فلسطين… أرض لا تموت وشعب لا يُنسى

حسن البني:

من منّا الآن في هذا العصر، لاسيما الجيل الناشئ من الشباب العربي، لم يرَ ولم يسمع ويشاهد ويتابع ما يجري من أحداث على الأرض فيما يخص القضية الفلسطينية وتبعاتها والتطورات الحاصلة يوميا في غزة؟ فيعتبر يوم 29 تشرين الثاني وهو اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، فرصة لتسليط الضوء على الانتهاكات الحاصلة بحق الأرض والإنسان في فلسطين المحتلة، والتي لم تتوقف منذ احتلال الصهاينة لها بعد حرب عام 1948 وإلى احتلالهم لمناطق الضفة الغربية وقطاع غزة بعد حرب عام 1967 وحتى اليوم، فالحربان ساهمتا في تشريد ما لا يقلُّ عن المليون ونصف المليون فلسطيني، حتى بلغ عددهم اليوم حوالي ستة ملايين لاجئ.

من أخطر الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، هي حرمانه من العيش بسلام وأمان، وما يتعرّض له من أساليب وحشية للقتل والتعذيب والاعتقال والتهجير والاعتداء على أرضه وعرضه، فهذا الشعب لم يشهد يوماً لم يكن فيه مهدّداً على أرضه التي ولد عليها وتربّى فيها، والانتفاضات التي شهدتها فلسطين على مرّ الأعوام، كانت شاهداً على ما تعرّض له هذا الشعب من إذلال وإهانة واعتداء على أبسط حقوقه المدنية. وبالرغم من ذلك، لا يزال هذا الشعب ينتفض كلّ يوم لاسترداد أرضه وإعلان دولته التي كانت ومازالت عاصمتها القدس، فنحن نشهد اليوم محاولات لتهويد القدس وجعلها عاصمة أبدية لإسرائيل، وقد كان آخرها الحديث عمّا يُسمّى (صفقة القرن)! فإعلان أمريكا وبعض الدول الحليفة لها نقل سفاراتها إلى القدس، كان تمهيداً لهذه الصفقة التي مازالت تُحاك تفاصيلها في الأوساط الدولية، واعترافاً سافراً منهم بيهودية القدس، وهذا ما دقَّ ناقوس الخطر لدى العديد من دول العالم، فهذه المدينة المقدسة التي جمعت بين المقدسات المسيحية والمسلمة، مُعرّضة اليوم للهدم والاندثار ومحو معالمها وآثارها بحجّة التابوت المزعوم لدى الصهاينة.

لكن الحق يقال، بأن العالم وقف اليوم على غير عادته وقفة قوية مناهضة لهذا المشروع، فقد شهدنا في الآونة الأخيرة موقف دولي رافض لإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ومستنكرٌ للموقف الأمريكي المتمثّل بنقل السفارة الأمريكية للقدس، فأغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة صوتت ضدّ هذا القرار، ويعتبر هذا بحدّ ذاته موقف إيجابي بخلاف ما اعتدنا عليه من مواقف سلبية لبعض الدول الأعضاء، ويُعتبر هذا الموقف بمثابة تضامن وانتصار لحق الشعب الفلسطيني في العيش على أرضه، فالانتفاضة التي تشهدها غزة هي أقوى تعبير عن قوة هذا الشعب بالرغم من تخاذل وسلبية بعض الدول وبالأخص بعض الدول العربية صاحبة القضية والتي نقولها مع شديد الأسف، بأنها باعت وتنازلت عن حقها فيها، لا نزال نؤمن وندافع عن اليوم الذي تعود فيه الحقوق لأصحابها، فلا حق يضيع وخلفه مُطالب شرس وعنيد.

العدد 1105 - 01/5/2024