الأخطار المحدقة بالأمن الغذائي في سورية

“النور”-  خاص:

لم يكن أمن السوريين الغذائي بمعزل عن مجريات الحرب المستمرة من نحو 8 سنوات، إذ شهد هذا القطاع تدهوراً كبيراً نتيجة تدمير البنى التحتية الخاصة بالزراعة والصناعة والتصدير ومنشآت إنتاج الغذاء عموماً، ما أدى إلى اتساع شريحة السوريين (المحتاجين)، ووصولها إلى أرقام ونسب لم تشهدها سورية من قبل.

إن مشهد المواطنين وهم يصطفون في طوابير للحصول على ربطة خبز أو يتدافعون للفوز بأسطوانة غاز، يعيد إلى الأذهان فترة الثمانينيات من القرن الماضي، يتكرر المشهد ذاته اليوم، ولكن الذي تغير هو مُخرج المشهد، فالتصريحات والتبريرات والوعود والاجتماعات وكاميرات الصحافة نفسها، ويبقى المواطن هو الضحية الأولى والأخيرة، والدليل الكبير ما نسمعه ونشاهده عن وفاة أطفال سوريين نتيجة البرد والجوع.

وفي الوقت الذي كانت سورية تتغنى بالاكتفاء الذاتي في أهم المواد الغذائية، أصبحت اليوم تعيش على المساعدات والمعونات التي ترسلها الدول الحليفة.

ويبدو أن المشكلة المتعلقة بتحديات الأمن الغذائي وتزايد فرص التهديد لجهة ما يتعلق بإمكانيات الوصول إلى السلع والخدمات لا تتعلق فقط بمستوى الإنتاج المحلي للسلع الغذائية الذي شهد تدهوراً كبيراً طوال سنوات الحرب، بل أيضاً بسبب التراجع في القدرة الشرائية للدخول أو فقدان فرص العمل ومصادر الدخل من جانب آخر.. إذ إن وسطي الأجر الشهري في الوقت الراهن يشكل أقل من 50% من تكلفة الغذاء الشهري الذي لا يقل عن 35000 ل.س حسب تقديرات بعض الاقتصاديين.

وبالمقابل، وبحسب المكتب المركزي للإحصاء، فإن نسبة الأسر غير الآمنة غذائياً في سورية وصلت عام 2007 إلى 2,31%، رغم أن هذه النسبة قد تراجعت في عام 2018 كما يؤكد المكتب بسبب الوضع الأمني في بعض المناطق، مستبعداً أن يكون لهذا التراجع أي علاقة بتحسن الوضع الاقتصادي في سورية.

إن أبرز أسباب صعوبة تحصيل الغذاء بالنسبة لفئات واسعة من الشعب السوري يعود، إلى حد كبير، للغلاء الفاحش لأسعار هذه السلع والبضائع نتيجة شحّ الإنتاج الزراعي والصناعي، في حين أن دخل السوريين بات متهاوياً إلى حد كبير، وإلى استمرار حالة الاستعصاء في الإنتاج المحلي وغياب الخطط البديلة للحكومة في ظل العقوبات الاقتصادية على البلاد.

إن كارثة ستحل بالأمن الغذائي السوري إذا لم يتوضع استراتيجية جدية لبدء الخروج من آثار الأزمة في سورية.

إذ إن هناك خطراً جدّياً بتشظي القطاع الغذائي، بمكوّنيه النباتي والحيواني، إلى حدود التلاشي.

لقد بات أكثر من ثلثي عدد السكان في سورية بعد 8 سنوات من الحرب بحاجة إلى مساعدات مختلفة، وذلك بحسب تقرير لاتحاد العمال.

وبحسب التقرير بعد الأمن الغذائي أبرز الاحتياجات الأساسية للأسرة بنسبة 86%، إذ لاتزال أسرتان من كل ثلاث أسر تعاني من نقص في الإمدادات الغذائية، تليها المواد غير الغذائية بنسبة 37%، كما زادت نسبة السكان الذين يعيشون في فقر مدقع بمقدار الضعف من نحو 34%قبل الأزمة إلى 68%.. كما بلغ متوسط تكلفة سلة من المنتجات الأساسية التي تستهلكها الأسرة في جميع المحافظات السورية (31 ألفاً و180 ليرة سورية)، أما فيما يخص حجم الإنفاق وبالأخص على الغذاء فقد قدر التقرير نفسه الحاجة الشهرية لكل فرد من أسرة مكونة من خمسة أفراد ب650 ل.س يومياً كي تحقق تغذية سليمة بالحدود المقبولة.. أي أن الأسرة بحاجة إلى نحو 97500 ليرة شهرياً للغذاء السليم فقط من دون التطرق إلى الحاجات الأخرى.. وبحسب ما أشار إليه اتحاد نقابات العمال فإن الأسرة السورية المكونة من خمسة أفراد تحتاج إلى 240 ألف ليرة سورية شهرياً لسد نفقات معيشتها، فالكثير من الأطفال والنساء بحاجة إلى دعم غذائي بما يؤكد ضرورة إيجاد حلول طويلة الأمد بعكس الاتجاه الحالي.

العدد 1104 - 24/4/2024