق منها طوابير الأفران، إضافة إلى الحدّ من الهدر في الأفران لمادة الدقيق، ومن السرقات والمحسوبيات والتجارة الجانبية لهذه المادة الأولى على سلم الحاجة للبقاء، وغيرها من المنافع المتبادلة للطرفين، لكن هذه الفوائد الخلبية سرعان ما تتلاشى إذا أخذنا نظرة داخلية إلى الفوضى والتشتت والضياع وعدم القدرة على ضبط هذه الآلية والتحكم بها، وخصوصاً الفساد المرافق لها وذلك من خلال التجربة على المواد الأخرى التي تم إدراجها ضمن هذه البطاقة.

فالمحروقات لم تصل الدفعة الثانية للمواطنين حتى آخر الشتاء، وبعضهم لم يحصل على الأولى حتى الآن، وجرة الغاز أصبحت الرعب الحقيقي وهوس الانتظار، فقد كان من المفترض أن يحصل المواطن على جرة كل ٢٣ يوماً، لكن على الأرض يستغرق ذلك ثلاثة أشهر، فضلاً عن مخصصات الرز والسكر التي زادت من حدة الطوابير، بينما لم يحصل المواطن على الشاي والزيت على هذه البطاقة على الإطلاق إلا مصادفة.

وهنا السؤال فإما السبب من السرقات والالتفاف على القرارات وهذه مشكلة كبيرة، أو بسبب سوء التطبيق وآلية الإدارة والتنفيذ وهذه مشكلة أكبر، أو السبب هو التقصير في الكميات التي تقدمها الحكومة وهذه المشكلة الأعظم وإما تضافرت الأسباب السابقة معاً، وهذه هي الكارثة الحقيقية.

نحن لسنا ضد القرارات التي تساهم في حل المشاكل لكلا الطرفين: المواطن والحكومة، نحن ضد آلية تنفيذ هذه القرارات وتطبيقها، فعلى سبيل المثال كانت تجربة بيع الخبز في بعض المناطق جيدة عن طريق المعتمدين في منافذ بيع كثيرة العدد بحيث تحصل عليه كأنك تشتري أي سلعة أخرى دون استنزاف وخصوصاً في هذه الظروف، لكنها كانت سيئة في مناطق السيارات الجوالة التي تزاحم عليها الناس كأنهم على الأفران، وبهذا تفقد أسباب الاستعانة بها من الأساس موضوعيتها ووجودها إضافة إلى الرعب من التطبيق الجيد في الأيام الأولى كما جرت العادة ومن ثم تعود كارثة المحروقات من قلة موارد وفساد ومحسوبيات، وعلى الرغيف فهذه الطامة الكبرى!

على ما يبدو لدى البطاقة المسماة ذكية وشركة تكامل سمعة تسبقها حتى يستعر الغضب بين المواطنين جميعاً لهذا القرار حتى دون معرفة نتائجه (اللي عندكم مخبور)! فضلاً عن الثقة المعدومة بين المواطن والحكومة بحيث أن أي قرار هو موضع شبهة ورعب وطريقة جديدة لإذلاله وتجويعه وإفراغ جيوبه، فهذا ما تعوّد عليه وعلى ما يبدو مستمر.

المجد للشّهداء، حماة الدّيار عليكم سلام.

العدد 1104 - 24/4/2024