سيناريو التهديدات الأمريكية لإيران والتداعيات والاحتمالات المفتوحة

رزوق الغاوي:

على الرغم من أن مراقبين كثراً رأوا في دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لضم الجولان السوري المحتل للكيان الصهيوني، أنها مجرد خطوة خطاها ترامب بغية التغطية على مشكلات وإشكالات سياسية يعاني منها داخل بلاده قد تحول دون بقائه في البيت الأبيض لدورة ثانية، فإن آخرين يرون أنها تندرج ضمن سيناريو (صفقة العصر) الأمريكي ــ الصهيوني المبارك من اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، الهدف منه فرض واقع جديد في جغرافية المنطقة يخدم الاستراتيجية الأمريكية ــ الصهيونية تجاه المنطقة العربية في شقيها الآسيوي والأفريقي وفضائها وطيفها الإقليمي ذات الأهمية الاستراتيجية .

وتشكل دعوة ترامب لضم الجولان للكيان الصهيوني الحلقة الثانية من سيناريو (صفقة العصر) التي سبق أن أطلقها الرئيس الأمريكي والتي تتضمن مشروع (القدس الكبرى) ونقل السفارة الأمريكية إليها ، فيما تتمثل الحلقة التالية باعتراف واشنطن بضم الضفة الفلسطينية المحتلة للكيان الصهيوني، مستغلة انسياق وانقياد الممالك والإمارات والمشيخات الخليجية وتخاذلها وتسابقها لإرضاء واشنطن وتل أبيب الذين تبتزهم جميعاً بذريعة خطرٍ إيرانيٍ مزعوم، يضاف إلى ذلك مضي الإدارة الأمريكية في سياق آخر، باتجاه توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والحيلولة دون عودة النازحين السوريين منه إلى ديارهم .

ويبدو واضحاً أن واشنطن ماضية عملياً في تنفيذ هذا السيناريو متعدد الاتجاهات والأهداف والذي يشكل امتداداً لما حصل في العام 1948 حي قُدِّمت فلسطين على طبق استعماري غربي إلى الصهيونية العالمية لتكون قاعدة الارتكاز والانطلاق الإمبريالي البريطاني الأمريكي العدواني ضد هذه المنطقة.

ومن دون شك فإن الجميع يدرك خلفيات التصريحات الأمريكية وخاصة تلك التي يطلقها الرئيس الأمريكي في هذه الآونة بشأن المواقف الأمريكية من شؤون المنطقة والإقليم، وبشكل خاص من إيران، وما تخفيه تلك التصريحات في ثناياها من نيات عدوانية مبيتة تحت عناوين وذرائع لا يمكن أن تنطلي على أحد، مع الأخذ بالاعتبار التهديدات الأمريكية لطهران بالويل والثبور وعظائم الأمور، فقد أرفقت واشنطن تهديداتها بإرسال ألف وخمسمئة من جنودها إلى المنطقة وصل ستمئة منهم يحملون معهم معدات حربية وأسلحة حديثة بغية تعزيز الوجود العسكري فيها ولحماية القوات الأمريكية، على حد تعبير الرئيس ترامب وبعض المسؤولين الأمريكيين، في وقت تزداد فيه حدة التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وخاصة بعد اتهام مدير الأركان الأمريكية المشتركة (مايكل غيلداي) الحرس الثوري الإيراني، بالمسؤولية المباشرة عن الهجمات الأخيرة ضد السفن التجارية وحاملات النفط قبالة الفجيرة الإماراتية، والهجوم الصاروخي على محيط السفارة الأمريكية في العاصمة العراقية بغداد.

وقد أشارغيلداي إلى أن الدفعة الجديدة من الجنود الأمريكيين تضم مهندسين عسكريين سيعملون على تحصين الدفاعات الأمريكية الموجودة في المنطقة، وأن القوة العسكرية التي وصلت في وقت سابق إلى المنطقة تضم حاملة الطائرات أبراهام لينكولن وقاذفات استراتيجية من طراز (بي 52) وطائرات تجسس مهمتها رصد ما أسماه (تحركات إيران ووكلائها)، كل ذلك يندرج في إطار حملة الاتهامات التي توجهها واشنطن إلى إيران لابتزاز كل من السعودية ودولة الإمارات وصولاً إلى عقد صفقات أسلحة معهما بلغ عددها 22 صفقة تقدر قيمتها بثمانية مليارات دولار.

خلاصة القول، إن الكيان الصهيوني وداعميه من قبل دوائر القرار الأمريكي يدفعون نحو مواجهة عسكرية مع إيران تكون المنطقة العربية أو بعضها مسرحاً لها، وسط تأييد خليجي لتلك المواجهة التي إن وقعت فعلاً (وهذا أمر مستبعد)، فإن بلدان مجلس التعاون الخليجي ستكون في مقدمة من سيدفع الثمن الذي سيكون باهظاً، وستخلق قواعد اشتباك جديدة متطورة في مجمل عملية الصراع العربي الصهيوني.

العدد 1104 - 24/4/2024